المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جَوفُ الأرضِ جنّة الله مِن تَحتِ الثَّرَى خَلقَ الله فيها أبانا آدم وأمّنا حَوّاء



Admin
10-04-2010, 05:43 PM
- 1 -
الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني
__________


جَوفُ الأرضِ جنّة الله مِن تَحتِ الثَّرَى خَلقَ الله فيها أبانا آدم وأمّنا حَوّاء ..


بِسْمِ الله الرّحمن الرّحيم ..
فمَن كذّبَ بِدَعوَة المسيح عيسى ابن مريم - صلّى الله عليه وآله وسلّم - فقد كذّبَ بدَعوةِ محمدٍ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، ومَن كذّبَ بِدَعوَةِ المهديّ المُنتظَر فقد كذّب بدَعوةِ محمدٍ رسول الله والمسيح عيسى ابن مريم صلّى الله عليهم وعلى مَن تَبِعَهُم وجَاءَ ربَّه بقَلبٍ سَليمٍ مِنَ الشِّركِ بالله ربِّ العالَمين، وإنّما المسيح عيسى ابن مريم ومحمدٌ رسول الله والمهديّ المنتظَر جَميعُنا عَبيدٌ لله مِثلكم فلا تُبالِغُوا في دِينِكم بغَيرِ الحقّ؛ ومَن يُشرِكْ بالله فقد ضلّ ضَلَالًا بَعيدًا، والله على ما أقولُ وَكِيلٌ وشَهِيدٌ.

وأمّا البَأسُ الشّديدُ الذي أُنذِرُ مِنه الذين قالوا اتّخَذَ الله وَلدًا فقد جاءَ أمَدُه البَعيدُ واقتَربَ كوكبُ العَذابِ سقَر لوّاحةٍ للبَشر مِن عَصرٍ إلى آخَر.

ويا مَعشرَ النّصارى؛ أقسِمُ بالله الواحِد القهّار الذي خلقَ الجانّ مِن مارجٍ مِن نارٍ وخلقَ الإنسان مِن صَلصالٍ كالفخَّار الذي يُدرِكُ الأبصَارَ ولا تُدرِكُه الأبصَار؛ الذي أعَدَّ النّار للكفّار والجنّة للأبرارِ أنّ ما يُسَمّونَه الكوكب العاشِر نيبيرو أنّه حقٌّ على الواقِعِ الحقيقيّ لا شكَّ ولا ريبَ فيه شيئًا، يأتي للأرض مِن أطرَافِها فيُنقِصُها مِن البَشرِ بعد كلّ أمَدٍ بعيدٍ مِن عَصرٍ إلى آخر، ولكنّه هذه المرَّة سيَقتَرِبُ أكثَر مِن ذي قبل لكي يحدُثَ معه شَرطٌ مِن أشراطِ السّاعةِ الكُبَر فيَسبِق اللّيلُ النّهار بِسببِ مُرورِ كوكبِ النّار، فاحذَروا بأسَ الله الشَّديدِ يا معشَرَ الذين قالوا اتَّخذَ الله ولدًا!

وإنّي المهديّ المُنتظَر المُؤمِن بكتاب التّوراة وكتاب الإنجيل والقرآن العظيم، وإنّما أدعوكم إلى الاحتِكامِ إلى القرآن العظيم كونه مَحفوظٌ مِن التَّحريفِ والتَّزيِيفِ، أفلا ترَوْنَ أنّه نُسخَةٌ واحِدةٌ في العالَمين تَصديقًا لقول الله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴿٩﴾} صدق الله العظيم [الحجر]؟

ولذلك يَجِدُه الناس نسخةً واحِدةً في العالَمين لم تَتغيَّر فيه كلمةٌ واحدةٌ، أليسَت هذه آية التّصديقِ على الوَاقِع الحقيقيّ لقول الله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴿٩﴾} صدق الله العظيم؟ فما يُدري محمدًا رسولَ الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - أنّ البشرَ لن يُغيِّروا في كتابِ الله القرآنِ العظيمِ شيئًا لولا أنّه مُنَّزلٌ مِن ربّ العالَمين علّام الغُيوبِ الذي وعدَ بحِفظِه مِن التَّحريفِ والتَّزييفِ إلى يوم الدِّين؟ ومَرَّتْ عليه أكثرُ مِن ألفٍ وأربعمائة سنةٍ ولم تتغيَّر فيه كلمةٌ واحدةٌ، وتِلكَ مُعجِزةٌ للقرآن العظيم أنّ محمدً رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - تَلقّاهُ مِن لَدُنِ حَكيمٍ عَليمٍ، وجعَل الله القرآن رسالةً شامِلةً للإنس والجنّ أجمعين وموسوعةَ كُتُبِ الأنبياء والمُرسَلِينَ والمَرجِع للتوراةِ والإنجيلِ والسُّنة النّبويّة، فما خالَفَ لمُحكَم القرآنِ العظيمِ في التّوراة أو في الإنجيلِ أو في السُّنة النّبويّة فاعلَموا أنّه مِن عِندِ غَيرِ الله مِن تَحريفِ وتَزييفِ الشّياطينِ مِن البَشر تنفيذًا لأمرِ الطّاغوتِ الأكبَرِ الشيطان الرّجيم (المَلَك هاروت) وكان مِن الجنّ ففسق عن أمر ربّه، وقبيله ماروت الذي كان مِن الملائكة وصارَ بشرًا سَوِيًّا وجعَلَه الله خليفةً مِن بعدِ آدم وآتاه الآيات وانسَلخَ منها واتّبعَ هَواهُ فأتبَعَهُ إليه الشيطانُ، فلا يَفتِنكم الشيطان وقبيله، فإنّهم يَرَونَكم مِن حيث لا تَرَونَهم، فهم في أرضِ الأنامِ حيث كان أبَوَاكُم حواء وآدم؛ فيها فاكهةٌ والنّخلُ ذاتُ الأكمامِ والحبّ ذو العَصفِ والرَّيحانِ مِن تحتِ أقدامِكم باطِن أرضِكم في نَفَقِ الأرض، فيها آياتٌ بيّناتٌ وجنّاتٌ ورَيحانٌ وأعنابٌ ورُمانٌ، فيها خَيراتٌ حِسانٌ قُصورُها مِن الفِضَّة وأبواب قُصورِها مِن الذّهب، وهي جنّةٌ لله باطِن أرضِكم وربّها الله وليس المسيح الكذاب، وهي أرضُ بابل في الكتاب ولا تحيطون بها عِلمًا، وهي أرض الأنام التي خلق الله فيها حوّاءَ وآدمَ؛ التي قال الله عنها في مُحكَم الكتاب: {وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ ﴿١٠﴾ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ ﴿١١﴾ وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ ﴿١٢﴾} صدق الله العظيم [الرحمن].

وهي جنّةٌ لله، وليست جنّة الله التي في السماء؛ بل جنّةٌ لله مِن تحتِ الثّرى، تُشبِعُ الإنسانَ حبَّةٌ واحِدةٌ مِن عناقِيدِ أعنابِها لكِبَرِ حَجمِها وطِيبِ مَذاقِها، فيها آياتٌ عَجَبًا، ولذلك قال الله تعالى لنبيّه صلّى الله عليه وآله وسلّم: {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ ۖ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَـٰكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّـهِ يَجْحَدُونَ ﴿٣٣﴾ وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَىٰ مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّىٰ أَتَاهُمْ نَصْرُنَا ۚ وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّـهِ ۚ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِن نَّبَإِ الْمُرْسَلِينَ ﴿٣٤﴾ وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُم بِآيَةٍ ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّـهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَىٰ ۚ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ ﴿٣٥﴾ إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ ۘ وَالْمَوْتَىٰ يَبْعَثُهُمُ اللَّـهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ ﴿٣٦﴾ وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ ۚ قُلْ إِنَّ اللَّـهَ قَادِرٌ عَلَىٰ أَن يُنَزِّلَ آيَةً وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴿٣٧﴾} صدق الله العظيم [الأنعام].

وهل تعلمونَ لماذا قال الله تعالى: {وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُم بِآيَةٍ} صدق الله العظيم؟ وذلك لأنّ لِله جنّةً في الأرض وجنّةً في السّماء عند سِدرةِ المُنتَهى، ولم يَجعَل الله خليفتَه آدم خليفةً عليه الصّلاة والسّلام في جنّة المأوَى عند سِدرة المُنتَهى؛ بل خليفة الله في أرض الأنام وهي جنّةٌ لله مِن تحتِ الثّرى، ولها مَشرِقَينِ مِن جِهَتَينِ مُتَقابِلتَينِ، وأبعَدُ مسافةٍ في الأرضِ هي بَينَ المَشرِقَين وذلك لأنّ الشمس تُشرِقُ عليها مِن البوّابتين وذلك لأنّ الأرض مَفتوحَةٌ مِن الأطرافِ ومُجَوّفَةٌ. ولذلك قال الله تعالى: {وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ} صدق الله العظيم، وذلك لكي يأتِيهم بآياتٍ منها؛ مِن أعنابِها ونَخلِها ورُمّانِها فيَرَونَها آياتٍ عجبًا لم يَرَوها قطُّ في حياتِهم.

والشمس تُشرِقُ عليها مِن البوّابتَينِ وليس في آنٍ واحدٍ؛ بل تُشرِقُ عليها مِن البوّابة الجنوبيّة فتَختَرِق أشِعّة الشمسِ باطِنها حتى تَنفُذَ أشِعّتها مِن البوّابة الشّماليّة، فهل تَدرونَ لماذا؟ وذلك لأنّ الله مهّدها تمهيدًا وفَرَشَها بالخُضرَةِ. تصديقًا لقول الله تعالى: {وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ ﴿٤٨﴾} صدق الله العظيم [الذاريات].

فإذا وقَفَ أحدكم في البوّابة الشّماليّة فسوفَ يَرى الشمس في مَشرِقِها الأقصى بالبوّابة الجنوبيّة نظرًا لاستِوَائِها فلا يَحجُبُ الشمسَ عنه عِوَجٌ فيها ولا أمْتٌ، فهي مُستوِيةٌ مِن المَشرِقِ الجنوبيّ إلى المَشرِقِ الشّماليّ، وأبعد مسافةٍ في هذه الأرض هي بين البوّابتين، ولذلك تمنَّى الإنسان أنّ بينَهُ وبين قَرينِه الشيطان بُعْدَ المَشرِقَين. وقال الله تعالى: {حَتَّىٰ إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ ﴿٣٨﴾} صدق الله العظيم [الزخرف].

وذلك لأنّ الشّمس تُشرِقُ على أرضِ الأنام مِن جِهَتينِ مُتَقابِلتَينِ فإذا غابَت عنها عن البوّابة الجنوبيّة فإنّها تُشرِقُ عليها في نفسِ اللّحظة مِن البوّابة التي تُقابِلها، والقوم الذين فيها لم يَجعَل الله لهم مِن دُونِها سِترًا لأنّها إذا غَرُبَت عليهم مِن البوّابة الجنوبيّة أشرَقَت عليهم في نفس اللّحظة مِن البوّابة التي تُقابِلُها في النَّفَقِ الأرضيّ، ألا وإنّ الأرض ذات نفقٍ عظيمٍ فيها مِن آياتِ الله عجَبًا. تصديقًا لقول الله تعالى: {وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُم بِآيَةٍ} صدق الله العظيم [الأنعام:35].

ولم يُكلِّم الله رسوله إلا بالحقّ أنّ لله جنّةً في السّماء وجنةً في النّفق الأرضيّ مِن تحتِ الثَّرى وجميعُهنّ لله وحدَه. تصديقًا لقول الله تعالى: {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَىٰ ﴿٦﴾} صدق الله العظيم [طه].

ولذلك قال الله تعالى: {وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ} صدق الله العظيم، وذلك لأنّ أرضَكم ذات تَجويفٍ نَفَقِيٍّ يَختَرِقُ الأرضَ؛ مُمتَدٌ في باطِنها ونافِذٌ إلى أطرافِها شَمالًا وجنوبًا، وتُشرِقُ الشمسُ عليها مِن البوّابةِ الجنوبيّة فتَغرُب عن البوّابةِ الجنوبيّة ومِن ثمّ تُشرِقُ عليها في نفسِ اللّحظة مِن البوّابة الشّماليّة، وبما أنها أرضٌ نفَقِيّةٌ مُمَهَّدَةٌ مُستَوِيَةٌ ولذلك تجِدونَ أشِعّة الشمسِ تَختَرِقُ باطِنَ أرضِكم حتى تَنفذَ مِن البوّابة التي تُقابِلها كما تُشاهِدونَ هذه الصّورة الحقّ على الواقِع الحقيقيّ. تصديقًا لقول الله تعالى: {وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ} صدق الله العظيم.

كما تَرَوْنَ الحقّ بالعِلمِ والمَنطِقِ على الوَاقِع الحقيقيّ تصديقًا لآياتِ الكتابِ ذِكرى لأولي الألباب:

https://mahdialumma.xyz/linking/TrouPoleNord.jpg

أخوكم الإمام المهديّ؛ ناصر محمد اليماني.
________________

Admin
10-04-2010, 05:46 PM
- 2 -
الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني
14 - رجب - 1428 هـ
28 - 07 - 2007 مـ
10:46 مساءً
( بحسب التّقويم الرّسمي لأمّ القُرى )
_____________



أرضُ الرّاحَةِ والأنامِ هي الأرضُ المَفروشَة ..
والمَزيـدُ مِن التَّفصِيـلِ ..


بِسْمِ الله الرّحمن الرّحيم، وبه نَستَعينُ وأتَلقّى التّفهيم للبيان الحقّ لأسرارِ القرآن العظيم، والصّلاة والسّلامُ على خاتَم الأنبياءِ والمُرسَلينَ وآله الطيِّبينَ الطّاهرينَ وجميع المسلمين المُوَحِّدينَ لربّ العالَمين، أمّا بعد..

إنَّ أرضَ الرّاحةِ والأنامِ هي الأرضُ المَفروشة، وقال الله تعالى: {وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ ﴿١٠﴾ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ ﴿١١﴾ وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ ﴿١٢﴾} صدق الله العظيم [الرحمن].

وسُكّانها عالَم الجِنّ، ومِن ثمّ جعَلَ الله أبانا آدم خليفةً على عالم الجنّ، وكذلك أمَر الملائكة أن يُطيعُوا أمرَ خليفة الله في الأرضِ، وأمّا إبليس فطلبَ مِن الله أن يُنظِرَه وذلك لأنَّ الله لعنَه وأمَرهُ أن يَخرُجَ منها؛ ولكنّ الله لبَّى طلبَهُ ليَزيدَهُ إثمًا، ووَعدَه الله ليُخرِجَه منها مَذءومًا مَدحُورًا، وذلك سيكون بنتيجةِ مَعركةٍ بين الحقّ والبَاطِل وقد جاء أجَلُها المَقدورُ في الكتابِ المَسطورِ، وقد أخّر الله خُروجَه إلى يوم البعثِ الأوّل؛ قال: {قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ ﴿٣٧﴾ إِلَىٰ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ ﴿٣٨﴾} [الحجر]، ولكنّه كان تَحَدٍّ بين ربّ العالَمِين وعَدُوّه، وذلك لأنّ الشيطان طلبَ منهُ أن يُنظِرَه ولم يسأله مِن بابِ طلبِ رحمتِه؛ بل مِن بابِ التّحدِّي، فلعَنه الله في قوله تعالى: {لَّعَنَهُ اللَّهُ ۘ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا ‎﴿١١٨﴾‏} صدق الله العظيم [النساء].

ومِن ثمّ أجابَ الله طلبَه وقال اخرُج منها مَذءُومًا مَدحُورًا. قال الله تعالى: {قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَّدْحُورًا ۖ لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ ‎﴿١٨﴾} صدق الله العظيم [الأعراف].

ولكن إذا تابَعتُم نصَّ القُرآن تَجدونَ بأنّ الله فِعلًا أخّرَ خُروجَه إلى يوم الوقتِ المَعلومِ فيُخرِجه منها مَذءومًا مَدحورًا، والدّليل على أنَّ الله أخَّرَ خُروجَه امتِحانًا لآدم وزوجته. قال الله تعالى: {فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَـٰذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ ﴿١١٧﴾ إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَىٰ ﴿١١٨﴾ وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَىٰ ﴿١١٩﴾} صدق الله العليّ العظيم [طه].

وبعد زمَنٍ قَصيرٍ تَظاهَر الشيطانُ بأنّه نادِمٌ على عِصيانِ أمرِ ربِّه، وأظهَرَ النُصحَ لآدم وأنّه مُطيعٌ لأمرِه وذلك حتى يَظنّوا بأنّه تابَ إلى الله وأنّه قد أصبَح لهم ناصِحًا أمينًا، وكلّ ذلك كذِبٌ ليُغرِّرَ آدم وزوجتَه بأنّه قد أصبَح لهما ناصِحًا أمينًا، وقال الله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ ﴿١١﴾ قالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ۖ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ ﴿١٢﴾ قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ ﴿١٣﴾ قَالَ أَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴿١٤﴾ قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ ﴿١٥﴾ قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ﴿١٦﴾ ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ ۖ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ﴿١٧﴾ قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَّدْحُورًا ۖ لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ ﴿١٨﴾ وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَـٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ﴿١٩﴾ فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـٰذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ ﴿٢٠﴾ وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ ﴿٢١﴾ فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ ۚ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ ۖ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ ﴿٢٢﴾ قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴿٢٣﴾ قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ ﴿٢٤﴾ قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ ﴿٢٥﴾ يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا ۖ وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ ۚ ذَٰلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّـهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ﴿٢٦﴾ يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا ۗ إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ ۗ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ﴿٢٧﴾} صدق الله العظيم [الأعراف].

ولي سُؤالٌ يا ابن عمر، إذا كان الله قد أخرَج الشيطان فكيفَ عادَ إلى الجنة وكلَّم آدم وزوجَته وقاسَمَهُما إنِّي لكَ لمِنَ النّاصِحين؟ وسوفَ أُجيبُكَ عليه مِن القرآن العظيم بأنّ الله فِعلًا ترَكَ الشيطان في الجنّة عند آدم وزوجته، وقال الله تعالى: {فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَـٰذا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ ﴿١١٧﴾ إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَىٰ ﴿١١٨﴾ وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَىٰ ﴿١١٩﴾} صدق الله العلي العظيم [طه].

أم تَظنُّ بأنَّ إبليس خاطَبَ آدم فَورًا فقال: {مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـٰذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ ﴿٢٠﴾ وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ ﴿٢١﴾} صدق الله العلي العظيم؟ فلم يَقُل لآدم هذا إلّا بعدَ زمنٍ؛ بعدَ أن تظاهَرَ لآدم وزوجتِه بالنَّدمِ على عِصيانِ ربّه بعَدَمِ إطاعَة أمرِ آدم، ثمّ تظاهَر لهما بالطّاعة والانقِيادِ والنُصحِ حتى يُصدِّقوهُ في المَكرِ الذي سوفَ يقول بعد أن يَمنَحوهُ ثِقَتَهم لذلك قال الله تعالى: {وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِن النَّاصِحِينَ ﴿٢١﴾} صدق الله العليّ العظيم [الأعراف]، ودَلّاهُما بغُرور.

ولكنّ الذي غَرّكُم في الأمرِ هو ذِكرُ الجنّة في القِصّة فظنَنتُم بأنّها جنّة المأوى، ولكنّها عند سِدرة المُنتهَى، ولم يَرِدْ في القُرآن بأنّ الله جعَل آدم خليفةً فيها بل كرَّر ذلك - القرآن - بأنّه جعَل آدم خليفةً في الأرض؛ بل ويَذكُر القرآن جنّاتٍ في الأرض. كمِثل قوله تعالى: {فَأَخْرَجْنَاهُم مِّن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ‎﴿٥٧﴾‏} [الشعراء]، ويَقصِدُ آل فرعون.

وكذلك قوله تعالى: {إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ}[القلم:17].

ولكنّكم ظَننتُم بأنّ اسمَ {الْجَنَّةِ} لا يُطلَقُ إلّا على جنّة المأوى! بل يُطلَقُ على كلّ أرضٍ مُخضَرَّةٍ بالأشجار والفواكه؛ وهي الأرض المفروشة وليست مُسطّحةً بل مفروشةً مُستويةً، فيها فاكهةٌ ونخلٌ ورمّانٌ؛ بل هي الرّيحان. وتوجد باطِن الأرض ما وراءَ البراكين فليست طبقة البراكين ببَعيدٍ، والجنة تحتَ الثّرى بمسافةٍ كبيرةٍ والبراكين دونها قريبةٌ إلى السّطح، وقد ذَكَر القرآن عِدّة عَوالمَ في آيةٍ واحدةٍ؛ عالَمٌ في السماء وعالَمٌ في الأرض وعالَمٌ دون السّماء وعالَمٌ تحت الثّرى: {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَىٰ ‎﴿٦﴾‏} صدق الله العظيم [طه].

وهي الأرض التي ذكَرَها الله في القرآن: {وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ ﴿١٠﴾ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ ﴿١١﴾ وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ ﴿١٢﴾} صدق الله العظيم [الرحمن].

ويَسكُنها عالَم الجنّ وهم الذين استَخلفَ اللهُ آدمَ عليهم بدلًا عن إبليس الذي يُفسِدُ فيها ويَسفِكُ الدّماء. لذلك قال: {قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَـٰذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا‎ ﴿٦٢﴾‏} صدق الله العظيم [الإسراء].

وهذه الأرض المفروشة هي قاعٌ مُستوِيةٌ، وقال الله تعالى: {وَالْأَرْضَ فَرَشْناهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ ﴿٤٨﴾‏} صدق الله العظيم [الذاريات].

وهي على بوّابتين؛ بوابةٌ في مُنتهى طَرفِ الأرض شمالًا وبوابةٌ أخرى في منتهى طَرفِ الأرض جنوبًا، وذلك لأنّ الأرض ليست كُرَوِيّةً تمامًا بل شِبه كُرَوِيّةٍ، ولهذه الأرض بوّابتان ولها مَشرقان ومَغربان فإذا غابَت الشمس عن البوّابة الجنوبيّة، أشرَقت عليها مرّةً أخرى مِن البوّابة الشّماليّة، وإذا غابَت عن الشّماليّة تُشرِق عليها مرةً أخرى من الجنوبيّة، فأصبح لهذه الأرض بوّابتان، وأعظم مسافةٍ في الأرض هي المسافةُ بين هاتين البوّابتين، لذلك قال الإنسان لقرينِه الشيطان: {يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِ‌قَيْنِ} [الزخرف:38]، وذلك لأنّ أعظم مسافةٍ في الأرض هي المسافة التي بين البوّابتين، وهُنّ بوّابة الأرض الشماليّة وتوجَد في مُنتهَى أطرافِ الأرض شمالًا والأخرى في مُنتهَى أطرافِ الأرض جنوبًا، وسَدّ ذي القرنين بين السدّين أي بين نِصفَيْ الكُرة الأرضيّة، وسَمّاهم السدّين لأنّ كلّ منهما يَسُدُّ على الآخَرِ ضَوء الشمس فيكون نِصفٌ مُظلِمًا والنِّصفُ الآخر نهارًا وهذا بالنِّسبة لسَطحِ الأرض، وأمّا السّدّ فَبينهما في مَضيقٍ في التّجويفِ الأرضيّ؛ فجعَل بَينهُما رَدمًا، ويأجوج ومأجوج إلى جهةٍ وعالَمٌ آخر إلى جهةٍ أُخرى، وهذه الأرض ذات المَشرقين وذات المَغربين بسبب البوّابتين، وأمّا سَطح الأرض فليس لها إلّا مَشارقُ إلى جهةٍ ومغاربُ يُقابِلها، أمّا الأرض المَفروشة فلها مَشرقان ومَغربان لذلك قال الله تعالى: {رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ ‎﴿١٧﴾‏} صدق الله العظيم [الرحمن].

وأمّا ظاهِرُ الأرضِ فليسَ له سِوى جِهةٍ شَرقيّةٍ واحِدةٍ وجِهةٍ غربيّةٍ واحدةٍ، وقال الله تعالى: {رَّ‌بُّ الْمَشْرِ‌قِ وَالْمَغْرِ‌بِ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا ﴿٩﴾} صدق الله العظيم [المزمل].

ويا قوم إنّكم لتُجادِلوني في حقائق آياتٍ لها تصديقٌ على الواقِع الحقيقيّ لو كنتم تعلمون، فلو اطَّلعتُم عليها لوَجدتُم حقيقة التّأويلِ على الواقِع الحقيقيّ كما وَجدَ ذلك ذو القرنين في رحلتِه إلى مُنتهَى أطرافِ الأرضِ شمالًا وجنوبًا، ثمّ قامَ برِحلةٍ في التّجويفِ الأرضيّ فوجَد مِن دونِهما قومًا.

وبالله عليكم أين يأجوج ومأجوج؟ وإنّهم يُوجَدونَ حيث يوجَدُ سدّ ذي القرنين. فأين سَدّ ذي القرنين؟ ولماذا لم تكشِفهُ الأقمارُ الصِّناعيّة؟ ولو كان ذلك على سطحِ الأرض لشَاهَدَه أهل الفضاءِ؛ بل هم تحتَ الثّرى حيث يأجوج ومأجوج وهم مِن كلّ حَدَبٍ يَنسِلون؛ وتِلكَ شَريعةُ المسيح الدجال (إباحَة الفاحِشة) فتَحمِل الأنثى بعِدَّةِ أولادٍ مِن هذا وذاكَ مَخلوطينَ (شياطينُ جنٍّ وإنسٍ) بل يُمارِسونَ الفاحِشَة بشَكلٍ مُستَمرٍّ وهم يَصرُخونَ لأنّ الشياطينَ تؤُزُّهم أزًا.

وقد سَمِعَ الباحثونَ الرُّوس أصواتَ هذا العالَم الذي في باطِنِ الأرضِ بعد أن حفَر عُلماءُ الرّوس آلاف الأمتار وهم يبحثونَ عن مَعادِن الأرض، ولكنّهم سَمِعوا أصواتًا لعالَمٍ آخَر وأدهَشَهم ذلك، وقال الزّندانيّ تعليقًا على ذلك الموضوع بأنّهم أصحاب النار، وطلبَ مِن العُلماءِ البحثَ عن حقيقة تِلكَ الأصواتِ فهو يَرى بأنّهم أصحابُ النار، ولكنّي أخالفُه في هذا القولِ وأقول بأنّهم يأجوجُ ومأجوجُ، وأمّا الصُّراخ فقليلًا منه يَصدُر مِن أحَدِهم بسببِ مُمارسَة الفاحِشَة، وأكثَر الأصواتِ (ضَجيجُ أصواتٍ) ولها صَدًى في باطِن الأرضِ، ولكنّ الزندانيّ يَزعمُ بأنّهم أصحابُ النار، وقد سبَق وبيّنّا لكم أين تكونُ النّار في الخِطابِ الذي نفيتُ فيه عذابَ القبرِ في حُفرةِ السَّوءَةِ؛ بل يُعذَّبونَ في النار والعذابُ على الرُّوحِ فقط، ولا فرقَ بين عذابِ الرّوح والجَسَد؛ وكُل الحَوَاس هي للرُّوحِ فإذا خرجَت لا يَشعُر الجسَدُ بشيءٍ حتى لو احتَرقَ وصارَ رمادًا، وسبَق أن بينّا مَوقِع النّار وأنها فوقَ الأرض ودونَ السّماء، وقال الله تعالى: {هَـٰذَا ۚ وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ ﴿٥٥﴾ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ ﴿٥٦﴾ هَـٰذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ ﴿٥٧﴾ وَآخَرُ مِن شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ ﴿٥٨﴾ هَـٰذَا فَوْجٌ مُّقْتَحِمٌ مَّعَكُمْ ۖ لَا مَرْحَبًا بِهِمْ ۚ إِنَّهُمْ صَالُو النَّارِ ﴿٥٩﴾ قَالُوا بَلْ أَنتُمْ لَا مَرْحَبًا بِكُمْ ۖ أَنتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا ۖ فَبِئْسَ الْقَرَارُ ﴿٦٠﴾ قَالُوا رَبَّنَا مَن قَدَّمَ لَنَا هَـٰذَا فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا فِي النَّارِ ﴿٦١﴾ وَقَالُوا مَا لَنَا لَا نَرَىٰ رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُم مِّنَ الْأَشْرَارِ ﴿٦٢﴾ أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ ﴿٦٣﴾ إِنَّ ذَٰلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ ﴿٦٤﴾ قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنذِرٌ ۖ وَمَا مِنْ إِلَـٰهٍ إِلَّا اللَّـهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ﴿٦٥﴾ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ ﴿٦٦﴾ قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ ﴿٦٧﴾ أَنتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ ﴿٦٨﴾ مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَىٰ إِذْ يَخْتَصِمُونَ ﴿٦٩﴾ إِن يُوحَىٰ إِلَيَّ إِلَّا أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ ﴿٧٠﴾} صدق الله العظيم [ص].

فمَن يَتَدبّرُ هذه الآياتِ التي تتكلّم عن تَخاصُمِ أهل النار ومِن ثمّ يَجِدُ قوله: {مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَىٰ إِذْ يَخْتَصِمُونَ ﴿٦٩﴾}، ومِن ثمّ يتبيَّنُ له حقيقة إسراءِ مُحمدٍ رسول الله -صلّى الله عليه وآله وسلّم- بأنّ النار حقًّا توجدُ دونَ السماء وفوقَ الأرضِ، وأهلُ النارِ مَلَأٌ أعلى بالنسبة لأهلِ الأرضِ، ولم تتكلّم الآياتُ عن تخاصُمِ الملائكة بل عن تَخاصُم أهل النار، ولو تدبَّرَ القارِئُ القولَ الفَصلَ بين عذابِ يوم الحِسابِ وعذابِ البَرزَخ وهو قوله تعالى: {وَآخَرُ مِن شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ ‎﴿٥٨﴾} صدق الله العظيم [ص]، ومِن ثمّ يَسردُ تخاصُم أهلِ النار إلى قوله:{مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَىٰ إِذْ يَخْتَصِمُونَ ﴿٦٩﴾ إِن يُوحَىٰ إِلَيَّ إِلَّا أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ ﴿٧٠﴾} صدق الله العظيم [ص]، وقد أخبَركُم رسول الله -صلّى الله عليه وآله وسلّم- بأنّه ليلة الإسراءِ والمِعراجِ مرَّ على أهلِ النّار فوَجَدَهم في النار جميعًا وليسوا أشتاتًا في قبورِهم.

وأرجو مِن الباحثينَ عن الحقيقةِ أن يَضَعوا بحثَ (أصوات باطِنِ الأرضِ) وسوفَ يَجِدونَ شَريطًا مُسجَّلًا لأصواتِ وضَجيجِ المَلايين بباطِن الأرضِ؛ وهذه حقيقةٌ بلا شكٍّ أو ريبٍ، وأُفتِي في أمرِهِم بأنّهم يأجوجُ ومأجوجُ، وأُخالِفُ الشيخ عبد المجيد الزّندانيّ في قوله بأنّهم أصحابُ النار، والآية جليّةٌ وواضِحَةٌ تقولُ بأنّ النار مَلَأٌ أعلى بالنسبة لأهلِ الأرضِ، ولم يَقُل القرآن بأنّ النار التي وعَدَ بها الكفّار باطِن الأرض بل مِن أعلى الأرض ودونَ السّماء، وقد مرَّ عليهم مُحمدٌ رسول الله في المِعراج تصديقًا لقول الله تعالى: {وَإِنَّا عَلَىٰ أَن نُّرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ ‎﴿٩٥﴾} صدق الله العظيم [المؤمنون].

فاذهَبُوا إلى البَحثِ في قوقل (أصوات باطِنِ الأرض) وسَوفَ تَجِدونَ ذلك على الواقِع.

أخوكم؛ الإمام ناصر محمد اليماني.
____________