الموضوع: ردّ الإمام المهدي إلى المهتدي؛ لكل دعوى برهان فلنحتكم إلى القرآن ..

1

ردّ الإمام المهدي إلى المهتدي؛ لكل دعوى برهان فلنحتكم إلى القرآن ..


الإمام ناصر محمد اليماني
25 - 11 - 1429 هـ
23 - 11 - 2008 مـ
12:43 صباحاً
ــــــــــــــــــــــ



ردّ الإمام المهدي إلى المهتدي؛ لكل دعوى برهان فلنحتكم إلى القرآن ..

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على جدّي النّبيّ الأميّ خاتم الأنبياء والمرسَلين محمد رسول الله صلّى الله عليه وآله الأطهار الهُداة إلى الحقّ والتابعين للحقّ في كل زمانٍ ومكانٍ إلى يوم الدين، وبعد..

يا أيّها المُهتدي، إن كنت تريد الهُدى فاتّبِع الإمام المهديّ إلى الحقّ الذي اصطفاه الله فزاده بسطةً في العلم على جميع علماء الأمّة ليجعل ذلك هو برهان الاصطفاء لخليفة الله في الأرض، واصطفى الله آدم وزاده بسطةً في العلم على الملائكة ليجعله المُعلم لهم لأنّه زاده بسطةً في العلم عليهم، ومن ثم أراد الله أن يُعلّم الملائكة وجميع الصالحين من الجنّ والإنس أنّ برهان الخليفة عليهم هو الذي يزيده الله بسطةً في العلم عليهم، ومن ثم أراد الله أن يُبيّن للملائكة أنّ برهان القيادة هي البسطة في العلم فوجّه إلى الملائكة سؤالاً حتى يقيم عليهم الحجّة أنّ اصطفاء خليفة الله في الأرض أمرٌ يخصّ الرحمن وليس للعبيد من الملائكة والجنّ والإنس من الأمر شيئاً، وكذلك ليُعلّمهم كيف يعلَمون الذي اصطفاه خليفةً له عليهم بالحقّ بأنّه سيزيده بسطةً في العلم حتى يجعله مُعلّماً لهم، وأراد الله أن يقيم الحجّة مع البرهان على الواقع الحقيقي بأنّ برهان الخلافة هو بسطةُ العلم لمن اصطفاه الله خليفةً له، وكذلك ليعلموا بأنّ ذلك أمرٌ يختصّ بمالك المُلك الذي يؤتي مُلكه من يشاء وليس لهم من الأمر شيئاً غير الطاعة لخليفة الله عليهم وأنّهم قد تجاوزوا حدودهم بالمعارضة في شأن الخلافة وقالوا أنّهم أولى أن يكون خليفة الله الشامل منهم؛ فهم يُسبّحون بحمد ربّهم ويُقدسون له، ومن ثم أقام الله الحجّة عليهم، وقال لهم: {أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَـٰؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} صدق الله العظيم [البقرة:31].

ومن ثم عجزوا عن الجواب الحقّ على سؤال ربّهم الموجّه إليهم، وكذلك علموا من خلال لهجة السؤال من ربِّهم {إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} بأنّ في نفس ربّهم شيئاً عليهم وأنّهم قد تجاوزوا حدودهم بغير الحقّ في شأن اصطفاء الخليفة، ولذلك ردّوا بالتسبيح لربّهم والاعتراف بالجهل وأنّه لا علم لهم إلا ما علّمهم وقالوا: {قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴿٣٢﴾} صدق الله العظيم [البقرة].

وذلك حتى يتبيّن لهم البرهان الحقّ لخليفة الله وأنّه من كان أعلمهم، ومن ثم عجز الملائكة عن الجواب الحقّ على سؤال ربّهم. وقال: {قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ} صدق الله العظيم [البقرة:33].

وهنا علّم الله الملائكة درساً في برهان القيادة بأنّهُ يزيده بسطةً في العلم عليهم أجمعين، وإنّ هذا هو البرهان والدستور للخلافة في كلّ زمانٍ ومكانٍ لا تبديل لكلمات الله، وشأن الاصطفاء لا شأن للملائكة ولا للأنبياء؛ بل يختصّ به الله وحده لا شريك له الذي يؤتي ملكه من يشاء، وكذلك أراد الله أن لا يختصّ به البشر حتى الرُّسل والأنبياء لا ينبغي لهم التّدخل في شأن اصطفاء الخليفة؛ بل يختصّ به الله وحده، وأراد الله أن يُبيّن لكم ذلك بأنّ شأن الخليفة لا يجوز أن يتدخّل فيه حتى الأنبياء كما لا يجوز لملائكة الرحمن لتعلموا أنّ شأن خليفة الله في الأرض أمر ينفرد به الله مالك الملك وحده فيصطفي مَن يشاء مِن عباده سواء كان الخليفة من المُرسَلين أو من الصالحين فشأن الاصطفاء يختصّ به الله وحده، وقال الله تعالى: {وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّـهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا} صدق الله العظيم [البقرة:247].

ولكنّ بني إسرائيل كان ردّهم كردّ الملائكة من قبل بأنّهم أحقّ أن يكون خليفة الله منهم فهم يُسبّحون بحمد ربّهم ويقدّسون له وكذلك كان ردّ بني إسرائيل. وقال الله تعالى: {قَالُوا أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ} صدق الله العظيم [البقرة:247].

ثم ردّ عليهم نبيّهم وأفتاهم بأنّه ليس من اصطفاه عليهم وأنّ هذا أمرٌ يختصّ به الرحمن مالك الملك يؤتي ملكه من يشاء. وقال الله تعالى: {قَالَ إِنَّ اللَّـهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ ۖ وَاللَّـهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّـهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} صدق الله العظيم [البقرة:247].

وبناءً على ناموس الخلافة في الكتاب بأنّ شأن اصطفاء خليفة الله يختصّ به الله وحده ولا ينبغي للملائكة والجنّ والإنس التّدخل في هذا الشأن وليس لهم الخيرة؛ بل أمرهم أن يطيعوا أمر خليفة ربّهم سجوداً لأمر الله، ومن لم يفعل فقد عصى أمر الله وظلم نفسه فيُصليه ناراً ولن يجدوا لهم من دون الله أنصاراً، وكذلك شأن المهديّ المنتظَر الناصر الخاتم لما جاء به خاتم الأنبياء والمرسَلين شأن اختياره يختصّ به الله وحده فيصطفيه ويؤتيه علم الكتاب القرآن العظيم ليجعله المهيمن على جميع علماء المسلمين والنّصارى واليهود فلا يجادله أحدهم من القرآن إلا غلبه بالحقّ حتى يسلّم تسليماً أو يكفر بما أنزل الله على محمد - صلَّى الله عليه وآله وسلَّم - القرآن العظيم ثم يُعذّبه الله عذاباً نُكراً، وذلك لأنّه لا ولن يأتي ببيانٍ للقرآن خيرٌ من الذي آتاه الله علم الكتاب وأحسن تفسيراً ولو تعمّر ترليون سنة لما استطاع شيئاً، فهل بعد الحقّ إلا الضلال؟

ومن خلال هذا البيان الحقّ في شأن دستور الخلافة يتبيّن لكافة علماء المسلمين بأنّ الذي يؤتيه الله علم الكتاب من بعد رسوله مُكتفٍ بشهادته بالحقّ وشهادة من علّمه البيان الحقّ للقرآن. وقال الله تعالى: {وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا ۚ قُلْ كَفَىٰ بِاللَّـهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ ﴿٤٣﴾} صدق الله العظيم [الرعد].

وبما أنّني أعلم بأنّي الإمام المهديّ الحقّ المبعوث من الله إليكم تصديقاً لوعد الله بالحقّ في كتاب الله وسُنَّة رسوله الحقّ تصديقاً لحديث محمد رسول الله الحقّ. قال: [لا تذهب الدنيا حتى يبعث الله تعالى رجلاً من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي] صدق عليه الصلاة والسلام.

ويا عجبي من علماء أمّةٍ يؤمنون بالحقّ ومن ثم يذروه وراء ظهورهم! فيُحاجّون بالباطل الذي يتناقض مع الحقّ الذي هم به مؤمنون، وذلك لأنّي أراهم يحاجّوني برواية تُنكر أنّ المهدي يبعثه الله وتفتي بالباطل بأنّ النّاس من يصطفونه فيعرِفونه فيُعرِّفونه على شأنه بأنّه المهدي، ويا سبحان الله! فإذا كان لا يحقّ لملائكة الرحمن التّدخل في شأن اصطفاء خليفة ربّهم وكذلك لا يحقّ لكافة الأنبياء والمُرسَلين التّدخل في شأن اصطفاء خليفة ربّهم فما بالكم بمن هم دونهم!

وقد أثبتنا من محكم القرآن العظيم من أُمّ الكتاب من الآيات التي لا يزيغ عنهنّ إلا هالكٌ ظالمٌ لنفسه فيذرُهم وراء ظهره فيعمد إلى ما خالفهم من أحاديثَ ورواياتِ الفتنة برغم أنّ الله قد أفتاهم في مُحكم القرآن العظيم بأنّ السُّنة من عند الله كما القرآن من عند الله، ثم أفتاهم بأنَّ القرآن محفوظٌ من التحريف، ولذلك جعل مُحكمه هو المرجع لِما اختلف فيه علماء الحديث في السُّنة النَّبويَّة التي أفتاهم الله أنّها ليست محفوظةً من التحريف، ولذلك جعل محكم القرآن العظيم هو المرجِع لأحاديث السُّنة النَّبويَّة التي هي من عند الله، وأفتاهم الله في محكم القرآن العظيم بأنّهم إذا اختلفوا في أيّ حديثٍ من الأحاديث الواردة عن النّبيّ - صلَّى الله عليه وآله وسلَّم - بأنّ يرجعوا إلى القرآن العظيم للتدبّر بما جاء في مُحكمه من الآيات البيّنات من أُمّ الكتاب التي لا يزيغ عنهنّ إلا هالكٌ، فإذا وجدوا الحديث النّبوي جاء مخالفاً لأحد أحكام القرآن العظيم فمن ثم سيعلمون بأنّ هذا الحديث النّبوي في السُّنة جاء من عند غير الله؛ من مكر شياطين الإنس بتخطيطٍ من شياطين الجنّ ليصدّوا المسلمين عن طريق السُّنة المحمديّة التي لم يَعِدِ الله بحفظها من التحريف، ولذلك اتّخذوا أيمانهم جُنّة فصدّوا عن سبيل الله بأحاديثَ تخالف لمحكم القرآن العظيم كما حذّركم الله وعلّمكم بهذا المكر الخبيث بأنّه توجد طائفةٌ بين المسلمين من الذين يشهدون أن لا إله إلا الله وأنّ محمداً رسول الله اتّخذوا أيمانهم جُنّة ليكونوا من رواة الحديث فصدّوا عن سبيل الله بغير الحقّ افتراءً على الله ورسوله عن طريق السُّنّة النّبويّة، وقال الله تعالى: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّـهِ ۗ وَاللَّـهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّـهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ﴿١﴾ اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّـهِ ۚ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴿٢﴾} صدق الله العظيم [المنافقون].

ثم بيّن الله لعلماء الأمّة بأنّ صدَّهم ليس بالسيف؛ بل بالافتراء على الله ورسوله بغير الحقّ، وقال الله تعالى: {وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ ۖ وَاللَّـهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ ۖ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّـهِ وَكِيلًا ﴿٨١﴾ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّـهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ﴿٨٢﴾} صدق الله العظيم [النساء].

بمعنى أنّ السُنّة النَّبويَّة الحقّ من عند الله وأنّ الحديث السُنّي الذي يأتي مُخالفاً لمُحكم القرآن حديث مُفترى على الله ورسوله في السُنّة النَّبويَّة التي لم يعِدْكم الله بحفظها من التحريف، تصديقاً لقول الله تعالى: {وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ} صدق الله العظيم، ومن ثم جعل الله القرآن العظيم هو المرجع للحُكم بينكم في شأن هذا الحديث الذي اختلفتم فيه فأمركم أن ترجعوا إلى القرآن فتتدبّروا ما جاء في مُحكمهِ فإذا وجدتم بأنّ هذا الحديث السُّنيّ عن رسول الله جاء مخالفاً لمحكم ما أنزل الله في القرآن العظيم فإنّ ذلك حديثٌ مُفترى على الله ورسوله، وكذلك أمركم محمدٌ رسول الله - صلَّى الله عليه وآله وسلَّم - بأن تجعلوا محكم القرآن هو المرجع وما اختلف معه فهو مُفترى وليس منه عليه الصلاة والسلام، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام: [ما تشابه مع القرآن فهو مني] صدق عليه الصلاة والسلام.

بمعنى أنّه ما جاء مُخالفاً لمُحكم القرآن العظيم فهو ليس منه عليه الصلاة والسلام، ومن ثمّ وجدنا أمر رسول الله لعلماء الأمّة بأنّ مُحكم القرآن هو الحكم للأحاديث النَّبويَّة مطابقاً لأمر الله في محكم القرآن العظيم وبأنّ القرآن هو المرجع لما اختلف فيه عُلماء الحديث، وذلك لأنّ محمد رسول الله - صلَّى الله عليه وآله وسلَّم - قد أفتاكم بأنّ السُّنة من عند الله كما القرآن من عند الله. وقال رسول الله عليه الصلاة والسلام: [ألا أني أوتيت القرآن ومثله معه].

ثم أفتاكم - عليه الصلاة والسلام - بأنّ القرآن هو المرجِع لما اختلفتم فيه من الأحاديث النَّبويَّة وما خالف محكمه فهو ليس منه عليه الصلاة والسلام، ومن ثم تجدون نفس الفتوى لكم عن طريق القرآن العظيم بأنّ السُّنة النَّبويَّة غير محفوظة من التحريف وأنّ القرآن؛ مُحكم القرآن هو الحكم في الحديث النّبوي الذي اختلفتم فيه وأنّ تحتكموا لأولي الأمر منكم إذا لم يعد موجوداً فيكم رسوله وسوف يستنبطون لكم الحُكم الحقّ من مُحكم القرآن العظيم. وجميع هذه الفتاوى الحقّ جاءت في موضعٍ واحدٍ في كتاب الله في قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ ۖ وَاللَّـهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ ۖ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّـهِ وَكِيلًا ﴿٨١﴾ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّـهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ﴿٨٢﴾ وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ۗ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا ﴿٨٣﴾} صدق الله العظيم [النساء].

ويجد جميع علماء المسلمين بأنّ الخطاب في هذا الموضع موجّه لعلماء المسلمين من البداية إلى النهاية، ومن ثم ينبذون ذلك وراء ظهورهم ويتّبعون قول الذين لا يعلمون ويقولون بأنّه موجّه للكافرين بالقرآن العظيم؛ أفلا يتدبّرون القرآن فإنّه لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً! فيظنّ الجاهل أنّ هذا تأويلٌ واضحٌ وجليٌّ وهو قد حرّف المقصود من كلام الله جملةً وتفصيلاً، فإنّه لا يقصد الكافرين لأنّه لم يخاطبهم في هذا الموضع بل يخاطب المسلمين، ولذلك قال الله تعالى: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُـــــهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا}، فكيف تتّبعون تفاسير تُحرِّف المقصود من كلام الله تحريفاً واضحاً ومفضوحاً؟ فإنّ الله لا يُخاطب الكفار من البداية إلى النهاية، فتدبّروا إن كنتم تعقلون حتى يتبيّن لكم الحقّ إن كنتم تريدون الحقّ، فتدبّروا كتاب الله تنفيذاً لأمر الله في مُحكم كتابه: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴿٢٩﴾} صدق الله العظيم [ص].

فتدبّروا وحتماً سوف يتبيّن لأولي الألباب منكم بأنّ التأويل الباطل بالاجتهاد قد أضلّكم حتى عن محكم القرآن العظيم فلم تكونوا تعلموا بأنّ القرآن هو المرجع لما اختلف فيه علماء الحديث، وبسبب تأويلكم للقرآن برأيكم ضلَلْتم حتى عن مُحكم القرآن العظيم واتّخذتموه مهجوراً وجعلتم جُلّ اهتمامكم في الغُنَّة والقلقلة والمدِّ والتجويد، ولا بأس بذلك، ولكنّه ألهاكم عن تدبّر المعنى المقصود من كلام الله الذي هو الأساس من تنزيل القرآن العظيم، أفلا تعقلون؟ فتدبّروا هداكم الله لعلكم تعقلون فترجعوا للمرجعيّة الحقّ مُحكم القرآن العظيم فيما كنتم فيه تختلفون، وقال الله تعالى: {وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ ۖ وَاللَّـهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ ۖ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّـهِ وَكِيلًا ﴿٨١﴾ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّـهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ﴿٨٢﴾ وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ۗ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا ﴿٨٣﴾} صدق الله العظيم [النساء].

ومن بعد التدبّر سوف تستخرجون أحكاماً أساسيّة في الدّين الإسلامي الحنيف لِما كنتم فيه تختلفون وهي:

1 - الحُكم الأول وهي الفتوى بالحقّ بأنّ السُّنة ليست محفوظة من التحريف تصديقاً لقول الله تعالى: {وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ}.

2 - وكذلك يفتيكم الله بأنّه قد كتب افتراءهم عن طريق ملائكتهم.

3 - وكذلك يعلّمكم الله بأنّه أمر محمداً رسول الله أن لا يطردهم لينظر من يعتصم بمحكم القرآن العظيم ممّن يذَره وراء ظهره فيحاجّ بالباطل المُفترى الذي هو ضدّ مُحكم القرآن العظيم، ولذلك لم يأمر نبيّه بطرد المفترين ولذلك استمر مكرهم تصديقاً لقول الله تعالى: {وَاللَّـهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ ۖ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّـهِ وَكِيلًا ﴿٨١﴾ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّـهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ﴿٨٢﴾} صدق الله العظيم [النساء].

4 - والحُكم الرابع وهو معرفة أولي الأمر فيكم إن وجدوا، وهم الذين يزيدهم الله بسطةً في العلم عليكم، وجعلهم أولي الأمر منكم فإذا احتكمتم إليهم فسوف يستنبطون لكم من مُحكم القرآن بُرهاناً يلجمكم إلجاماً ثم تسلّموا لحكم الله تسليماً إن كنتم مؤمنين، كأمثال الإمام المهدي ناصر محمد اليماني.

وأشهد لله شهادة الحقّ اليقين أنّه لا ولن يُجادلني عالِم من القرآن إلا أخرستُ لسانه بالحقّ فيُسلّم تسليماً إن كان يُريد الحقّ أو يعرض عنه بغير الحقّ فيتّبع لما خالفه وذلك لأنّه لن يستطيع أن يأتي بتفسيرٍ خيراً من تفسير الحقّ وأحسن تأويلاً أبداً، ثم لا تجدونه يطعن في تأويل ناصر محمد اليماني فيقول: "كلا يا ناصر محمد اليماني يا من تزعم أنّك المهديّ المنتظَر؛ بل أنت كذابٌ أشِر تُحرّف كلام الله عن مواضعه بالتأويل الباطل الذي ما أنزل الله به من سلطان" ثم يقوم بفضح ناصر محمد اليماني فيأتيكم بتأويل القرآن الذي يُخرس به لسان ناصر محمد اليماني وأنصاره أجمعين إن كان ناصر محمد اليماني على ضلالٍ مبينٍ، ولكنّي أُقسم بربّ الكتاب مجري السحاب وهازم الأحزاب أنّه لا يستطيع أن يغلب ناصر محمد اليماني جميعُ علماء الأمم الأوّلين منهم والآخرين، فلو اجتمعوا على صعيدٍ واحدٍ لأخرسنّ ألسنتهم بالحقّ إن كانوا يؤمنون بالقرآن العظيم حتى لا يجدوا في صدورهم حرجاً ممّا قضيتُ بينهم بالحقّ فيُسلِّموا تسليماً.

وليس ذلك غروراً منّي وأعوذ بالله أن أكون من الجاهلين، ولكنّي أعلم من هو مُعلِّمي الذي يُلهمني الحقّ والباطل؛ الذي علّمني أنّ الشمس أدركت القمر فيولد الهلال في أوّل اليوم والشمس إلى الشرق منه وهلال الشهر الجديد يتلوها من بعد ميلاده والشمس إلى الشرق منه أو يغيب في آخر اليوم من بعد ميلاده والشمس إلى الشرق منه تصديقاً لقول الله تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بِسْمِ اللَّـهِ الرَّ‌حْمَـٰنِ الرَّ‌حِيمِ {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا ﴿١﴾ وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا ﴿٢﴾ وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا ﴿٣﴾ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا ﴿٤﴾ وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا ﴿٥﴾ وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا ﴿٦﴾ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا ﴿٧﴾ فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ﴿٨﴾ قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا ﴿٩﴾ وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا ﴿١٠﴾ كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا ﴿١١﴾ إِذِ انبَعَثَ أَشْقَاهَا ﴿١٢﴾ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّـهِ نَاقَةَ اللَّـهِ وَسُقْيَاهَا ﴿١٣﴾ فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُم بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا ﴿١٤﴾ وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا ﴿١٥﴾} صدق الله العظيم [الشمس].

فأما قوله تعالى: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا ﴿١﴾ وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا ﴿٢﴾ وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا ﴿٣﴾ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا ﴿٤﴾}، وهنا يُبيّن الله لكم شرطاً من شروط الساعة الكُبرى وهو أن تدرك الشمس القمر فيتلوها من بعد ميلاده في عُمره الأول سواءً عند ضحى الشمس في أول اليوم فيتلوها والشمس إلى الشرق منه أو عند غروب الشمس فتغرب الشمس وهو يتلوها والشمس إلى الشرق منه، ولذلك يجد علماء الفلك بأنّ الهلال سوف يغرب والشمس إلى الشرق منه برغم أنّهم يعلمون أنّه قد ولد.

وأقسم بالله لا يستطيع علماء الفلك أن يأتوا بتفسيرٍ علميٍّ كيف يولد الهلال فيغيب قبل غروب الشمس ولم يستطيعوا أن يتوصلوا لتفسير علميّ لذلك، ولكنّهم اكتفوا بقولهم أنّه اختلّ شرط من شروط رؤية الهلال ومن شروطه أن يغرب بعد الشمس! ثكلتكم أمّهاتكم بل اختلّ شرطٌ من شروط النظام الفلكيّ الذي أنتم به موقنون لتصديق شرط من شروط الساعة الكبرى؛ فتدرك الشمس القمر فيتلوها من بعد ميلاده، وحسبي الله على علماء الفلك الذين يعلمون أنّه بحساب توقيت مكة المكرمة سوف يغيب قبل غروب الشمس برغم أنّه قد وُلد، وأقول لهم قاتلكم الله إن لم تعترفوا بالحقّ ومِن متى يغيب الهلال قبل غروب الشمس من بعد ميلاده؟ وأنتم تعلمون بأنّ الهلال منذ أن خلق الله السماوات والأرض يجتمع بالشمس وهو محاق مظلم من الضياء وجه القمر كُليّاً ومن ثم فور ميله عن الشمس يبدأ الثانية الأولى من عُمر الهلال الفلكي مُنفصلاً عن الشمس شرقاً فيتقدّمها ولا ينبغي لها أن تتقدّمه منذ أن خلق الله السماوات والأرض، {لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ ۚ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ﴿٤٠﴾} [يس]، وذلك حتى تعلموا إذا جاءت أشراط الساعة الكبرى نذيراً للبشر فتُدرك الشمس القمر بالفجر فيولد والشمس إلى الشرق منه أو يغرب من بعد ميلاده والشمس إلى الشرق منه؛ بمعنى أنّ حساباتهم تخبرهم بأنّه سوف يغيب قبل غروب الشمس برغم أنّه قد وُلِد، فكيف يكون ذلك يا عُلماء الفلك؟ كيف يولد الهلال ومن ثم يغيب قبل غروب الشمس وأنتم تعلمون أنّه ينفصل عن الشمس شرقاً وليس غرباً! أفلا تعقلون؟

ويا معشر هيئة كبار عُلماء المملكة العربيّة السعودية، إنّكم تعلمون بأنّ كافة عُلماء الفلك مُتّفقون بأنّ هلال شهر ذي الحجّة لعام 1429 سوف يغيب قبل غروب الشمس وقبل الاقتران وحتى قبل الميلاد، ولذلك يرون أنّه من المستحيل رؤية هلال شهر ذي الحجّة لعام 1429 بعد غروب شمس الخميس، ولذلك لن يراقبوا هلالاً رؤيته مستحيلة، فعليكم يا معشر هيئة كبار العلماء بالمملكة العربيّة السعودية أن تقولوا: "يا معشر كافة عُلماء الفلَك في المملكة العربيّة السعودية، إنّكم تُجادلوننا في كُل مرةٍ من إعلان هلال المُستحيل حسب علمكم الفلكيّ الفيزيائيّ الدقيق، فتنازلوا عن كبركم واحضروا لمجلس القضاء الأعلى لكي تتم مُراقبة هلال المُستحيل سويّاً جنباً إلى جنبٍ؛ عُلماء الفلك وعُلماء الشريعة، حتى تعلموا أنّ مجلس القضاء الأعلى لا يُعلن للناس عن يوم عرفة الذي هو أساس الحجّ إلا بعد التأكّد والتّحرّي الدقيق عن رؤية هلال شهر ذي الحجّة، وذلك حتى تعلموا المقصود والمراد من بيان المدعو ناصر محمد اليماني (أدركت الشمس القمر يا معشر البشر أحد شروط الساعة الكبر وآية التصديق للمهديّ المنتظَر)، لأنّكم أخبرُ بهذا من عُلماء الشريعة، وإنّما يراقبون الهلال ويقولون: "فإن رأيناه أعلنّا غرّة شهر ذي الحجّة، وإن لم نرَه أتممنا، وما يدرينا بما يقوله اليماني في هذا الشأن لأنّه يختصّ بعلمه علماء الفلك لعله يتبيّن لنا سويّا شأن هذا الرجل هل هو المهديّ المنتظَر حتى لا نعرض عن الحقّ من ربّ العالمين".

والحمدُ لله الذي علّمني ما لم تكونوا تعلمون فيجعل الحجّة لعبده عليكم في هلال ذي الحجّة لعام 1429، وسوف تُعلن المملكة العربيّة السعودية حتماً بلا شكٍّ أو ريبٍ عن ثبوت رؤية هلال ذي الحجّة لعام 1429 بعد غروب شمس يوم الخميس 29 من ذي القعدة ليلة الجمعة المباركة القادمة غُرّة ذي الحجّة الشرعيّة، والحكم لله وهو خير الحاكمين، اللهم قد بلّغت اللهم فاشهد.

وسلامٌ على المرسَلين، والحمد للهِ ربِّ العالمين ..
كتب الردّ شخصيّاً الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني .
________________
آخر تحديث: 17-05-2019 09:52 PM