الموضوع: بَدَأ بتأويلِ رُؤيا ولكِنَّه تَطوَّرَ وصارَ بيانًا بقَدَرٍ مَقدُورٍ وإلى الله تُرجَعُ الأمور وإجاباتٍ للسَّائلين َ

بَدَأ بتأويلِ رُؤيا ولكِنَّه تَطوَّرَ وصارَ بيانًا بقَدَرٍ مَقدُورٍ وإلى الله تُرجَعُ الأمور وإجاباتٍ للسَّائلين َ..

- 1 -
الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني
02 - رجب - 1444 هـ
24 - 01 - 2023 مـ
08:02 صباحًا
(بحسب التّقويم الرّسميّ لأمّ القرى)

[لمتابعة رابط المشاركة الأصلية للبيان]
https://mahdialumma.xyz/showthread.php?p=405005
____________



بَدَأ بتأويلِ رُؤيا ولكِنَّه تَطوَّرَ وصارَ بيانًا بقَدَرٍ مَقدُورٍ وإلى الله تُرجَعُ الأمور وإجاباتٍ للسَّائلين ..


وعليكم السَّلامُ ورحمةُ الله وبركاته، ويا حبيبي في الله صاحب الرُّؤيا الأنصاري فلا تَعُد أن تَستحلِفَ خليفة الله أن يأتيكَ بتَأويلِ رُؤياكَ بالطَّيَرانِ في جَوِّ السّماء؛ فلستَ وحدَك مِن الأنصار مَن يرى الطيران برَفرفَة الأيدي في جَوِّ السماء بالطّيران فوق المُدُن والجبال وهم بوَضعِيّةِ الامتِدادِ بشكل خَطٍّ مُستقيمٍ بِأُفُق السَّماء بزاوية مائة وثمانين دَرجة أُفُقيًّا وليس جسمه مُعْوَجًّا بزاوية تسعين درجة، بمعنى أنه لا يرى رِجليهِ كَون جِسمهُ مَمدودًا في الطيران وليس مُعْوَجًّا بل جِسمه مَمدودٌ مُستَقيمٌ بخَطٍّ أُفُقيٍّ في جَوِّ السماء وإنَّما يُرفرفُ بأيديهِ ليَستَمرَّ في الطَّيَران قُدُمًا بشكلٍ أُفُقيٍّ في السماء وليس عَموديًّا؛ كونه يرى نفسه فجأةً في الرُّؤيا في منامه أنّه يطيرُ في جوِّ السماء بشكلٍ أُفُقيٍّ ووضعيّة جسمِه ممدودٌ بشكلٍ أُفُقيٍّ وهو ينظر إلى الأرض والجبال مِن تحتِه، فتِلك رؤيا خير وهُدًى إلى صراطٍ مستقيمٍ؛ حُنفاءَ لله لا تُشركون به شيئًا، فقد عثرتَ على الحقّ فاعتَصِم به. والطَّيَرانُ في السماء بعكسِ التَّرَدِّي مِن السماء، تصديقًا لقول الله تعالى: {حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ ‎﴿٣١﴾‏} صدق الله العظيم [سورة الحج].

ويا حبيبي في الله السّائل، لا تستَحلِف الإمام المهديّ ناصر محمد اليمانيّ مَرَّةً أخرى في تأويل رُؤياك، فلو نفتَحُ مَجالَ تأويلِ الرُّؤيا إذًا لمَا استطعتُ أن أكتُبَ لكُم بيانًا للقرآن مِن جرَّاءِ كثرة الرّؤى، وكذلك سوفَ نفتَحُ فُرصةً لِمَكر رؤيا الكَذِب مِن قومٍ آخرين والمُستَهزئين فيفتَرونَ برؤيا ضدَّ خليفة الله المهديّ كذِبًا مِن عندِ أنفسِهم للصَّدِّ عن اتِّباع الصِّراط المستقيم بكل حيلةٍ ووسيلةٍ
، ولذلك نقول الرُّؤيا تَخُصُّ صاحبها ولا نستطيع أن نبني عليها أحكامًا شرعيَّةً عامَّةً للأُمَّة، وكذلك حين نقوم بتأويل الرُّؤيا فحتمًا سوفَ تحدُث لصاحبها مِن بعد التَّأويل لتصديقِ التَّأويل بالحقّ على الواقِع الحقيقيّ.

وربما يوَدُّ أحدُ السّائلين أن يقول: "يا ناصر محمد اليمانيّ، ألم يُفتِكَ الله في الرُّؤيا أنَّك الإمام المهديّ المنتظر خليفة الله في الأرض على العالمِ بأسرِه؟ ورغمَ ذلك تُفتي أنَّ الرُّؤيا لا ينبغي أن يُبنى عليها أحكامٌ شرعيّة للأمّة في دين الله!" فمِن ثمَّ نرُدُّ على السّائل وأقول: اللهمّ نعم، ولكن الله جعل شَرْطًا في رُؤياي بِالحَقِّ على الواقِع الحَقيقيّ أنَّه لا يُجادِلني أحدٌ مِن القرآن إلَّا غلبتُه لتَصديق الرُّؤيا بالحَقِّ، كون الله يُؤتيني عِلمَ كتابِه القرآن العظيم لتصديق الرُّؤيا بالحَقّ فلا يُجادِلني أحدٌ مِن عامَّة الناس أو مِن عُلمائهم مِن القرآن إلَّا غلبتُه بسلطان العلمِ المُبيْنِ مِن مُحكَم القرآن العظيم، ومسألة تعليم عِلم البيان يتولَّاها الله المُعَلِّم لعبدِه بوَحيِ التَّفهيم وليس وسوسة شيطانٍ رجيمٍ بل بسُلطانِ عِلمِ البيان الحقّ للقرآن نستنبطُه مِن مُحكَمِ القرآن كون القرآن مُحكَمًا ومُفَصَّلًا، وتفصيلُه فيه، تصديقًا لقول الله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ {الر ۚ كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ‎﴿١﴾‏ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ ۚ إِنَّنِي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ ‎﴿٢﴾‏ وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ۖ وَإِن تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ ‎﴿٣﴾‏} صدق الله العظيم [سورة هود]، وآياتٌ بَيِّناتٌ لتفصيلِ نِقاطٍ لَم يتِمّ ذِكرُهنَّ (في موضوعٍ سَبَق ذِكرُه)، وعلى سبيلِ المثال: البِشارات التي جاءت لرسول الله إبراهيم وزوجته - عليهم الصَّلاة والسَّلام - بإسماعيل وإسحاق عليهم الصَّلاة والسَّلام، فهم بشارةٌ في مَوقفٍ واحدٍ وقصّةٍ واحدةٍ حدَثت في نفسِ زيارة ضيفِ إبراهيم المُكرَمين الثلاثة - جِبريل ومِيكال ومالِك - عليهم الصَّلاة والسَّلام، كون نبيّ الله إبراهيم - عليه الصّلاة والسّلام - لا يَعرِفُ جبريل حين يتمثَّلُ إلى بَشَرٍ سَوَيٍّ كونَه مِن الذين كَلَّمهم الله تكليمًا وأنزَل إليه الصُّحفَ تنزيلًا مِن السماء؛ كمثلِ صُحفِ إبراهيم وموسى (مِن الذين كلّمَهم الله تكليمًا)، تصديقًا لقول الله تعالى: {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ‎﴿١٦﴾‏ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ ‎﴿١٧﴾‏ إِنَّ هَٰذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَىٰ ‎﴿١٨﴾‏ صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ ‎﴿١٩﴾‏} صدق الله العظيم [سورة الأعلى].

وحينَ يُرسِل الله رسوله جبريل بالوَحيِ على مَن يشاءُ الله مِن أنبيائه ورُسلهِ مِن الإنس والجنّ فإنّهم يُرافِقون جبريل (ميكال ومالك) كون مالِك هو رئيس تسعة عشر مَلَكًا - خزَنة جهنَّم - وتابِعٌ لَه عَتيد، ولِكُلِّ إنسانٍ عَتيد كاتب السَّيئات، وأمّا رقيب كاتب الحسنات فيتبَعُ مِيكال، ولكل إنسانٍ رَقيب كاتِب الحسنات، وكذلك المُعَقِّبات يتبَعون مِيكال، وكذلك مِيكال رئيس المُستَقبِلين المُرَحِّبينَ بأولياءِ الله على أبواب جَنَّات النَّعيم، حتى إذا دخلَ المُتَّقون جَنَّات النَّعيم كذلك يدخلون عليهم مِن كلِّ بابٍ للمُبارَكة بفوزِهم بجنَّات النَّعيم، تصديقًا لقول الله تعالى: {۞ أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَىٰ ۚ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ‎﴿١٩﴾‏ الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنقُضُونَ الْمِيثَاقَ ‎﴿٢٠﴾‏ وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ ‎﴿٢١﴾‏ وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ ‎﴿٢٢﴾‏ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ ۖ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ ‎﴿٢٣﴾‏ سَلَامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ ۚ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ‎﴿٢٤﴾‏} صدق الله العظيم [سورة الرعد].

ألا وإنَّ عَتيد مِن جنود مالِك، ورَقيب مِن جنود مِيكال، وكذلك المُعَقِّبات مِن جنود مِيكال، وكذلك يَتبَع مِيكال الدَّوريَّات للحرَس السّماويَّ على مَقرُبةٍ مِن أبواب السّماء الدُّنيا، تصديقًا لقول الله تعالى: {وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا ‎﴿٨﴾‏ وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ ۖ فَمَن يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَّصَدًا ‎﴿٩﴾‏ وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا ‎﴿١٠﴾‏} [سورة الجن] صدق الله العظيم.

ولكِنَّ الملائكة المُكرمينَ أولياء بعضهم لبعض أجمعين، وجميعهم يأتمِرونَ بأمرِ الرّوح القُدُس جبريل - عليه الصّلاة والسّلام - عِند ذي العرش مَكين مُطاعٍ ثَمّ أمْين، وكافَّة الملائكة أولياء بعضهم لبعض وأولياء الصَّالحين مِن عباد الله، وأجِدُ أنّ المُستَقبِلين المُرحِّبينَ كذلك بقيادة مِيكال، ويتنزَّلونَ إلى أبواب السَّماء السَّابعة للتَّرحيبِ بالضّيوفِ الواصِلين مِن الأرض مِن عِبادِ الله المُقرَّبينَ الذين يدخلون الجنّة مباشرةً بغير حسابٍ مِن قبل يوم الحساب؛ بل مِن بعد مَوتهم يكونون ضيوف الرَّحمن، تصديقًا لقول الله:
{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ ‎﴿٣٠﴾‏ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۖ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ ‎﴿٣١﴾‏} صدق الله العظيم [سورة فصلت].

ومالِك ومِيكال يتنزَّلون مع الرُّوح القدس جبريل - عليهم الصَّلاة والسَّلام - لِمُلاقاة الأنبياء وأئمة الكتاب المُصطَفِين مِن بعد التَّوفي بالموت، وكذلك يتنزَّلون إلى أبواب السَّماء السَّابعة لِمُلاقاة مَن يشاءُ الله مِن عباد الله المُكرمينَ الصِّدِّيقينَ للاستِقبال والتَّرحيبِ تَشريفًا وتكريمًا لهم،
وكذلك يتنزَّلونَ بالوحيِ بالكِتاب بادِئ الأمر - جبريل ومِيكال ومالِك - ورُسلٌ كثيرٌ معهم مِن الملائكة تعظيمًا للقولِ الثَّقيل في كَفَّة الميزانِ؛ تلك كلمة التّوحيد:
(لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ أن لا تعبُدوا إلَّا إيَّاهُ مُخلِصينَ له الدِّين ولو كَرِهَ الكافرون الكارهون رضوانَ الله على عبادِه)

فيتنَزَّلون مع رسول الله الرُّوح القُدُس جِبريل ومعه مِيكال ومالِك والملائكة أجمعين بادِئ الأمْر فَقَط حين تَنزيل الكِتاب في الليلة المُبارَكة إلى رسُل الكِتاب إلى النَّاس بكلمة التَّوحيد الحَقّ (لا إله إلا الله وحده لا شريك له) كون مالِك مِن ضِمنِ الرُّسل بالحَقِّ
، تصديقًا لقول الله تعالى: {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ ۖ قَالَ إِنَّكُم مَّاكِثُونَ ‎﴿٧٧﴾‏ لَقَدْ جِئْنَاكُم بِالْحَقِّ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ ‎﴿٧٨﴾‏}
صدق الله العظيم [سورة الزخرف].

والملائكة أجمعون يتنزَّلون في لَيلة القَدْر على مَن يشاءُ مِن عباده بالكِتاب، ويتنزَّلون أجمعون بادِئ الأمْر تَعظيمًا وإجلالًا ووَقارًا لكلمة التَّوحيد (لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ أن لا تعبُدوا إلَّا إيَّاه مُخلصين له الدِّين ولو كرِهَ الكافرون) كونَ ذلك هو خُلاصة ما جاء في الكُتبِ السَّماويَّة، تصديقًا لقول الله تعالى: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ {أَتَىٰ أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ ‎﴿١﴾‏ يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَىٰ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ ﴿٢﴾‏} [سورة النحل]

وتصديقًا لقول الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ‎﴿٢٥﴾‏} [سورة الأنبياء].

وتصديقًا لقول الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُّوحِي إِلَيْهِم مِّنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ ۗ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۗ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ اتَّقَوْا ۗ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ‎﴿١٠٩﴾‏ حَتَّىٰ إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاءُ ۖ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ ‎﴿١١٠﴾‏ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ ۗ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَىٰ وَلَٰكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ‎﴿١١١﴾‏} صدق الله العظيم [سورة يوسف].

ونَعودُ لِضيفِ إبراهيم المُكرمينَ - جِبريل ومِيكال ومالِك - وقال الله تعالى: {إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ إِنَّا مِنكُمْ وَجِلُونَ ‎﴿٥٢﴾‏ قَالُوا لَا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ ‎﴿٥٣﴾‏ قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَىٰ أَن مَّسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ ‎﴿٥٤﴾‏ قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُن مِّنَ الْقَانِطِينَ ‎﴿٥٥﴾‏ قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ ‎﴿٥٦﴾‏} [سورة الحجر]، فضحِكَت امرأته مِنَ المَوقِف وفرَحًا لزوجها أنّه سوف يتزوَّج فيُنجِبُ غُلامًا عَليمًا، ولم تكن تظُنّ أنّها مَن سوف تحمل - هي - بِنَبيّ الله إسماعيل وإسحاق كونها عَجوزًا قاعِدًا في سِنِّ العُقمِ بسبب اليأس مِن المَحيضِ، وقال الله تعالى: {وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ ‎﴿٧١﴾‏ قَالَتْ يَا وَيْلَتَىٰ أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَٰذَا بَعْلِي شَيْخًا ۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ ‎﴿٧٢﴾‏ قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ۖ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ ۚ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ ‎﴿٧٣﴾‏} صدق الله العظيم [سورة هود]، فالبِشارَتان في مَوقِفٍ واحدٍ، وإنّما تأتي آيةٌ تُفَصِّلُ بالمزيدِ مِن نِقاط الآية المُحكَمة رغم أنَّ البِشارة بإسماعيل وإسحاق هم لإبراهيم، تصديقًا لقول الله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ ۚ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ ‎﴿٣٩﴾‏} صدق الله العظيم [سورة إبراهيم].

وعَلى كُلِّ حال كُنتُ أُريد فقط الإجابة على السَّائل فإذا أنا أكتُبُ بيانًا جديدًا.

وربّما يَوَدُّ أحبّتي الأنصار أن يقولوا: "زِدنا زادَك الله عِلمًا يا إمامنا وذلك بالتَّرفيهِ علينا بِقصص الأنبياء، فنحن في انتظار نَصْرِ الله وأيَّام الانتظار طويلةٌ على النَّفْس". وحتى يأتي نَصْر الله نزِيدُكم مِن قصة إبراهيم ولوط ثم نقول: لا مشكلة. فنزيدكم بقصة المُهاوَشة بين نبيّ الله إبراهيم ونبيّ الله لوط حين التَقيَا في المكان المَعلومِ الذي حدَّدوه - الملائكة - لإبراهيم ولُوط أن يلتقِيا فيه ليَرحَلوا سَوِيًّا مِن نفس المكان الذي أخبروا به إبراهيم ولوط ليَلتقوا في المكان الفُلانيّ ليَرحَلوا سوِيًّا عن قومهم، تصديقًا لقول الله تعالى: {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ ‎﴿٦٥﴾‏} صدق الله العظيم [سورة الحجر]، والتَقيَا وأهلهم حيث أُمِروا في مكان اللِّقاءِ بعد أن تطهَّروا - إبراهيم وزوجته - بالماء كونه مسَسها في تِلك الليلة بعد أن غادرَ الضّيوف مِن بَعْد البُشرى فوَهبَ الله له نَبيّ الله إسماعيل في تلك الليلة، وأمَّا نبيّ الله إسحاق فوَهبَه الله له بعد حينٍ وهم في الأرض المُباركة، تصديقًا لقول الله تعالى: {وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ ‎﴿٧١﴾‏ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً ۖ وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ ‎﴿٧٢﴾‏} صدق الله العظيم [سورة الأنبياء].

ونَعودُ لِحَيث المكان الذي التَقيَا فيه - إبراهيم ولُوط - وأفطروا فُطورَ الصباح بِبَقيَّة العِجْل الحَنِيذ فقد أكلا منه إبراهيم وزوجته مِن قبل أن يتماسَّا مِن بعد مُغادرة الضّيوف، وقَصّ نبيّ الله إبراهيم لِنَبيّ الله لوط قِصَّة العِجْل الذي ذبحه لضيفِه المُكرَمين بِظَنٍّ منه أنّهم ضيوفٌ مِن البشر (الذين هم أنفسهم ضَيْف نَبيّ الله لوط)، وقَصّ نبيّ الله إبراهيم لنبيّ الله لوط بالقِصة وأنّه جادَلهم في قومِ لوطٍ لتأخير هلاكِهم فقالوا: {يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَٰذَا ۖ إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ ۖ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ ‎﴿٧٦﴾‏} [سورة هود]، فهُنا اُستُفِزَّ نَبيّ الله لُوط فعاتَب نبيّ الله إبراهيم فقال نبيّ الله لُوط: "فأمَّا أنا فجادَلتُهم أن يُعَجِّل الله في تَدميرهم الليلة قبل الغَد كوني لا أُطيقُ مِن شِدّةِ الغَيظ صَبرًا إلى الصباح بعد أن عرَضتُ لهم بناتي حين راوَدوني عن ضَيفي، فطَمَسَ الله على أعيُنِ قومي فدخلوا مَضافِي ودخلتُ وراءهم بسَيفي ونوَيتُ قِتالهم بعد أن رفضوا بناتي، فطَمَس الله على أعينهم فلم يُشاهِدوا ضَيفي وأنا أُشاهِدُهم، وخرجوا مِن المَضافِ وطمَّنوني أنَّهم رُسلٌ مِن رَبّ العالَمين بالبُشرى بهَلاكِ قومي المُجرمين، فأخبروني أنَّ الله سوف يُهلكُهم الصباح، فقلتُ لهم لا أُطيق صَبْرًا إلى الصباح، فقالوا ليس بأيدينا أن نُقَرِّبَ مَوعِدهم الآن، وقالوا إنّ مَوعِدهم الصُّبح أليس الصُّبح بقريبٍ؟" فتبسَّم نبيّ الله إبراهيم لامتِصاصِ غَضَبِ نبيّ الله لوط، فقال نبيّ الله لُوط: "سامَحكَ الله يا إمامي رسول الله إبراهيم فأنتَ لا تعلمُ ما صَنَعَ القومُ مِن بعد إخراجك"، فأشرَقت شمس الضُّحى مُنكَسِفةً كُسُوفًا كُلِّيًّا بكوكب سَقَر، فانطلقا باتِّجاه مَكَّة المُكَرَّمة ولم يلتَفِتوا إلى الشَّمس المُنكسِفةً تنفيذًا للأوامرِ حِفاظًا على أبصارِهم، كون سَقَر كانت أقرب إلى الشمس في ذلك المرور.

وأمّا الآن فمرور سَقَر أقرب إلى الأرض فتُحدِث كُسُوفًا سماويًّا كَبيرًا نظرًا لقُربِها الشَّديد مِن الأرض هذه المَرَّة؛ مِن أقرب المُرورات على الإطلاق.

وسَلامٌ على المُرسَلين والحمدُ لله رَبِّ العالَمين..
أخوكم خليفةُ الله المَهديّ؛ ناصر محمد اليمانيّ.
_______________
آخر تحديث: 10-05-2024 04:19 PM
2

بَيانٌ مِن أحسَنِ قَصَصِ الأنبياءِ لتثبِيتِ الفُؤاد ..

- 2 -
الإمام المهديّ ناصر محمد اليمانيّ
07 - رجب - 1444 هـ
29 - 01 - 2023 مـ
08:40 صباحًا
(بحسب التّقويم الرّسميّ لأم القُرى)

[لمتابعة رابط المشاركة الأصلية للبيان]
https://mahdialumma.xyz/showthread.php?p=405581
_________


بَيانٌ مِن أحسَنِ قَصَصِ الأنبياءِ لتثبِيتِ الفُؤاد ..


بِسم الله الرَّحمن الرَّحيم، والصَّلاة والسَّلام على كافَّة رُسُل الكِتاب مِن رسول الله نوحٍ (أولي العَزْم) إلى خاتم رُسُل الله النَّبيّ الأُمّيّ مُحَمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثُمَّ أمَّا بَعد..

ويا مَعشَر الأنصار، نحن وَعدناكم بِما شاء الله مِن قَصَص الأنبياء ولَم نَعِدكم بِقصصهم جميعًا إلى حين.

وعلى كُلِّ حال، نُتِمُّ لكُم قِصّة نَبيّ الله لوط الذي كان يذهَب ليتعلَّم العِلم على يَد نَبيّ الله إبراهيم لِيذهَب فيَستَمِر في حَمْل رسالة الله إلى إبراهيم لِقومه الذي هُم أنفسهم قَوم لوط، فجعل الله لوطًا مِن المُرسَلين، وجعَل الله إبراهيم كمثَل رسول الله جِبريل حين يُكَلِّفه الله بِتنزيل رسالةٍ إلى مَن اصطفاه الله للنَّاس رسولًا، وبِما أنَّ الله كان يُكَلِّم رسول الله إبراهيم تَكليمًا، فكان نَبيّ الله إبراهيم يُعَلِّم الرسالة لرَسول الله لوط عليهم الصَّلاة والسَّلام، فأصبَح رسول الله إبراهيم في مَنزِلة رسول الله جِبريل المُعَلِّم للرُّسُل، وأصبح لوط في منزلة الرُّسُل المُعَلِّمين للنَّاس بالوَحي مِن رَبِّ العالمين، تصديقًا لقول الله تعالى:
{كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ ‎﴿١٦٠﴾‏ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ ‎﴿١٦١﴾‏ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ‎﴿١٦٢﴾‏ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ‎﴿١٦٣﴾‏ وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّ الْعَالَمِينَ ‎﴿١٦٤﴾‏ أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ ‎﴿١٦٥﴾‏ وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ ‎﴿١٦٦﴾‏ قَالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ ‎﴿١٦٧﴾‏} [سورة الشعراء]، فعَقَد قَوم لوطٍ اجتماعًا، وقَرَّروا إخراج لوط وأهْل بَيته المُتَطَهِّرين مِنهم كَما أخرجوا مِن قَبلِه رسول الله إبراهيم وزوجته عليهم الصَّلاة والسَّلام، غير أنه تَمَّ التَّراجُع عن إخراج آل لوط بشرط الاتِّفاق على أن يَبقى لوط في قريتهم بِشَرط أن لا يدعوهم إلى عبادة الله وحده، ولا يَدعو أحدًا مِن العالَمين أو يتكلَّم مع أحدٍ مِن العالَمين، ولذلك دَعا عليهم رسول الله لوط عليه الصَّلاة والسَّلام، تصديقًا لقول الله تعالى: {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ ‎﴿٢٨﴾‏ أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ ۖ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ‎﴿٢٩﴾‏ قَالَ رَبِّ انصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ ‎﴿٣٠﴾‏} صدق الله العظيم [سورة العنكبوت]، فأرسل الله رُسُله الثَّلاثة بالبُشرى لِنبي الله لوط بهلاك قومه بعد أن منعوه مِن الدَّعوة إلى الله، ولذلك تَحَجَّجوا على لوط بالاتِّفاقيَّة حين راودوه عن ضيفِهِ وقالوا: "بيننا اتِّفاق بعد أن أجمعنا على إخراجك وأهلَك المُتَطَهِّرين فأرجأنا بَقاءك باتِّفاقٍ بيننا وبينك على أن تَبقَى بِشرط أن تَصمُت عَنِ الدَّعوة إلى الله وأن لا تُكَلّمنا ولا تُكَلِّم أحدًا من العالَمين وأنت في قريتنا أو تستقبله، ولذلك قال الله تعالى: {وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ ‎﴿٦٧﴾‏ قَالَ إِنَّ هَٰؤُلَاءِ ضَيْفِي فَلَا تَفْضَحُونِ ‎﴿٦٨﴾‏ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ ‎﴿٦٩﴾‏ قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ ‎﴿٧٠﴾‏} [سورة الحجر]، وهو لا يَعلَم أنَّ ضيُوفه ملائكة جاؤوا كذلك بِخَبَر إجابة الله لِدُعاء رسول الله لوط على قومه، وقال الله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَىٰ قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ ۖ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ ‎﴿٣١﴾‏ قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطًا ۚ قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَن فِيهَا ۖ لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ ‎﴿٣٢﴾‏ وَلَمَّا أَن جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالُوا لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ ۖ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ ‎﴿٣٣﴾‏ } صدق الله العظيم [سورة العنكبوت].

وكذلك رسول الله نُوح عَليه الصَّلاة والسَّلام، فبَعْد الدَّعوة ألف سَنة إلَّا خَمسين عامًا وأصابهم الله خِلال الدَّعوة بجَفافٍ وقَحطٍ شَديدٍ بالسِّنين العِجاف مِن المَطَر، وبرغم أنه تَضَرَّر نوحٌ ومَن اتَّبعه مِن جرَّاء الجَفَاف ولكن الضَّرَر الأكبَر على قومه أصحاب الأغنام الكَثير والإبِل والخيول، وأمَّا نوح والذين اتَّبعوه فكانوا فُقَراء لا يمِلكون مِن الأنعام إلَّا قليلًا؛ ولذلك تَزدَريهم أعيُن قَوم نُوحٍ كونهم فُقَراء، ولكِن الضَّرَر الكَبير على قَوم نوحٍ الأغنياء بِكَثرة أنعامِهم والخيول والبِغال والحَمير، فقال نبي الله نوح عليه الصّلاة والسّلام: "فلتدعوا ودًّا وسُواعًا ويَغوثَ ويَعُوقَ ونَسْرًا ليُنزلوا لَكُم المَطَر إن كُنتُم صادقين في دعائِكم لهُم مِن دُون الله، أو تستغفروا الله إنَّه كان غَفَّارًا، يُرسِل السَّماء عليكم مِدرارًا، ويُمدِدْكم بِأموالٍ وبَنينٍ، ويجعَل لَكُم جَنَّاتٍ ويَجعْل لَكُم أنهارًا، وما لَكُم لا تَرجون لله وقارًا؟!"، فاستكبروا - قومه - وقالوا: "بل سَبَب انقطاع المَطَر علينا أنَّه بسبب أنَّك أغضَبت آلِهتنا ومَن اتَّبعك في عبادة الله وحده لا شَريك له، ومِن قَبْل أن تأتينا كانت الأمطار لا تَنقَطِع علينا سِنين، فإمَّا أن تنتهي يا نوح ومَن اتَّبعَك في عبادة الله وَحده أو تكون مِن المَرجومِين أنت ومَن اتَّبعك أجمَعِين"، فقال نبي الله نوح:"إذًا فَلتُجمِعُوا أمرَكُم وكَبيركم بِأنَّكم مُجمِعون على هذا القَرار، واقضوا إلَيّ بالجواب النِّهائيّ"، وقال الله تعالى:
{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُم مَّقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنظِرُونِ ‎﴿٧١﴾‏} [سورة يونس]، فَمِن ثمَّ اجتمع قَوم نُوح عِند كَبير القَوم - مَن لَم يزده ماله ووَلده إلَّا خسارًا - فأجمَعوا على قَرارٍ واحدٍ مُوحَّدٍ: {قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ‎﴿٣٢﴾} [سورة هود]، وقال الله تعالى: {قَالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ ‎﴿١١٦﴾‏ قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ ‎﴿١١٧﴾‏ فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحًا وَنَجِّنِي وَمَن مَّعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ‎﴿١١٨﴾‏ فَأَنجَيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ ‎﴿١١٩﴾‏ ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ ‎﴿١٢٠﴾ [سورة الشعراء]، وقال الله تعالى: {فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنتَ وَمَن مَّعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ‎﴿٢٨﴾‏} [سورة المؤمنون].

فَمِن ثمَّ نأتي لِقصَّة يوسف في حَبسِه الأوَّل في قَصْر عَزيز مِصر بقرارٍ مِن زوجة عَزيز مِصر، ولَم يَعتَرِض زوجها على قرارها وظَنّه ردَّة فِعلٍ مِنها أنَّه راودها - يوسف - عن نفسها فألقَت به في السِّجن الخاص في نَفْس قَصْر عَزيز مِصر، فقالت امرأة صِهر عَزيز مصر:" يا زَوجي الحَبيب تدارَك أمْر أُختك فهي عرضك، فقد سمعتُ أنها سجنت فَتاها وتقول أنَّه رَاودها عن نفسها، وسمعت أنَّهُ قُدَّ قَميص يوسف فتاها، وتُحَاجِج أنَّها قَدَّت قميصه دِفاعًا عن نفسها، وحبسته بقميصه كدليل على برائتها في السِّجن الخاص بِقَصْر صِهرك عَزيز مصر، فتدارَك الأمْر قَبْل أن تظهر السُّمعة على الملَإ"، فقال زوجها: "وهل قميصه قُدَّ مِن قُبُلٍ أم قُدّ مِن دُبُرٍ؟" فقالت: "لا أعلم". فقال زوجها الحَكيم العَدل: "إن كان قَميصه قُدَّ من قُبُلٍ فصَدَقَت وهو مِن الكاذِبين، كونها كانت تُدافِع عن نفسها، وإن كان قَميصه قُدَّ مِن دُبُرٍ فكذَبَت وهو مِن الصَّادقين، كونه تَولَّى عنها يجري نحو الباب فلحقته فمَسَكَت قميصه مِن الرَّقبة مِن الوراء فَقُدَّ مِن دُبُرٍ، ولسوف أذهب لِأنظُر إلى يوسف؛ وقميصه بُرهانٌ عليه أو بُرهانٌ لبرائته"، وقال الله تعالى:
{وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ ۚ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ‎﴿٢٥﴾‏ قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي ۚ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ‎﴿٢٦﴾‏ وَإِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ ‎﴿٢٧﴾‏ فَلَمَّا رَأَىٰ قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ ۖ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ ‎﴿٢٨﴾‏ يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَٰذَا ۚ وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ ۖ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ ‎﴿٢٩﴾‏} [سورة يوسف].

وأخرج يُوسف مِن سِجْن قَصْر العَزيز إلى جَناح يوسف الخاص كَما كان مِن قَبْل، وأراد أن يُغلِق الموضوع، وعَلِم مَن في القصر مِن خَدَم وخادِمات الوَزير عن ثُبوت براءة يُوسف وأنَّه تبيَّن أنَّها هي التي راودته عن نفسه، وشاع الخَبَر لدى زَوجات وزراء مِصر، فاحتقَرن امرأة العَزيز إذ كيف تُراوِد خادمها عَن نفسه وهو مِن الخَدَم وهي امرأة عَزيز مِصر؟! ولَكِنَّهُن لم يُشاهِدن يُوسف مِن قَبْل، فَسَمِعَت بِمَكرِهِنَّ ضِدَّها، ولَكِنَّها ذَكيَّةٌ جِدًّا كَمَثل ذَكاء أخيها، فأقامَت لَهُنَّ دَعوةً وأعَدَّت لِكُلِّ واحِدةٍ مِنُهنَّ مُتّكَأً على الشِّمال، وأحضرَت لَهُنَّ فاكِهةً، وأعطَت كُلّ واحِدةً مِنهُنَّ سِكينًا، ويبدو أنَّ بِدْء تناول الفواكه يبدأ حين يأذَن المُضيف، فقالت لَهُنَّ: "سَمِّين بالله وتناولن الفاكهة"، وهي تعلَم أنَّهُنَّ سيجعلن الفاكِهة في اليد اليُسرى التي على المُتَّكَأ والسكاكين الحادَّة في اليَد اليُمنَى؛ بل شَكل المُتَّكَأ كان مُرتَفِعًا ووضَعن أكواع أيديهن الشِّمال على المُتَّكَأ والفاكِهة كذلك في اليَد الشِّمال والسِّكين الحاد جِدًّا في اليَد اليمين، فحين أذِنَت لَهُنَّ بتناول الفاكهة قالت ليوسف: "أُخرج عليهن وامشِ بالوسَط وأقرئهن السَّلام فَور دخولك"، وذلك حتى ينظُرن إليه. فنَفَّذ الأمْر وخَرَج عليهِنَّ وقال: "سلام الله عليكم" في أثناء ما بدأن بتقطيع الفاكِهة، فنَظَرْن إلى يوسف فأصابهنّ الذُّهول والاسترخاء، فبسبب أن اليَد الشِّمال أعلى فوق المُتَّكأ مِن اليَد اليَمين وبسبب وزن اليَد اليَمين انسحب السِّكين آليًّا - دون أن يشعُرن - قاطِعًا الفاكِهة حتى وصَل إلى كَف اليَد اليُسرى فقطَّعن أيديَهُنّ أي: جَرحْن أيديَهُنّ. فتبسَّمت امرأة رئيس مَجلِس الوزراء ضاحكةً مِمَّا حدث لزوجات أعضاء مَجلِس الوزراء، فقالت: "ذلك ما لُمتُنَّنِي فِيه وإن لَم يفعل ما آمُرُه به ليُسجنَنّ وليكونَنّ مِن الصاغرين"؛ لتشمت فيهِنّ أنَّها سوف تَنال مِن يوسف ولن ينالينَهُ مِثلها. ثم أعطت لِكُلِّ واحِدة رباطًا ليَدها لتوقيف الدَّمِ من جُرحٍ في راحة اليَد اليُسرى. فيا لها مِن امرأةٍ ذَكيَّةٍ، حتى إذا رَجِعن لأزواجهنّ وكُلّ واحدة رابطةً يَدها فسَأل كُلّ وزير زوجته حين شاهد الرّباط ما جرَح يَدها فقالت: "لست وَحدي بل كافّة زوجات أعضاء مَجلِس الوزراء قَطَّعن أيديهنّ مِمَّا شاهدنَ مِن جمال يوسف الملائكيّ، وقُلنَ حاشا لله ما هذا بَشرًا إن هذا إلَّا مَلَكٌ كَريم".

فشاهدوا - كافَّة أعضاء مَجلِس الوزراء - أنَّ زوجة كُلِّ واحِدٍ مِنهُم وقَعْن أجمعين في فِتنة جمال يوسف، فَكُلّ واحِدة تُريد أن يفترِشها يوسف مَهما كان الثَّمن ولو مَرَّة واحِدة - كافّّة زوجات أعضاء مَجلِس الوزراء - بِما فِيهِنّ المُغرَمة الأولى (زوجة رئيس مَجلِس الوزراء عزيز مصر)، فَمِن ثَم تم اجتماعٌ سِرّيٌّ لكافّة أعضاء مجلس الوزراء؛ اجتماعٌ طارِئٌ سرِّيٌّ في قَصْر رئيس مَجلِس الوزراء زوج المتيَّمة الأولى، فبسبب ما شاهدوا مِن الآيات مِن جُروح أيديهِنّ بسبب وقوع فتنتهِنّ في جَمال يُوسُف أجمَعوا أن يُلقوه في السِّجن ظُلمًا وهم يعلمون أن يُوسف مَظلومٌ، وقال الله تعالى:
{ثُمَّ بَدَا لَهُم مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّىٰ حِينٍ ‎﴿٣٥﴾‏} [سورة يوسف]، ولَكِن مَلِك مِصر لا يعلَم بِما حَدَث وأراد الله أن يُثبِت براءة يوسف، فجاء قَدَر رُؤيا المَلِك، وقال الله تعالى: {وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَىٰ سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ ۖ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ ‎﴿٤٣﴾‏} صدق الله العظيم [سورة يوسف]، وبسبب رؤيا الفَتَيان اللذان دَخَلا مع يوسف في السِّجن المُخَصَّص لِفِتيان كُبارات الدَّولة لحِفظ الأسرار الحكوميَّة لوزراء الدَّولة وفِتيان المَلِك، وليس في السِّجن المَركَزيّ العام للمساجين مِن الشَّعب، والمُهِم فكذلك حدَثَت مُشكلة في قَصْر المَلِك: ثلاثة من خَدَم المَلِك الطَّباخِين؛ فحدثَت مُشكِلة بين اثنين، فقُتِل أحدهم والثالث بَرِيء، غير أنَّ القاتِل بَرَّأ نفسه واتَّهم البَرِيء بقَتْل المَقتول طَعنًا بالسِّكين، فتَمَّ إلقاء فَتَيا المَلِك الاثنين لإجراء التَّحقيق في سِجن فِتيان المسؤولين إلى جانِب يوسف، فجاء قَدَر رُؤيا الفَتَيان، وقال الله تعالى: {وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ ۖ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا ۖ وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ ۖ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ ۖ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ‎﴿٣٦﴾‏} [سورة يوسف]، فقال يوسف: {يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا ۖ وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِن رَّأْسِهِ ۚ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ ‎﴿٤١﴾}[سورة يوسف]، ثم جاء قَدَر رُؤيا المَلِك ليُخرِج الله يُوسف مِن السِّجن ويُمَكِّنه في الأرض؛ فتمَّ تأويلها، ثُمَّ طَلَب المَلِك أن يُحضروا يوسف لتوظيفه في تأويل الرُّؤى (خاصٌّ بالمَلِك لتأويل الرُّؤى)، ولكن يوسف رَفَض الخروج من السِّجن، وقال الله تعالى: {وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ ۖ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَىٰ رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ ۚ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ ‎﴿٥٠﴾‏} [سورة يوسف]، فهُنا قَصَّ على المَلِك فتاهُ ما سمعه مِن يوسف وقِصَّة زوجات الوزراء بِما فيهِنّ امرأة رئيس مجلس الوزراء (عَزيز مصر)، فأمَر المَلِك بإحضار رئيس مجلس الوزراء وزوجته وكافة أعضاء مَجلِس الوزراء وزوجاتهم فقال الملك: {قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ ۚ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوءٍ ۚ قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ‎﴿٥١﴾‏ ذَٰلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ ‎﴿٥٢﴾‏}[سورة يوسف]، وتَقصد زوجة رئيس مجلس الوزراء بقولها: {ذَٰلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ ‎﴿٥٢﴾‏}[سورة يوسف]، أي: زوجها - كونه حاضِرًا بين الوزراء الذين تَمَّ استدعاؤهم - أن يعلَم أنَّها لم تخُنه بالغَيب مع أي شخصٍ حين غياب زوجها، إنَّ الله لا يهدي كَيْد الخائنين، وقالت: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي ۚ إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي ۚ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ ‎﴿٥٣﴾‏ وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي ۖ فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ ‎﴿٥٤﴾‏ قَالَ اجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَائِنِ الْأَرْضِ ۖ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ‎﴿٥٥﴾‏ وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ ۚ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاءُ ۖ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ‎﴿٥٦﴾‏ وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ‎﴿٥٧﴾‏} [سورة يوسف]، كون رئيس مجلس الوزراء حاضرًا بين الوزراء يسمَع قولها ليعلَم أنَّه ليس من عادتها أن تخونه في غيابه كونه مِن الذين تَمّ إحضارهم إلى الصَّرح المَلَكيّ بين يدي المَلِك العَدْل، فمَكَّن المَلِكُ يوسف وجعله هو الرَّئيس العام لوزراء الدَّولة عليهم أجمعين.

وسلامٌ على المُرسَلين والحمدُ لله ربِّ العالمين..
خليفة الله الإمام المهديّ؛ ناصر محمد اليمانيّ.
___________
آخر تحديث: 30-01-2023 01:30 AM