المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ومن قال لك أنّك من الجاهلين بربّك وربّي يا صاحبي وحبيب قلبي ؟



Admin
09-08-2010, 02:53 AM
الإمام ناصر محمد اليماني
07 - 02 - 1430 هـ
02 - 02 - 2009 مـ
02:46 صباحاً
ـــــــــــــــــــ


ومن قال لك أنّك من الجاهلين بربّك وربّي يا صاحبي وحبيب قلبي ؟
( إنّ الحبّ ينقسم إلى قسمين )

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسَلين وآله الطيّبين والتابعين للحقِّ إلى يوم الدين، وبعد..
يا صاحبي لا يزال ظنّي فيك حسناً وعظيماً أنّك من عبّاد النّعيم الأعظم، والنّعيم الأعظم هو أن يكون الله راضياً عليك ولكنّك لم تكتفِ بذلك بل تريد أن يكون الله راضياً في نفسه، وليس ذلك اعتراضاً على مشيئة الله قد أخطأت يا صاحبي وحبيب قلبي وقرّة عيني. ولسوف أوجّه لك سؤالاً: هل تحبّ الله؟ فإن قلت: نعم، ومن الذي لا يحبّ الله؟! ومن ثمّ أقول: ولكنّ الحبّ درجاتٌ، فهل تحبّه حبّاً شديداً؟ فإذا كان الجواب بنعم وهو أعلم بما في نفس عبده فمن ثم أقول لك: إنّ الحبّ ينقسم إلى قسمين:
1- حبٌ من أجل المُلك .
2- وحب من أجل الذات .

فإذا كان حبّك لربك من أجل أن ينقذك من عذابه ويدخلك جنّته فلا مشكلة ولك ذلك بإذن الله إن الله لا يخلف الميعاد، وإن كان حبّك لذات الله فتعبد رضوان نفس الله في ذاته فهنا الهدف صار عظيماً جداً جداً جداً؛ بل ويحيل بينك وبين تحقيق هدفك كافّة الأمم الضالّين عن الحقّ ما يَدبُّ منهم أو يطير من البعوضة فما فوقها، وذلك لأنك تريد الله أن يكون راضياً في نفسه، وهنا حقّقت الهدف الذي خلقك الله من أجله، تصديقاً لقول الله تعالى:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴿٥٦﴾} [الذاريات] صدق الله العظيم.

والغاية تُبرّر الوسيلة فإذا كنت لا تعبد الله إلا من أجل أن يدخلك الجنّة فحين دخولك الجنّة يكون قد رضي الله عنك وأرضاك بما كنت تريد منه بأن يقيك من ناره ويدخلك جنّته؛ وهنا غايتك حول نفسك يا صاحبي إن كنت كذلك.

ولكنّي سوف أسألك سؤالاً وأرجو أن تكون في منتهى الصدق معي بالإجابة: لو أنّ أحبّ أولادك إلى نفسك عصاك مائة عامٍ لا يطيع لك أمراً ولا قدّر الله ذلك، ومن ثمّ رأيته يوم القيامة يصطرخ في نار جهنم فهل ترى أنّك ستكون سعيداً بالنّعيم والحور العين وولدك في نار جهنم نادماً على عصيان أبيه أشدّ الندم؟ فإن قلت: يا ربّ شفّعني لَما شفعك الله فيه شيئاً، ولماذا يا صاحبي؟ لأنّك تجهل ربّك إن فعلت ذلك، ولكن لو قلت: "يا ربّ لقد عصاني ابني؛ بل حتى ضربني وقد ندم على ذلك وأنا أسمع صراخه في نار جهنم يقول ليتني ما عصيت ربّي وأبتي، ويا ليتني اتّخذت مع الرسول سبيلاً، وشعرت في نفسي بحسرة على ولدي لا يعلم بمداها سواك، فتفكّرت؛ فإذا كانت هذه حسرتي فكيف بحسرة من هو أرحم بولدي مني ووعدك الحقّ وأنت أرحم الراحمين؟" وهنا يأتيك الردّ من ربِّك فيخرج ولدك إليك ويلحقه بك في جنة النّعيم يا صاحبي وحبيب قلبي، فلا تظنّ أنّ الله سعيدٌ بتعذيب عباده، واعلم أنّه أرحم بعباده من أمهاتهم وآبائهم، ولكن مشكلتهم أنّهم من رحمته يائسون لأنّهم لا يعرفون ربّهم.

وسبق وأن علّمناكم ما يقول الله بعد أن يهلك عباده الذين كذّبوا برسل ربّهم فيدمّرهم تدميراً ومن ثم يقول في نفسه: {يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ۚ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿٣٠﴾ أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴿٣١﴾ وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ ﴿٣٢﴾} [يس] صدق الله العظيم.

وعليه فإنّي أشهدك يا صاحبي فكن من الشاهدين أنّي حرّمت جنّة النّعيم على نفسي حتى يتحقّق نعيمي الأعظم منها وهو أن يكون ربّي راضياً في نفسه لأنّني أحبّ الله أكثر من كل شيءٍ في الدنيا وفي الآخرة، فكيف أهنأ بالنّعيم والحور العين وقد عَلِمتُ ما لم تكونوا تعلمون؟ ولذلك سوف يجعل الله النّاس أمّةً واحدةً فيهدي الناس أجمعين الأحياء منهم والأموات إلا من أبى رحمة الله وكرِه رضوان الله وأولياء الله وهو يعلم أنّه الحقّ فقد ظلم نفسه، ولن أتجرأ أن أدعو له الله حتى لا يكون لله ألدّ الخصام، وإنّما علمت بحسرة الله على الضالّين وليس على الشياطين الذين هم للحقِّ كارهون وهم يعلمون أنّه الحقّ؛ أولئك هم أَوْلَى بنار جهنّم صِليّاً من الضالين الذين لو علموا الحقّ لاتّبعوه، أي أنّ الشياطين هم أولى بعذاب جهنّم ممّا دونهم.

وأراك وكأنّك تمقتني بسبب قولي أنّي مستعدٌ أن أفتدي بعوضة بدرجة الملكوت كلّه إن أعطاني إيّاه ربّي، فما السرّ يا صاحبي؟ فلسوف أخبرك به. والله الذي لا إله غيره ولا أعبدُ سواه ما كان اعتراضاً منّي على مشيئة الله وهو بذلك عليم، ولا رحمةً مني بالبعوضة لأنّ الله أرحم بها من عبده ولكنّ بقاؤها في نار جهنم حال بيني وبين تحقيق نعيمي الأعظم، والنّعيم الأعظم بالنسبة لي هو أن يكون الله راضياً في نفسه، وكيف يكون الله راضياً في نفسه ما لم يُدخل كلّ شيءٍ في رحمته كافة الأمم من البعوضة فما فوقها مما يَدبُّ أو يطير إنّ ربّي فعّال لما يُريد، وقال الله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ ﴿١٠٦﴾ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ ۚ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ ﴿١٠٧﴾} صدق الله العظيم [هود].

تصديقاً لقول الله تعالى: {عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ ۚ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا ۘ وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا ﴿٨﴾} صدق الله العظيم [الإسراء].

وفي سرّ البعوضة فما فوقها من الأمم يكمن سرّ الإمام المهديّ الذي يهدي الله به الناس جميعاً فيجعلهم بإذن الله أمّةً واحدةً ما دون الشياطين حتى يذوقوا وبال أمرهم، وفي الآية الآتية تحمل سرّ الإمام المهديّ الذي يهدي الله به الناس جميعاً، فأما الذين آمنوا فيعلمون أنّه الإمام المهديّ الحقّ من ربّهم، تصديقاً لقول الله تعالى: {إِنَّ اللَّـهَ لَا يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلًا مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا ۚ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۖوَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّـهُ بِهَـٰذَا مَثَلًا ۘ يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا ۚ وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ ﴿٢٦﴾ الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّـهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّـهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ ۚ أُولَـٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴿٢٧﴾} صدق الله العظيم [البقرة].

ويا أخي الكريم لماذا الإمام المهديّ هو الوحيد الذي استطاع أن يحقِّق المهمّة فينقذ الأمّة أجمعين فيجعل الله العالمين كلّهم أمّةً واحدةً؟ أليس إلا بسبب هدفه العظيم في نفس ربّه؟ والله المستعان على ما تصفون.

ويا صاحبي لقد اتّخذتك خليلاً ولن أتنازل عن صحبتك ما دامت السماوات والأرض بإذن الله في الدنيا وفي الآخرة يا قرّة عيني، وسلامُ الله عليك وعلى آل بيتك أجمعين، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، وسلامٌ على المرسَلين والحمد لله ربِّ العالمين.

أخوك الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني ..
_____________