المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الرَّدُّ على أشرف وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا ﴿٥٧﴾ صدق الله العظيم



Admin
22-05-2010, 05:54 PM
الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني
___________


(الرَّدُّ على أشرف):
{وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا ﴿٥٧﴾} صدق الله العظيم..


بِسْمِ الله الرّحمنِ الرّحيمِ، وسَلامٌ على المُرسَلين، والحمدُ لله ربِّ العالَمين..
أخي الكريم؛ إنّ الله لم يقُل أنّه رفعَ نبيَّهُ إدريس إلى السماءِ؛ بل قال الله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ ۚ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا ﴿٥٦﴾ وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا ﴿٥٧﴾} صدق الله العظيم [سورة مريم].

بمَعنى أنّ إدريس مَرفوعٌ في مَكانٍ عليٍّ في هذه الأرضِ في أعلى مَكانٍ في المنطقةِ الوُسْطى بين العالَمين؛ وهي الجزيرةُ العربيّة، وأعلَى منطقة في الجزيرَةِ العربيّة هي هَضَبةُ اليمن، وأعلى منطقة في اليمن هي منطقة ذمار، وأعلى مكانٍ في مُحافَظةِ ذمار هي قريَة الأقمر، وذلك هو المكان العليُّ المَرفوع فيه نبيّ الله إدريس مع إخوَتِه إلياس واليسع والرّقيم؛ المسيح عيسى ابن مريم المَرفوع إليهم مُؤَخّرًا. وقال الله تعالى: {إِذْ قَالَ اللَّـهُ يَا عِيسَىٰ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} صدق الله العظيم [آل عمران: ٥٥].

فأمّا قولُ الله تعالى: {إِذْ قَالَ اللَّـهُ يَا عِيسَىٰ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} فالمَقصودُ بذلكَ رفع روح المسيح عيسى ابن مريم إلى بارِئِها كما يُتوفّى النّائِمون، تصديقًا لقولِ الله تعالى: {اللَّـهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا ۖ فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَىٰ عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَىٰ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴿٤٢﴾} صدق الله العظيم [سورة الزمر].

إذًا التَّوفّي المَقصُود في هذا المَوضِع هو كما يَتوَفّى الله أرواحَ النّاسِ في مَنامِهم، وقال الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ} صدق الله العظيم [الأنعام: ٦٠]، وكذلكَ كما يتوفّى أرواحَ الأمواتِ فيَرفَعها إليه فيُمسِك التي قَضَى عليها الموت ويُرسِل الأخرى إلى أجلٍ مُسَمّى.

والآن عَلِمنا المَقصُود مِن قولِ الله تعالى: {إِذْ قَالَ اللَّـهُ يَا عِيسَىٰ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} صدق الله العظيم، وأنّهُ يَقصِدُ الرّفع للرُّوح مِن غيرِ الجَسَد، وأمّا الجَسَد فيَخُصُّه قول الله تعالى: {وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} صدق الله العظيم، بمعنى أنّ الذين كَفَروا لم يَنالوا مِن جسَدِ المسيح عيسى ابن مريم - عليه الصلاة والسّلام - وما قتَلوهُ وما صَلبُوهُ بل أيّدَهُ الله بروحِ القُدسِ جبريل والملائكة ورَفعَ الله رُوحَ المسيح عيسى ابن مريم، ورَفعَ الرُّوح القُدس ومَن معه جَسَد المسيح عيسى ابن مريم وطهّروهُ وجَعَلوهُ الرّقِيم المُضاف إلى أصحابِ الكهفِ، وشُبِّهَ للذين كفَروا جسَدًا آخر بِقُدرَةِ الله، ولكنّ النّصارَى ظنّوا أنّ اليهود قتَلوا المسيح عيسى ابن مريم ولكنّهم ما قتَلوهُ وما صَلبُوهُ، ولكن النّصارى الذين قالوا اتّخذَ الله وَلدًا سُبحانَه ما لهم بِجَسَدِ المَسيحِ عيسى ابن مريم مِن عِلمٍ؛ فلا يَعلَمونَ أنّ الله طهّرَهُ مِنَ الذين كفَروا فلم يَلمسُوهُ وتَمَّتْ إضافَتَه إلى أصحابَ الكهفِ، وبيّنَ الله لكم ذلكَ في الآياتِ العَشرِ الأولى مِن سُورةِ الكهفِ، وقال الله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا ۜ ﴿١﴾ قَيِّمًا لِّيُنذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِّن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا ﴿٢﴾ مَّاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا ﴿٣﴾ وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّـهُ وَلَدًا ﴿٤﴾ مَّا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ ۚ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ ۚ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا ﴿٥﴾ فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَـٰذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا ﴿٦﴾ إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴿٧﴾ وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا ﴿٨﴾ أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا ﴿٩﴾} صدق الله العظيم [سورة الكهف]، وذلكَ هو المسيحُ عيسى ابن مريم الرّقمُ المُضافُ إلى أصحابِ الكهفِ، ولذلكَ قال الله تعالى: {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا ﴿٩﴾} صدق الله العظيم.

ولو كان الله رَفعَ إليه جَسَدَ المسيح عيسى ابن مريم؛ إذًا لِمَا تَوَفَّى إليهِ رُوحَه - عليه الصّلاة والسّلام - لو كانَ رفَعَه جسَدًا ورُوحًا لو كنتم تَتَفكّرون؟ ولكن تَوَفّى اللهُ إليهِ رُوحَ المسيحِ عيسى ابن مريم وتمّ رَفعُ جَسَدِه في مكانٍ عليٍّ في الجزيرَةِ العربيّة، وهو ذاتُ المكانِ الذي حَفِظَ الله فيه أصحاب الكهف، ولا يَزالونَ في الكهفِ جميعًا، وسَوفَ يَبعَثهُم الله إليكم جميعًا فيَكونونَ مِن آياتِ الله عجَبًا للناسِ لو كنتم تَعلمُون. وسَلامٌ على المُرسَلين؛ والحَمدُ لله ربِّ العالَمين.

وأمّا الشفاعةُ فأُجيبُكَ بقولِ الله تعالى: {وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُوا إِلَىٰ رَبِّهِمْ ۙ لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴿٥١﴾} صدق الله العظيم [سورة الأنعام].

فإذا كنتَ ترَى أنّ الإمامَ المهدي ناصر محمد اليماني أرحَمُ بكَ مِن الله فأنتَ على ضَلالٍ مُبينٍ، وإذا عَلِمتَ وآمنتَ أنّ الله أرحَم بكَ مِن محمدٍ رسولِ الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - وأرحَمُ بكَ مِن ناصر محمد فقد فُزتَ فوزًا عظيمًا وأقَمتَ الحُجّةَ على ربّكَ بين يَدَيهِ يومَ تأتي كلُّ نَفسٍ تُجادِلُ عن نفسِها فتُحاجّ ربّكَ بِصِفَةِ الرَّحمةِ ثمّ لا يُنكِرُ الله عَقيدَتَك بالحقّ أنّهُ حقًّا أرحمُ الرّاحِمين، فيُدخِلَكَ برَحمَتِه في عبادِه الصّالِحين، وأمّا إذا كنتَ تَرجو مِن دونِ الله شفيعًا فلن تَنفعَكَ شفاعةُ الشافِعينَ، ولستَ على الصِّراطِ المُستَقيم حتى تَعلَم وتَعتَقِدَ في قلبِكَ أنّ الله أرحمُ بكَ مِن أمّكَ وأبيكَ ومِن محمدٍ رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - ومِن ناصر محمد اليماني ومِن النّاس أجمعين، فاستَغنَيتَ عن شفاعةِ عِبادِه برَحمةِ الله أرحَمِ الرّاحمين مِن دونِهم ولم تَستَغنِ بشَفاعَتِهم مِن دونِ رَحمَةِ الله، ولذلكَ قال الله تعالى: {وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُوا إِلَىٰ رَبِّهِمْ ۙ لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴿٥١﴾} صدق الله العظيم.

فهل استَغنَيتَ برَحمةِ الله عن رَحمةِ المهديّ المنتظَر الذي هو أدنَى رَحمةً بكَ مِن الله أرحمِ الرّاحمين يا أشرف المصري؟ وقد كنتَ لا تَدري والآن عَلِمتَ أنّ الذين يَرجُونَ الشفاعَة مِن عِبادِه مِن دونِه فقد ضلّوا ضَلالًا بعيدًا، وهَداكَ الله وثبّتكَ وإخوَتكَ على الحقّ وأذهبَ عنكم رِجسَ الشيطان وطهّركُم الله تطهيرًا برَحمتِه، ووَعدُه الحقّ وهو أرحَم الرّاحِمين.

وسَلامٌ على المُرسَلين؛ والحَمدُ لله ربِّ العالَمين ..
أخوكُم الإمام ناصر محمد اليماني.
______________