المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مزيدٌ من البيان الحقّ لآياتٍ في القرآن العظيم



Admin
24-07-2010, 02:19 AM
- 1 -
الإمام ناصر محمد اليماني
11 - 08 - 1431 هـ
23 - 07 - 2010 مـ
03:10 صباحاً
ـــــــــــــــــــــ


مزيدٌ من البيان الحقّ لآياتٍ في القرآن العظيم ..

بسم الله الرحمن الرحيم، وسلامٌ على المُرسلين والحمدُ لله ربّ العالمين..
السلام عليكم فضيلة الشيخ الكريم أحمد عيسى إبراهيم ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين في الأوّلين وفي الآخرين وفي الملأ الأعلى إلى يوم الدين، وسلامٌ على المُرسَلين والحمدُ للهِ ربِّ العالمين..
ونقتبس من بيان أحمد عيسى إبراهيم ما يلي فنجعله بالأحمر:
أرجو أن تتابعوا شرح وتوضيح البيان الذي يتبع هذا القول وهو ( وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً}
وسؤالي هو :1 ـ ألا يشمل القول ( وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ ) كل النساء سواء كن محصنات مؤمنات أم ملك يمين مثل ( الربائب ، الفتيات المؤمنات ، العباد الصالحين ، الأيامى .. الخ )
2 ـ ألا يشملهم كذلك هذا القول ( فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ .... ) ؟
3 ـ البيان يقول استمتعتم وليس تمتعتم ، فما هو مفهوم الاستمتاع هنا ؟
4 ـ البيان يوضح ان الاستمتاع هنا يكون للرجال فقط وليس لمن ينكحوهن ، فهل ذلك يعني الجماع علماً أن كلا الطرفين في هذه الحالة يتمتع ؟
5 ـ لو كان القصد من الاستمتاع هو الجماع والذي هو متعة متبادلة بين الطرفين لكان جاء البيان فما استمتعتم بهن ، أو فما استمتع بعضكم ببعض .
أنتظر منك التفضل بالإجابة ومن ثم نستكمل الحوار .تحياتي لك.انتهى الاقتباس..

بل سؤال أحمد عيسى هو بالضبط عن بيان قول الله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاءَ ذَٰلِكُمْ أَن تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ ۚ فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً ۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} صدق الله العظيم [النساء:24].

فما هو المقصود بقول الله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاءَ ذَٰلِكُمْ}؟ صدق الله العظيم؛ ويقصد ما وراء ذلك من النِّساء أي وما وراء الأمّ والأخت وزوجة الأب وزوجة الابن والعمة أخت الأب والخالة أخت الأم وأخواتكم من الرضاعة والمُحصنات وهُنّ المتزوجات كذلك حرامٌ الزواج مِنهُنَّ إلا ما ملكت أيمانكم، ومن ثم قال الله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاءَ ذَٰلِكُمْ}؛ أي ما وراء ذلك، وذلك لأنه ذكر النساء اللاتي حرَّم الله الزواج بِهنٌ، ومن ثمّ قال الله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاءَ ذَٰلِكُمْ أَن تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ ۚ فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً ۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} صدق الله العظيم [النساء:24].

ولكن انظر للشرط المُحكم في كتاب الله: {أَن تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} صدق الله العظيم؛ بمعنى أن يكون الزواج حسب شريعة الله للبشر وليس سِفاحاً، ولذلك قال الله تعالى: {مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} صدق الله العظيم، والتحصين هو الزواج على كتاب الله وسنة رسوله الحقّ، ولكنّ الذي غرَّكم هو قول الله المُحكم في كتابه: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} صدق الله العظيم، وعليه فإنّ الإمام المهديّ يوجه لفضيلة الشيخ أحمد عيسى إبراهيم ولكافة الشيعة هذا السؤال كما يلي:

فهل للزوجة التي طلبت الطلاق من زوجها قبل أن يستمتع بِها شيئاً، فهل أمركم الله أن تؤتوها أجرها؟ والجواب تجدوه في مُحكم الكتاب في قول الله تعالى: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} صدق الله العظيم، إذاً التي تطلب الطلاق من زوجها قبل أن يأتي زوجها حرثه فلم يُحِلُّ الله لها أن تُذهب من حقهِ شيئاً كون ذلك ظُلمٌ في حقّ الزوج، ولذلك قال الله تعالى: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} صدق الله العظيم، ولكن إذا استمتع بها وطلبت الطلاق من بعد ذلك فلها النصف من المُتّفق عليه، وسبق أن فصَّلنا في ذلك بياناً مُفصلاً نقتبس منه ما يلي: {وَلَا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ۚ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا} صدق الله العظيم [النساء:22].

وفي هذه الآية حرّم الله الزواج على الابن ممّن كانت زوجةً لأبيه سواء مُطلقةً أو توفي أباه عنها: {إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا} صدق الله العظيم، ومن ثم حرَّم الله عليكم محارمكم ومن النساء التي حرَّم الله عليكم الزواج بهنّ في محكم قول الله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُوا دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَن تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا} صدق الله العظيم [النساء:23].

ومن ثم أحلَّ الله لكم ما وراء ذلك من النساء بشرط التحصين بالزواج حسب شرع الله في الكتاب مثنى وثلاث ورباع وإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة، فبعد أن ذكر الله ما حرَّم عليكم من النساء أحلَّ الله لكم ما وراء ذلك. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاءَ ذَٰلِكُمْ أَن تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} صدق الله العظيم [النساء:24].

أي أحلَّ الله لكم ما وراء ذلك أن تبتغوا بأموالكم مُحصنين بالزواج حسب الشريعة الإسلاميّة، غير مُسافحين فتؤتوهن أجورهن مُقابل الاستمتاع بالزنى! بل أحلَّ الله لكم بأموالكم مُحصنين بالزواج ما طاب لكم من النساء الحرَّات المُؤمنات إلى الرابعة وحسبكم ذلك إلا ما ملكت أيمانكم، تصديقاً لقول الله تعالى: {فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً} صدق الله العظيم [النساء:3].

فإذا تزوجها واستمتع بجماعها فليأتِها حقها المفروض، تصديقاً لقول الله تعالى: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً ۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} صدق الله العظيم [النساء:24].

ولا جُناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة وأرادت الزوجة أن تتنازل عن بعض حقّها المفروض فهو لزوجها هنيئاً مريئاً، تصديقاً لقول الله تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً ۚ فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا} صدق الله العظيم [النساء:4].

وإن طلبت الطلاق ولم يستمتع بها؛ أي لم يأتِ حرثه فيسقُط حقّها المفروض ما دام زوجها لم يستمتع بها كما أحلَّهُ الله له وطلبت منه الطلاق وتريد الفراق من قبل أن يستمتع بها فهنا يسقط حقها المفروض جميعاً ويُعاد إلى زوجها، فبأي حقٍّ تأخذه في حالة أنّها طلبت الطلاق من قبل أن يدخل بها زوجها فوجب إرجاع حقّ الزوج إليه كاملاً مُقابل طلاقها، وأما إذا طلّقها زوجها من ذات نفسه قبل أن يستمتع بها وهي لم تطلب الطلاق منه فلها نصف الحقّ المفروض والنصف الآخر يُعاد إلى زوجها لأنّه هو الذي طلقها من ذات نفسه ولم تطلب الطلاق منه فوجب عليه دفع نصف أجر الزواج. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ ۚ وَأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۚ وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} صدق الله العظيم [البقرة:237].

والبيان الحقّ لقول الله تعالى: {إِلَّا أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ}؛ أي إلا أن تعفو الزوجة التي طلقها زوجها عن النِصف الذي فرضهُ الله لها غير إن الله جعل لها الخيار فإن شاءت أن تعفو زوجها من ذات نفسِها عن النصف الذي فرضهُ الله لها أو يعفو الذي بيده عُقدة النكاح وهو وليّها لأنّ زوجها لم يدخل بها ولم يستمتع بها شيئاً ولكنّ الله فرض لها أن يعطيها نصف الأجر المُتفق عليه من قبل الزواج ما دام جاء الطلاق من الرجل وليس بطلب المرأة فوجب عليه إعطائِها نصف الفريضة؛ أجرها المُتفق عليه.

المهم إنْ طلقها زوجها من ذات نفسه من قبل أن يستمتع بها شيئاً فوجب عليه إعطاؤها نصف الفريضة المُتفق عليها إلا أن تعفو المُطلقة عنهُ أو يعفو عنه وليّها الذي بيده عقدة النكاح فيُردّ إليه حقّه كاملاً لأنه لم يستمتع بها ولم يدخل بها وإنّما جعله الله أدباً للزوج وكذلك ليحدّ ذلك من كثرة الطلاق، ولكنّ الله جعل للمُطلّقة الخَيار ولوليّها إما أن يأخذوا نصف المُفروض المُتفق عليه من قبل أو يعيدوه إلى من كان زوجها كاملاً، ثمّ علَّمهم الله إنّ الأقرب إلى التقوى أن يعفوا عنهُ إن شاءوا وأجرهم على الله. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۚ وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} صدق الله العظيم.

وأما في حالة أنّ الزوج طلقها من ذات نفسه ولم تطلب زوجته منه الطلاق وقد دخل بها واستمتع بحرثه منها فلا يجوز له أن يأخذ مما آتاها شيئاً حتى لو آتاها قنطاراً من الذهب، تصديقاً لقول الله تعالى: {وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا ۚ أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا} صدق الله العظيم [النساء:20].

وأما في حالة أنّ الزوجة طلبت الطلاق من زوجها وهو قد استمتع بها فكذلك يعود إلى زوجها نصف الحقّ المفروض والنصف الآخر يسقط مُقابل أنّهُ قد استمتع بها وافترشها سواء كانت بكراً أم ثيّباً فلا يعود لزوجها حقّه المفروض كاملاً لأنّه قد تزوجها واستمتع بحرثه منها. وليست المرأة كالرجل لأنها إذا كانت بكراً فقد أصبحت ثيّباً فكيف يعود لهُ حقّه كاملاً حتى ولو كانت هي التي طلبت الطلاقُ مِنه! وبعضُ الرجال لئيمٌ فإذا أراد ان يُطلق زوجته وهو يعلم أنّهُ إذا طلقها وهي لم تطلب الطلاق منه بأنّ حقّه سوف يسقط كاملاً حتى ولو كان قنطاراً من الذهب فمن ثمّ يمنع عنها حقوقها الزوجية في الليلة والكيلة لكي تكره العشرة مع زوجها فتطلب الطلاق منه ثم يعود إليه نصف الفريضة المُتفق عليها من قبل الزواج، ولكن الله علم بهذا النوع من الرجال ولذلك حرّم الله عليهم أن يعضلوهنّ فيمنعوهن حقوقهن لكي يكرهن معاشرتهم فيطلبن الطلاق من أزواجهن، ذلك تصديقاً لقول الله تعالى: {وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ} صدق الله العظيم [النساء:19].

ولا يسقط حقها المفروض إنْ طلّقها زوجها من ذات نفسه إلا في حالةٍ واحدةٍ إلا أن تأتي زوجته بفاحشةٍ مُبيّنةٍ، تصديقاً لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا ۖ وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ} صدق الله العظيم [النساء:19].

{أَن تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ ۚ فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً ۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} صدق الله العظيم [النساء:24].

إذاً تبيَّن لكم أن الاستمتاع هو الجماع لا شك ولا ريب، وتبيِّن لكم أنّ التي تطلب الطلاق من زوجها ولم يستمتع بحرثه شيئاً، فلم يأمر الله زوجها أن يؤتيها أجرها شيئاً إلا أن يشاء من ذات نفسه ولكنّ الله لم يفرض لها حقاً ما دام زوجها لم يستمتع بحرثه شيئاً، فبأي حقٍّ تأخذه؟ ولذلك قال الله تعالى: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً ۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} صدق الله العظيم.

وسلامٌ على المُرسَلين، والحمدُ للهِ ربِّ العالمين..
أخوكم الإمام ناصر محمد اليماني.
ـــــــــــــــــــ

Admin
13-06-2012, 02:34 AM
- 2 -
الإمام ناصر محمد اليماني
06 - 11 - 1430 هـ
25 - 10 - 2009 مـ
05:34 مساءً
ـــــــــــــــــــــ


{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ}


إمامنا الحبيب السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أرجو من إمامنا الحبيب تفسير هذه الآية الكريمة وهل كان يلقى الشيطان على قرأه النبي فعلا بسم الله الرحمن الرحيم ..وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آَيَاتِهِ صدق الله العظيم
وجزآكم الله خيرا عنا يا إمام

بسم الله الرحمن الرحيم، وسلامٌ على المُرسَلين والحمدُ للهِ ربِّ العالمين..
أخي كوراك السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى جميع عباد الله الصالحين في الأوّلين وفي الآخرين وفي الملأ الأعلى إلى يوم الدين، وسبقت من الفتوى بالبيان الحقّ لهذه الآية فأتينا بالبرهان من محكم القرآن ونقتبس لك الرد من بيان لنا من قبل بما يلي:


ويا معشر الأنصار السابقين الأخيار المؤمنون بالقرآن العظيم تدبروا قول الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نبيّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} صدق الله العظيم [الحج :52].


وإلى البيان الحقّ، حقيق لا أقول على الله بالبيان غير الحقّ، فآتيكم بالبيان من ذات القرآن حتى يتبيَّن لكم أنه الحقّ، وفي هذه الآية يُعلِّمكم الله أنه لم يهدِ الأنبياء والمُرسلين حتى بحثوا عن الحقّ بالاجتهاد الفكري فتمنّوا أن يتّبعوا سبيل الحقّ ومن ثمّ هداهم الله إلى الحقّ واصطفاهم واستخلصهم لنفسه وبعثهم إلى الناس رسُلاً من ربّ العالمين، ومن ثمّ ألقى الشيطان في أمنيتهم شكاً من بعد تحقيقها، ومن ثم يُحْكِم الله لهم آياته ويبيِّنها لهم، ومن ثم يطهِّر الله بآياته قلوبهم من الشك تطهيراً.


فلنبدأ برسول الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام وآله وسلم؛ الباحثِ عن الحقّ الذي لم يقتنع بعبادة الأصنام ويرى أنهم لا ينفعون ولا يضرون ومن ثم تفكَّر في خلق السماوات والأرض. وقال الله تعالى:{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ ( 74 ) وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ( 75 ) فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَـذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ ( 76) فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَـذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ ( 77 ) فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَـذَا رَبِّي هَـذَآ أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ ( 78 )} صدق الله العظيم [الأنعام].

ويا معشر أولي الألباب الذين يتدبرون الكتاب، تدبروا قول إبراهيم: {قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ ( 77 )} صدق الله العظيم. وذلك هو التمني لاتباع الحقّ ولا يريد غير الحقّ وهذا هو البيان لشطر من الآية في قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نبيّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى} صدق الله العظيم [الحج:52]. ومن ثم يهديه الله الحقّ إلى الحقِّ. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} صدق الله العظيم [العنكبوت:69].


ومن ثمّ نأتي لبيان قوله تعالى: {أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} وذلك يأتي من بعد أن يهديه الله إلى الحقّ ويستخلصه لنفسه ويبعثه إلى الناس رسولاً حتى إذا علم الله أنّ نبيّه صار يعتقد في نفسه أنه لا ولن يشك في الحقّ الذي علّمه الله به أبداً ونسي أنّ قلبه بيد ربه يَصرفه كيف يشاء ونسي أنّ الله يحول بين المرء وقلبه، وأراد الله أن يُعلمهم درساً في العقيدة في علم الهدى، فمن ثمّ يُلقي الشيطان في نفسه شكاً في الحقّ الذي قد صار يدعو الناس إليه، ومن ثم يُحكم الله له آياته فيبينها له فيعلم أنه على الحقّ المُبين ويطهِّر الله قلبه من الشك تطهيراً.


ونأتي الآن للبيان لقول الله تعالى: {أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} صدق الله العظيم؛ أي ألقى الشيطان في أمنيته شكاً من بعد أن تحققت أمنيته وهداه الله إلى الحقّ، فنعود لقصة رسول الله إبراهيم، هل حدث له هذا من بعد أن اجتهد اجتهاداً فكرياً وبحث عن الحقّ وهداه الله إليه واستخلصه لنفسه وجعله للناس إماماً ورسول الله إليهم وصار يدعوهم إلى الحقّ؟ ومن ثم ألقى الشيطان في أمنيته الشك ومن ثم حكَّم الله له آياته وطهر قلبه مما ألقاه الشيطان، وقال الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} صدق الله العظيم [البقرة:260].



ومن ثم نأتي لرسول الله موسى عليه الصلاة والسلام وكان باحثاً عن الحقّ ولا يريد غير الحقّ وكان ينتمي لطائفة ممن كانوا على دين رسول الله يوسف الذي بعثه الله بالبينات إلى آل فرعون ولكنهم فرقوا دينهم شيعاً واختلفوا في البينات، وكان نبيّ الله موسى ينتمي لأحد الطوائف وأرداه أحدهم فقتل نفساً بغير الحقّ، وقال الله تعالى:{وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ}صدق الله العظيم [القصص:15].

ومن ثم كادت الحادثة أن تتكرر اليوم الآخر، وقال الله تعالى: {فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ ( 18 ) فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ (19) وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ (20)} صدق الله العظيم [القصص].


ومن ثم فرَّ موسى وهو متألمٌ لما حدث وقال: {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [القصص:16]، ومن ثم قرر أن يفر من آل فرعون وكذلك يعتزل شيعته الذين كانوا سبباً في قتله لنفس بغير الحقّ ويرى أنه لمن الضالين ولم يهتدِ إلى الحقّ بعد، وقرر الفرار من آل فرعون ويهاجر إلى ربه ليهديه سبيل الحقّ، واصطفاه الله و استخلصه لنفسه وبعثه إلى فرعون رسولاً وقال له فرعون، قال الله تعالى: {قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ (18) وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ (19) قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ (20) فَفَرَرْتُ مِنكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ (21)} صدق الله العظيم [الشعراء:21].


ومعنى قول موسى: {قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ (20) فَفَرَرْتُ مِنكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ (21)} صدق الله العظيم؛ بمعنى أنه كان من الضالين عن الطريق الحق؛ بمعنى أنه كان يظنّ أنه على الحقّ وتبيَّن له أنه لا يزال ضالاً عن الحقّ وكان يظن أن هذه الطائفة على الحقّ، حتى إذا فرَّ وهاجر في سبيل الله اصطفاه الله واستخلصه لنفسه وبعثه إلى فرعون رسولاً بعد رجوعه من مدين، وبعد أن اصطفاه الله واستخلصه لنفسه وبعثه إلى فرعون رسولاً واعتقد موسى أنه لا ولن يشك أبداً في الحقّ الذي هداه الله إليه وأيَّده بآيتين من عنده، واعتقد موسى أنه لا يفتنه شيءٌ عن الحقّ الذي علِمه من ربِّه وأراد الله أن يُعلِّمه درساً في العقيدة في علم الهُدى، فألقى الشيطان في أمنيته شكاً حين ألقى السحرة عصيهم وحبالهم فخُيل إليه من سحرهم أنها تسعى وأوجس في نفسه خيفةً موسى، وتزلزلت العقيدة الحقّ في قلب موسى بعد أن هداه الله إليه ومن ثم حكّم الله له آياتِه وأوحى إليه أن أَلق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون، وأعاد الله اليقين إلى قلب موسى وحكم الله له آياته فتبيّن له أنه على الحقّ المُبين، وقال الله تعالى: {قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى (66) فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى (67) قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَى (68) وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى (69) فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى (70)} صدق الله العظيم [طه].


والشكّ الذي ألقاه الشيطان في أمنية موسى من بعد أن هداه الله إلى الحقّ واستخلصه لنفسه وبعثه إلى فرعون رسولاً، ومن بعد الدعوة ألقى الشيطان في أمنيته شكاً ثم حكم الله له آياته، وذلك قول الله تعالى: {فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى (67) قُلْنَا لَا تَخَفْإِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَى (68) وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى (69) فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى (70)} صدق الله العظيم [طه].



ومن ثم نأتي لنبي الله عُزير المؤمن مرَّ على قريةٍ وهي خاويةٌ على عروشها وألقى الشيطان في أمنيته شكاً بعد إذ هداه الله إلى الحقّ وقال: كيف يبعث الله أهل هذه القرية من بعد موتهم؟ ومن ثم أماته الله هو وحماره مائة عامٍ ثم بعثه ليُحكم الله له آياته وأراه كيف يكون ذلك، فبعثه ومن ثم بعث حماره وهو ينظر إليه وقال انظر إلى العظام كيف ننشزها فلما تبين له ذلك قال عزير أعلم إن الله على كُل شيءٍ قدير. وقال الله تعالى:{أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}صدق الله العظيم [البقرة:259].


ومن ثم نأتي إلى خاتم الأنبياء والمُرسلين محمد رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم بعد أن وجده الله ضالاً باحثاً عن الحقّ لا يعلم أيُّهُم على الحقّ فيتبعه، هل قومه أم النصارى أم اليهود؟ وكان يعتزل الناس في الغار يتفكر ويريد من الله أن يهديه إلى الحقّ ولم يكن على ضلالٍ لأنه لم يعبد الأصنام ولم يعتنق النصرانية ولا اليهودية ولكنه كان ضالاً عن الطريق الحقّ وهو لا يريد غير الحقّ ثم هداه الله إلى الحق. تصديقاً لقول الله تعالى:{وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى}[الضحى:7]، واصطفاه الله وهداه إلى الحقّ وأوحى إليه بالحقِّ عن طريق جبريل عليه الصلاة والسلام وبعثه الله إلى الناس رسولاً وكان يدعوهم إلى الحقّ ولكنه كان يعتقد أنه لا يمكن أن يشكّ في الحقّ بعد إذ هداه الله إليه وأراد الله أن يُعلِّمه درساً في العقيدة في علم الهُدى.

وقال له قومه إنما اعتراك أحد آلهتنا بسوء بمسّ شيطانٍ وهو الذي يوحي إليك ذلك، فشكَّ محمد رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- إن الذي يُكلمه لعله يكون من الشياطين ولم يبدِ ذلك الشكّ لأحدٍ وهو أمّيٌّ لا يقرأ ولا يكتب، وذلك لأن قومه قالوا له: "إن الذي يُكلمك شيطانٌ وليس ملكاً" بسبب إعراضه عن آلهتهم ولذلك رد الله عليهم مع التحذير لنبيه بقوله تعالى: {وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ (210) وَمَا يَنبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ (211) إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ (212) فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ (213)} صدق الله العظيم [الشعراء].



ولكنّ محمداً رسول الله أصبح مثله كمثل إبراهيم يُريد أن يطمئن قلبه، وقال تعالى: {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرأُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الحقّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} صدق الله العظيم [يونس:94].

ولكن محمد رسول الله -صلّى الله عليه وآله وسلّم- لم يسأل الذين أوتوا الكتاب بل أناب إلى الله ويريد أن يعلم علم اليقين أنه على الحقّ المُبين، ومن ثم أرسل الله له جبريل عليه الصلاة والسلام بدعوة له من ربِّه ليريه بعين اليقين النار ومن فيها من الذين كذبوا بالحقِّ من ربهم من الأمم الأولى ويريه الجنة ومن فيها من المُتقين وأراه الله من آياته الكُبرى ليطمئن قلبه أنه على الحقّ المبين، وقال الله تعالى: {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} صدق الله العظيم [النجم:18].


إذاً أحكَم الله آياته لنبيِّه وأراه من آيات ربّه الكُبرى ليلة الإسراء والمعراج إلى سدرة المُنتهى فطهَّر الله قلبه من الشكِّ تطهيراً، وذلك هو البيان الحقّ لقول الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نبيّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} صدق الله العظيم [الحج:52].
وسلامٌ على المرسَلين، والحمدُ للهِ ربِّ العالمين..
أخوكم؛ الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني.
______________

[ لمزيد من التفصيل الهامّ حول الفتوى المتعلقة باسم نبيّ الله الذي أماته مائة عام ثم بعثه، نرجو الدخول للرابط التالي ]
https://mahdialumma.xyz/showthread.php?t=20545 (https://mahdialumma.xyz/showthread.php?t=20545)