الإمام ناصر محمد اليماني
29 - 12 - 1429 هـ
27 - 12- 2008 مـ
12:08 صـباحاً
__________
بل هو الغني وأنتم الفقراء ..
بسم الله الرحمن الرحيم، وسلامٌ على المرسَلين، والحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وبعد..
تمّ إرسال إلينا نفقة كبرى عند الغفور الشكور للمشاركة في شراء القناة الفضائيّة (منبر المهديّ المنتظَر) وقدرها ألف ريال سعودي ولكنّها عند الله أكبر من نفقة المهديّ المنتظَر العشرة آلاف دولار لأنّنا وعدنا بها من يُسرٍ عند بيع الأرض التي أنتظر بيعها، ولكنّ صدقة الفقير هذا أحد الأنصار الأخيار كانت عند الله نفقةً كُبرى في ربا الإنفاق يوم التلاق لأنّها نفقةٌ من عُسرٍ، ألا وإنّ أكبر النفقات عند الله هي نفقة الفقير الذي ينفق وهو يخشى المزيد من الفقر.
ولكن أنفق رجلٌ آخر من الأنصار وكذلك نفقته لدينا كبيرة، قدرها ألفا ريالٍ يمني؛ قدرها عشرة دولارات، وأعلم أنها نفقةٌ من عُسرٍ فكانت كذلك عند الله نفقةً كُبرى، ومعنى قولي كُبرى أي على قدرها هي عند الله كُبرى في الميزان، بمعنى إنّها ليست سبعمائة ضعف كمثل نفقة المُنفق من يُسرٍ؛ بل يُضاعف الله لمن يشاء فوق ذلك، وهي نفقات الفقراء قُربةً إلى ربّهم فلم يمنعهم فقرهم من القُربة إلى الله. وقال الله تعالى: {مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ ۗ وَاللَّـهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّـهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴿٢٦١﴾} صدق الله العظيم [البقرة].
فأما البيان لقول الله تعالى: {مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ} فذلك الربو عند الله لنفقة المنفق في سبيل الله من يُسرٍ، وعلى سبيل المثال نفقة غنيٍّ أنفق ألف ريالٍ سعودي من يُسرٍ وكذلك فقير أنفق ألف ريال سعودي من عُسرٍ فإنّهم سواء في قدر النفقة الغني ألفاً والفقير ألفاً ولكنّ بينهم فرقٌ عظيمٌ في ربو النفقات عند الله، فأما ألف الغني فهي في ربو النفقات عند الله كحبةٍ أنبتت سبع سنابل في كُل سنبلةٍ مائة حبةٍ فصار أجره وكأنّه أنفق سبعمائة ألف ريال من نوع العملة التي أنفقها، وأما ألف الفقير الذي أنفقه من عُسر فهو يزيد عن ذلك فذلك المقصود من قوله الله تعالى: {وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} صدق الله العظيم.
ويا معشر الأنصار وكافة التُجّار (من المسلمين) مع ربّهم من الذين يرجون تجارةً لن تبور إنّي أدعوكم إلى الإنفاق في سبيل الله ليس للإحسان إلينا ولا للإحسان إلى الرحمن وليس بأسفكم سبحانه؛ بل هو الغني وأنتم الفقراء تصديقاً لقول الله تعالى: {هَا أَنتُمْ هَـٰؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ ۖ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ ۚ وَاللَّـهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاءُ ۚ وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم ﴿٣٨﴾} صدق الله العظيم [محمد].
وليس الإمام المهديّ من يدعوكم للإنفاق في سبيل الله؛ بل الله هو من دعاكم في محكم كتابه واشترى منكم أنفسكم وأموالكم فوعدكم بالثمن منه عاجلاً في الدنيا ومنه آجلاً جنةً عرضها السماوات والأرض، فأما العاجل فهو قول الله تعالى: {وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴿٣٩﴾} صدق الله العظيم [سبأ].
فهذا ممّا وعدكم الله به عاجلاً في الدنيا فيوفّيكم بوعده ولكنّكم لا تشعرون أنّه كفاكم مصائب لا تعلمونها كانت مكتوبةً عليكم في الكتاب فأبرأها قبل أن تُصيبكم سواء في أموالكم في الأرض أو في أنفسكم، تصديقاً لقول الله تعالى: {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا ۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّـهِ يَسِيرٌ ﴿٢٢﴾} صدق الله العظيم [الحديد].
إذاً هذا النوع من الوفاء قد لا تشعرون به حين يوفّى إليكم لأنّ الله أبرأه في الكتاب من قبل أن يُصيبكم، وذلك هو البيان الحَقّ لقول الله تعالى: {لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَـٰكِنَّ اللَّـهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ ۗ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنفُسِكُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّـهِ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ﴿٢٧٢﴾} صدق الله العظيم [البقرة].
ويا معشر كافة المسلمين الأغنياء والفقراء أنفقوا في سبيل الله من اليُسر ومن العُسر فلا تحقّروا شيئاً ولو كان درهماً واحداً وليس الشرط نفقة في السراء؛ بل وفي الضراء ما استطعتم إن كنتم تحبّون الله فأنفقوا في السراء وفي الضراء واعفوا عمّن ظلمكم وأعطوا من حرمكم ومن أحسن إليكم تصديقاً لمُحكم كتاب الله في قول الله تعالى: {الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّـهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴿١٣٤﴾} صدق الله العظيم [آل عمران].
ويا معشر كافة المسلمين، شاركوا في شراء القناة الفضائية (منبر المهديّ المنتظَر) لبيان الذكر إلى كافة البشر في كافّة الأقطار نذيراً لهم من قدوم الكوكب العاشر كوكب النار الذي يبيضّ من هوله الشعر وتبلغ القلوب الحناجر فأُنذرُ البشر بالفرار، كلا لا مفر من عذاب الله الواحد القهار إلا الفرار من الله إليه فتتوسّلون إليه برحمته أن يغفر لكم فينجيكم برحمته ليصرف عنكم الله الواحد القهار عذاب كوكب النار كوكب سقر يوم المرور وكان وعده في الكتاب مسطوراً؛ يوم يسبق الليل النهار؛ يوم مجيء بعض آيات ربك؛ يوم مرور الكوكب العاشر سقر وطلوع الشمس من مغربها فيسبق الليل النهار، فأين المفر من الطّامّة الكُبرى أحد أشراط الساعة الكُبرى ذلك كوكب النار، أُقسم بالله الواحد القهار ذلك كوكب سقر اللواحة للبشر من حينٍ إلى آخر آية التصديق من ربّكم للبيان الحَقّ للذكر وليس بسحرٍ يُظهر الله به المهديّ المنتظَر في ليلةٍ على كافة البشر، وجئتكم على قدرٍ في الكتاب المسطور نذيراً للبشر لمن شاء منكم أن يتقدّم أو يتأخّر، فلا أتغنّى لكم بالشعر ولستُ مُساجعاً بالنثر؛ بل بالبيان الحَقّ للذكر فآتيكم بالسلطان من محكم القرآن لا يزيغُ عنه إلا هالكٌ من الإنس والجانّ، ولم يجعل الله سلطان الحُجّة عليكم في الحلم والرؤيا في المنام ولا في القسم؛ بل في العلم من السلطان المُحكم من القرآن ونفصّله في البيان مما علّمني الرحمن الذي أنزل القرآن، وكذلك عليه البيان ليكشف الله بعبده الغُمّة فيوحد به الأمّة، ولم يجعلني الله نبيّاً ولا رسولاً، وأُبشّركم بابن مريم البتول يبعثه الله إليكم ليقول إنّي عبد الله فيُكلمكم كما تكلَم وهو في المهد صبيّاً في قول الله تعالى: {فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ ۖ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا ﴿٢٧﴾ يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا ﴿٢٨﴾ فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ ۖ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا ﴿٢٩﴾ قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّـهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا ﴿٣٠﴾ وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا ﴿٣١﴾} صدق الله العظيم [مريم].
وسوف يُكلِّمُكُم اليوم كهلاً وهو من الصالحين التابعين لإمام المسلمين ليجعله الله حَكماً وشاهداً على النّصارى ودليل الحيارى بين أتباع النّصارى أو أتباع المُسلمين أيُّنا على الحَقّ المُبين لا يُشرك بربّ العالمين، ويُكلّمكم كهلاً وهو من الصالحين التابعين للإمام بالذكر الحكيم الداعي إلى الصراط المستقيم الإمام ناصر محمد اليماني.
وسلامٌ على المرسَلين، والحمد للهِ ربِّ العالمين ..
_______________