الموضوع: تابُوتُ السَّكِينةِ

1

تابُوتُ السَّكِينةِ ..

الإمام المهديّ ناصر محمد اليمانيّ
14 - ربيع الآخر - 1431 هـ
30 - 03 - 2010 مـ
01:42 صباحًا
(بحسب التّقويم الرَّسمي لأم القُرى)
________



تابُوتُ السَّكِينةِ ..


بِسم الله الرَّحمن الرَّحيم، والصَّلاة والسَّلام على أشرف الأنبياء والمُرسَلين، والحمدُ لله رَبّ العالَمين..

وأما بالنسبة لسؤالك عن التَّابوت فقد أجبنا عليه قبل عِدّة سنين وقلنا: فإذا كان في التّابوت بَقيةٌ مِمَّا ترك آل موسى وآل هارون، وبما أن الذي يفتيهم بذلك نبيُّ الله هارون فهل تريدون أن يقول: {وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَىٰ وأنا}؟

أم تريدونه أن يقول: {وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَىٰ ونحن}؟

بل لا بدّ له أن يقول: {فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَىٰ وَآلُ هَارُونَ} صدق الله العظيم [البقرة:248].

فما لكم كيف تحكمون وكيف تتفكّرون؟! فما خطبكم حتى ولو وجد السَّائلُ الحَقَّ في مليون مسألةٍ ومن ثمّ تأتي مسألةٌ لم يفهمها أو لا يحيط بعلمها ويظُنّ الإمام المهديّ نطَق فيها بغير الحقّ فينقلب على عقبيه؟ أولئك كالأنعام. ولكنك أيها السائل لستَ منهم؛ بل من المُكرمين بإذن الله كونك أردت أن تتبيَّن الحقّ ولم تتوَلَّ على عقبيك، وثَبَّتك الله على الصراط المُستَقيم، فهل فهمت الخبر؟ فقد وضحنا في بيانٍ سابقٍ قبل أكثر مِن ثلاث سنواتٍ وفصَّلنا تفصيلًا في حوارنا مع الأخ الكريم (حلمي 33) فلا أزال أذكر أن اسمه هكذا، وهو من القرآنيِّين، وحاورني وسألني بذات سؤالك فأجَبنا عليه إجابةً مُفَصَّلةً، غفر الله لَكُم وللإمام المهديّ معكم ولجميع المُسلِمين.

يا أخي الكريم، ألا تزال من أصحاب عقيدة العذاب في القبر؟ ألم نُفَصِّل لَكُم الحَقّ في ذلك تفصيلًا مِن مُحكَم الكِتاب؟ أم إنَّكم لا تُصَدِّقون بالإسراء والمعراج وأنَّ مُحمدًا رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - حَقًّا مَرّ بأصحاب النّار يتعذّبون في نار جهنم؟ وكذلك أراه الله جنَّة المأوى في ليلة الإسراء والمعراج (شاهد من آيات ربّه الكبرى ومنها الجنّة والنار)؛ بل ذلك تصديقٌ لقول الله تعالى: {وَإِنَّا عَلَىٰ أَن نُّرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ ﴿٩٥﴾} صدق الله العظيم [المؤمنون].

فقد أراه الله ذلك ليلة الإسراء والمعراج، ومَرّ بأهل النيران التي أُعِدَّت للكافرين، وزار أهل الجِنان التي أُعِدَّت للمُتَّقين، أفلا تتفكَّرون إخواني المؤمنين؟ وسَبَق التفصيل مِن قبل في بيانٍ قديمٍ فصَّلنا فيه العذاب من بعد الموت في نار جَهنَّم في ذات جَهنَّم، ولم أنُكِر العذاب من بعد الموت لِمَن يشاء الله مِن الكافرين الذين أقام عليهم الحُجَّة، وإنَّما نُنكِر أن يكون في حُفرة السوءة، فهل تريدون أن تُشَكِّكوا الناس في دينكم؟! فالكذِب حِباله قصيرةٌ؛ فسرعان ما يكشفون حقيقة هذه العقيدة على الواقع فلن يجدوا ضلوعًا تَحطَّمت ولا قَبرًا احترق!

ونُحَذِّر الذين يُصَوِّرون للناس صور أشخاصٍ احترقوا نتيجة حوادث ومِن ثمّ يجعل منها أسطورةً أنها لشخصٍ تعذَّب في قبره، فما ظَنّ الذين يفترون على الله الكذب يوم القيامة؟! أفلا يتََّقون؟ وإنما أراد المُنافِقون أن يُشَكِّكوا النَّاس في دينكم إلى يوم الدِّين، ألا والله لولا فِرية عذاب القبر لدخل العالَمين في دين الإسلام، ولكنهم لم يجدوا ما تعتقدون في عذاب القُبور، ومِن ثمّ يصرفون التفكير عن دينكم ويقولون: "إنهم مُخَرِّفون فلم نجد ممّا يعتقدون شيئًا"، برغم أنها قبورٌ لكفارٍ نعلم أنهم كفارٌ في حياتهم ولم تحترق قبورهم ولا تتحطَّم أضلاعهم، ولكني الإمام المهديّ الذي لا يقول على الله ما لا يعلم وأفتَينا في العذاب من بعد الموت أنَّه في جهنَّم في ذات جهنَّم للكفار الذين أقام الله عليهم الحُجَّة، وأمَّا الكُفَّار الذين لم تُقَم عليهم الحُجَّة فمثلهم كمثل الرَّاقدين لا يشعرون بشيءٍ مِن لحظة موتهم؛ لا يشعرون لا بجحيمٍ ولا بنعيمٍ ولا يعلمون بالبعث يوم الدِّين، ولذلك أدهشهم حدث البعث وسألوا: "من الذي بعثنا؟ ولماذا؟!"، فأخبرهم الذين حذَّرهم رسل الله من قبل بذلك.

وسلامٌ على المُرسَلين، والحمدُ لله ربّ العالَمين..
____________


اقتباس: اضغط للقراءة
آخر تحديث: 08-07-2023 03:14 PM