الإمام المهديّ ناصر محمد اليمانيّ
27 - شعبان - 1443 هـ
30 - 03 - 2022 مـ
10:33 صباحًا
(بحسب التّقويم الرسمي لأمّ القرى)
[ لمتابعة رابط المشاركة الأصلية للبيان ]
https://mahdialumma.xyz/showthread.php?p=376408
________________
ردودٌ للسّائلين مُختَصرةٌ مِن مُحكَم التَّذكِرة ..
بِسمِ الله الرّحمن الرّحيم والصّلاة والسّلام على محمدٍ رسول الله صلى الله عليه وعلى مَن اتّبعَه مِن العالَمِين في كلّ زمانٍ ومكانٍ إلى يوم الدّين، ثمّ أمّا بعد..
ويا قمر بني هاشم فلتَكوني واسعة الفِكر؛ فسُؤالِك عن قول الله تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ۚ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا ۗ وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ﴿١٤٤﴾ وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُّؤَجَّلًا ۗ وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا ۚ وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ ﴿١٤٥﴾ وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ﴿١٤٦﴾ وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَن قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴿١٤٧﴾ فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴿١٤٨﴾} صدق الله العظيم [آل عمران].
وكان سُؤالكِ هو: لماذا ورَدت احتِماليَّة قتل محمد رسول الله برغم أنّ الله وعده بالعِصمة مِن الناس؟ ولكنّك نسيتِ أنّ الخِطاب ليس خاصًّا بمحمدٍ رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بل فتوى تشمل كافّة الدُّعاة إلى الله بشكلٍ عامٍّ؛ سواءً رُسُل الكتاب، أو الأنبياء الذين يُؤتيهم الله حُكْم الكتاب، أو أئمة الكتاب المُصطفِين وخلفاء الله أجمعين الدُّعاة إلى الله على بصيرةٍ مِن ربّهم (أَفَإِن مَّاتَوا أَوْ قُتِلَوا انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ)؟ يا سبحان الله العظيم! ولذلك قال قد خلت مِن قبله الرُّسُل بشكلٍ عامٍّ؛ أصحاب دعوةٍ واحدةٍ مُوَحَّدةٍ؛ تصديقًا لقول الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴿٢٥﴾} صدق الله العظيم [الأنبياء].
ويا أيّتها السّائلة، هل تعلَمين لو أنّ الله سبحانه ذَكَر الموت فقط ولم يذكُر القتل؟ إذًا لأصبحت فتوى الارتِداد للتّابعين عن اتّباع مَن يُقتَل مِن الدُّعاة إلى عبادة الله وحده سبحانه وتعالى علوًّا كبيرًا؛ بل سوف تُصبح حُجّةً للشّيطان في الطّعن في كلمة التّوحيد أنّها تموتُ بمُجرَّد مَقتَل صاحب الدّعوة، يا سبحان الله العظيم! فإن الأنبياء وأئمّة الكتاب يَدعون إلى كلمةٍ سواءٍ بين عبيد الله أجمعين؛ ذلكُم القول الثّقيل في مُحكَم التّنزيل: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له في العبادة كما لا شريك له في خلق عبيده" لتحقيق الحِكمة مِن خَلقِهم تصديقًا لقول الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴿٥٦﴾} صدق الله العظيم [الذاريات].
ويا قمر بني هاشم إنّكِ ركَّزتِ على نقطةٍ في الآية ونَسيتِ مَضمُونها العظيم أنّ الله حيٌّ لا يموت ولا تموت الدّعوة إلى عبادة الله وحده بسبب قتلِ أو موتِ الدّعاة إليه سبحانه، فليس لهم علاقةٌ بعبادة الله سواءً الرّسُل والأنبياء وأئمّة الكتاب وكافّة الصّالحين وكافّة الكافرين، تصديقًا لقول الله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ ۖ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ ﴿٣٤﴾ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ﴿٣٥﴾} صدق الله العظيم [الأنبياء].
فهل وصلَت الفكرة إلى عقلِكِ؟ كونه سبحانه يقصد الدّعوة إلى عبادة الله على بصيرةٍ مِن الله فلا تموت عبادة الله بسبب موت الدُّعاة إلى الله كون ليس لهم علاقة مع عبادة الله كونهم ليسوا شركاءه في العباده تصديقًا لقول الله تعالى: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللَّهِ وَلَٰكِن كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ ﴿٧٩﴾ وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا ۗ أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴿٨٠﴾} صدق الله العظيم [آل عمران].
ويا أيّها المُهندس ماهر إنّي أراكَ مُعجبٌ بعقلك وأنت أصلًا لا تعقِل إلّا قليلًا - مع احترامي لشخصِك الكريم - ويا رجل أحرِق المكتبة التي لديكَ فقد أضلَّتكَ عن سواء السّبيل واتَّبعنِي أهدِكَ صراطًا سويًّا، فلماذا عقلك الذّكيّ لم يرفُض أنّ أوّل سورةٍ نزلت في القرآن العظيم قوله تعالى: بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیمِ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴿١﴾ خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ ﴿٢﴾ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ﴿٣﴾ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ﴿٤﴾ عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴿٥﴾} صدق الله العظيم [العلق]؟
فهذه لا تخُصّ محمد رسول الله بالخطاب؛ بل تخُصّ صاحبَ علمِ الكتاب (الإنسان الذي علّمه الله البيان بالقراءة) كونه لم يتنزّل رسول الله جبريل بكتابٍ في قِرطاسٍ إلى محمدٍ رسول الله حتى يقول له اقرأ، ولكنّ الله يعلم أنَّ نبيَّه أُمّيٌّ لا يقرأ ولا يكتُب، وبسبب أُمِّيَّتِه أيقَن أهل الكتاب ببعثِ محمدٍ رسول الله صلى الله عليه وآله؛ بل أعظم مِن يقينُه بنبُوَّته بادِئ الأمر ولذلك قال الله تعالى: {فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ ۚ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ﴿٩٤﴾ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴿٩٥﴾ إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ ﴿٩٦﴾ وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّىٰ يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ ﴿٩٧﴾ } صدق الله العظيم [يونس].
فهل تعلمُ عن سبب يقينِ علماء بني إسرائيل والنّصارى؟ ألا وإنّه بسبب أنّه أميٌّ لا يقرأ ولا يكتب، تصديقًا لقول الله تعالى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴿١٥٧﴾} [الأعراف].
فلو كان يقرأ ويكتُب لارتابَ المُبطِلون منهم تصديقًا لقول الله تعالى: {وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ ۖ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ ﴿٤٨﴾ بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ۚ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ ﴿٤٩﴾} صدق الله العظيم [العنكبوت].
فبرغم أنّه أميٌّ ولكنّهم وجدوا الحُكم بينَهم فيما كانوا فيه يختلفون؛ بل الحُكم المُقنعُ لعُقولِهم أجمعين فعلِموا أنّه الحقّ مِن ربّهم تصديقًا لقول الله تعالى: {إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ﴿٧٦﴾} صدق الله العظيم [النمل].
وربّما يودُّ الباحثُ المُهندس ماهر أن يقول: "يا ناصر محمد اليماني قد غَشَّاني ما غَشَّاني مِن الشّك في أمرِك، أفلا تُخبرُنا مِمّا علَّمَك الله؟ وعليك أنّ تعلمَ أنّ المُهندس ماهر فطحولٌ فصيحُ اللّسان في البلاغة والبيان". فمِن ثمّ يردُّ عليك خليفة الرّحمن الذي لا يستطيع أن يغلبَه إنسٌ ولا جانٌ مِن القرآن ولو اجتمعوا له وأقول: إنّي أصدِّقُ الله أنّه لم يُنَزّل على محمد رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - كتابًا في قرطاسٍ، تصديقًا لقول الله تعالى: {وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ ﴿٧﴾ وَقَالُوا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ ۖ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكًا لَّقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لَا يُنظَرُونَ ﴿٨﴾} [الأنعام]، فكيف يقول له اقرأ؟!
بل كانت أوّل سورة أنزِلت على محمدٍ رسول الله هي السّورة التي تحمل دعوتَه التي يبدأ بها خطاب الناس إلى توحيد الله سبحانه عمّا يُشركون وتعالى عُلوًّا كبيرًا، تلكم السّورة التّعريفيّة بالله الذي يدعو الناس لعبادته وتحمِلُ التّعريفَ لصفاتِ الله الذّاتيّة، تلكم سورة الإخلاص: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴿١﴾ اللَّهُ الصَّمَدُ ﴿٢﴾ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ﴿٣﴾ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴿٤﴾} [الإخلاص].
وكانت ليلة النّصف مِن رمضان بعد أن تناول محمدٌ رسول الله وجبة العشاء صعِد إلى الغار الذي يعلوا قرية مكّة للتّفكّر في ملكوتِ السّماوات والأرض؛ يريدُ مِن الله أن يهديه إلى الحقّ كونه ليس مقتنعًا بعبادة ما وجدَ عليه آباءه بل وجد نفسه في مُفترَق عِدّة طُرُق؛ فطريقة قومه الذين يعبدون الأصنام، واليهود الذين يقولون عُزير ابن الله، والنّصارى الذين يقولون المسيح ابن الله، فتنزّلت الملائكة والرّوحُ فيها فتَمثَّل له الرّوح القُدُس - جبريلُ - رجُلًا سويًّا بين يَدي محمد رسول الله فتَقدّم إلى محمدٍ النّبيّ الأميّ، فنهض محمدٌ فزِعًا وكان يريد أن يَسُلَّ سيفَه فباشَرَه جبريل فأمسَك بيدِه اليُمنى على يمينِ محمدٍ ليُبقي السّيف في غِمده، وأمسَك بيده الأخرى بقميصِ محمدٍ رسول الله، ونَعم أجدُه حقًّا كان يَجرُّه إليه في مُحكَم القرآن العظيم فقال له: "قُل". فقال محمد: "ماذا أقول؟" فكرَّرَها مرّةً أخرى وقال: "قل". فقال النّبيّ: "ماذا أقول؟" قال: "{ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴿١﴾ اللَّهُ الصَّمَدُ ﴿٢﴾ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ﴿٣﴾ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴿٤﴾}" صدق الله العظيم [الإخلاص].
فمِن ثمّ اختفى الرّجل الذي تَمثَّل له بشرًا سَوِيًّا، فارتعدَ محمد رسول الله فهرعَ مِن الجبل نحو داره في مكّة، فوصل داره وقلبه يرتجفُ مِن الفزع فاستلقى على فراشه فقال لزوجته بنت خويلد: "دَثِّروني". فدثّرَته باللّحاف وضغطت على صدره لتُذهِبَ منه الرَّوعَ فقالت: "يا محمد هَدِّئ مِن رَوعِك فماذا أفزعَك روحي لك الفداء؟" فذهبَت فأحضرت له كأس ماءٍ حتى إذا بدأ يذهبُ الرَّوعُ عنه فمِن ثمّ قَصّ عليها ما حدث وأخبَرها بأنّه تَمثَّل بين يديه رجلًا سَويًّا يقول اسمه الرّوح القُدُس المَلَك جبريل فقال: قال الله تعالى: { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴿١﴾ اللَّهُ الصَّمَدُ ﴿٢﴾ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ﴿٣﴾ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴿٤﴾ } صدق الله العظيم.
فطلبَت منه أن يَقُصَّ عليها الخبَر مرّةً أخرى فقَصَّ عليها نفس القِصّة ثم طلبَت منه للمرّة الثّالثة وقال لها نفس القول دونما تختلف كلمة واحدة فمِن ثمّ غطّته كامِلًا باللّحاف، فأجدُها ذهبَت الى شخصٍ ما كونَها تركته لحاله في غرفة منامها قليلًا مِن الوقت لوحده فحضر جبريل عليه الصّلاة والسّلام فنادى قائلًا: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ﴿١﴾ قُمْ فَأَنذِرْ ﴿٢﴾ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ﴿٣﴾ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ﴿٤﴾ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ﴿٥﴾} صدق الله العظيم [المدثر].
فاختفى فعاد إليه الرَّوعّ فحضرت زوجته المباركة فأخبرها أنّ الرجل حضر إليه بعد خروجها فقال: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ﴿١﴾ قُمْ فَأَنذِرْ ﴿٢﴾ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ﴿٣﴾ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ﴿٤﴾ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ﴿٥﴾} صدق الله العظيم.
فقالت له: "هدِّىء مِن رَوعِك فلن يخزيكَ الله" وأخذَت ملابسه لتُطهِّرَها فغيَّرت له ملابس أخرى، فليس الموقفُ هيّنًا أحبّتي في الله، فلله حكمةٌ بالغةٌ مِن الرَّوع بادئ الأمر حتى يكون محفورًا في الذّاكرة لا ينسى ذلك الموقف أبدًا.
وعلى كلّ حالٍ يا حبيبي في الله ماهر أشهد لله أنَّك لستَ منافقًا، فلا ينبغي للأنصار أن يُؤذوك أو يلمِزوكَ فليتّقوا الله، وفقط عيبُك أنّك تظنّ أنّ لديك عقلًا كبيرًا، ولكنّك تُبصر مِن خُرم إبرةٍ وغرَّك ما لديك مِن الموروثِ.
ويا رجل إنّي أراك تُجادلني في سُلالات بعوضة الدّم الخفيّة ذاتِ الحرب العالميّة وتُجادلني في آيات التّصديق، ورغم أنفك أقول: إنّ الحيّ ميّت. فهيّا فلتُحيِي محمدًا بن سلمان إن كنت مِن الصّادقين، أم تريد أن يضرِبَك الله مَثَلًا جديدًا للآخرين؟! فلِمَ لا تضغط على أعصابك حتى يظهر فيُكلّم العالَمَ محمدٌ بن سلمان كما عَهِدوه - مَن يُتابعون خطاباته - فحينها تُحاجّني؟ وهيهات هيهات.. فلن يستطيع - بإذن الله - حتى يلِج الجَمَل في سَمِّ الخِياط وقُضيَ الأمر يا ماهر فاتَّق الله الواحد القهار، فالموت السّريري هو موتٌ حقيقيٌّ، بل ترى الرّؤساء الأشرار هُم أصدق مِن ناصر محمد اليماني! غير أنّي أعدُك بأنّي لا ولن أجادِلك لو ظهر محمد بن سلمان ليُلقيَ خِطابًا ما أو يعقِدَ مُؤتمرًا صحفيًّا جديدًا هيهات هيهات.. بل سوف تختفي وجوهٌ كثيرةٌ عن الشّاشات، ولستُ بآسِفِكَ أن تُصدّقني، وإذا أقسمتُ أقسمُ بالحقّ رغم أنفك، ويُحقّ الله الحقّ، فكيف يُخزي الله خليفته يا ماهر؟! فما ظنّك بمن كان الله معه؟ فهل تراهُ يَذِلُّ أو يَخزى؟ فلن يُخزي الله الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني فالحُكم لله خير الفاصِلين.
وسَلامٌ على المُرسَلِين والحمد لله ربّ العالَمين..
خليفة الله وعبده المهديّ؛ ناصر محمد اليماني.
____________
27 - شعبان - 1443 هـ
30 - 03 - 2022 مـ
10:33 صباحًا
(بحسب التّقويم الرسمي لأمّ القرى)
[ لمتابعة رابط المشاركة الأصلية للبيان ]
https://mahdialumma.xyz/showthread.php?p=376408
________________
ردودٌ للسّائلين مُختَصرةٌ مِن مُحكَم التَّذكِرة ..
بِسمِ الله الرّحمن الرّحيم والصّلاة والسّلام على محمدٍ رسول الله صلى الله عليه وعلى مَن اتّبعَه مِن العالَمِين في كلّ زمانٍ ومكانٍ إلى يوم الدّين، ثمّ أمّا بعد..
ويا قمر بني هاشم فلتَكوني واسعة الفِكر؛ فسُؤالِك عن قول الله تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ۚ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا ۗ وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ﴿١٤٤﴾ وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُّؤَجَّلًا ۗ وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا ۚ وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ ﴿١٤٥﴾ وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ﴿١٤٦﴾ وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَن قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴿١٤٧﴾ فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴿١٤٨﴾} صدق الله العظيم [آل عمران].
وكان سُؤالكِ هو: لماذا ورَدت احتِماليَّة قتل محمد رسول الله برغم أنّ الله وعده بالعِصمة مِن الناس؟ ولكنّك نسيتِ أنّ الخِطاب ليس خاصًّا بمحمدٍ رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بل فتوى تشمل كافّة الدُّعاة إلى الله بشكلٍ عامٍّ؛ سواءً رُسُل الكتاب، أو الأنبياء الذين يُؤتيهم الله حُكْم الكتاب، أو أئمة الكتاب المُصطفِين وخلفاء الله أجمعين الدُّعاة إلى الله على بصيرةٍ مِن ربّهم (أَفَإِن مَّاتَوا أَوْ قُتِلَوا انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ)؟ يا سبحان الله العظيم! ولذلك قال قد خلت مِن قبله الرُّسُل بشكلٍ عامٍّ؛ أصحاب دعوةٍ واحدةٍ مُوَحَّدةٍ؛ تصديقًا لقول الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴿٢٥﴾} صدق الله العظيم [الأنبياء].
ويا أيّتها السّائلة، هل تعلَمين لو أنّ الله سبحانه ذَكَر الموت فقط ولم يذكُر القتل؟ إذًا لأصبحت فتوى الارتِداد للتّابعين عن اتّباع مَن يُقتَل مِن الدُّعاة إلى عبادة الله وحده سبحانه وتعالى علوًّا كبيرًا؛ بل سوف تُصبح حُجّةً للشّيطان في الطّعن في كلمة التّوحيد أنّها تموتُ بمُجرَّد مَقتَل صاحب الدّعوة، يا سبحان الله العظيم! فإن الأنبياء وأئمّة الكتاب يَدعون إلى كلمةٍ سواءٍ بين عبيد الله أجمعين؛ ذلكُم القول الثّقيل في مُحكَم التّنزيل: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له في العبادة كما لا شريك له في خلق عبيده" لتحقيق الحِكمة مِن خَلقِهم تصديقًا لقول الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴿٥٦﴾} صدق الله العظيم [الذاريات].
ويا قمر بني هاشم إنّكِ ركَّزتِ على نقطةٍ في الآية ونَسيتِ مَضمُونها العظيم أنّ الله حيٌّ لا يموت ولا تموت الدّعوة إلى عبادة الله وحده بسبب قتلِ أو موتِ الدّعاة إليه سبحانه، فليس لهم علاقةٌ بعبادة الله سواءً الرّسُل والأنبياء وأئمّة الكتاب وكافّة الصّالحين وكافّة الكافرين، تصديقًا لقول الله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ ۖ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ ﴿٣٤﴾ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ﴿٣٥﴾} صدق الله العظيم [الأنبياء].
فهل وصلَت الفكرة إلى عقلِكِ؟ كونه سبحانه يقصد الدّعوة إلى عبادة الله على بصيرةٍ مِن الله فلا تموت عبادة الله بسبب موت الدُّعاة إلى الله كون ليس لهم علاقة مع عبادة الله كونهم ليسوا شركاءه في العباده تصديقًا لقول الله تعالى: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللَّهِ وَلَٰكِن كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ ﴿٧٩﴾ وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا ۗ أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴿٨٠﴾} صدق الله العظيم [آل عمران].
ويا أيّها المُهندس ماهر إنّي أراكَ مُعجبٌ بعقلك وأنت أصلًا لا تعقِل إلّا قليلًا - مع احترامي لشخصِك الكريم - ويا رجل أحرِق المكتبة التي لديكَ فقد أضلَّتكَ عن سواء السّبيل واتَّبعنِي أهدِكَ صراطًا سويًّا، فلماذا عقلك الذّكيّ لم يرفُض أنّ أوّل سورةٍ نزلت في القرآن العظيم قوله تعالى: بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیمِ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴿١﴾ خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ ﴿٢﴾ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ﴿٣﴾ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ﴿٤﴾ عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴿٥﴾} صدق الله العظيم [العلق]؟
فهذه لا تخُصّ محمد رسول الله بالخطاب؛ بل تخُصّ صاحبَ علمِ الكتاب (الإنسان الذي علّمه الله البيان بالقراءة) كونه لم يتنزّل رسول الله جبريل بكتابٍ في قِرطاسٍ إلى محمدٍ رسول الله حتى يقول له اقرأ، ولكنّ الله يعلم أنَّ نبيَّه أُمّيٌّ لا يقرأ ولا يكتُب، وبسبب أُمِّيَّتِه أيقَن أهل الكتاب ببعثِ محمدٍ رسول الله صلى الله عليه وآله؛ بل أعظم مِن يقينُه بنبُوَّته بادِئ الأمر ولذلك قال الله تعالى: {فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ ۚ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ﴿٩٤﴾ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴿٩٥﴾ إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ ﴿٩٦﴾ وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّىٰ يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ ﴿٩٧﴾ } صدق الله العظيم [يونس].
فهل تعلمُ عن سبب يقينِ علماء بني إسرائيل والنّصارى؟ ألا وإنّه بسبب أنّه أميٌّ لا يقرأ ولا يكتب، تصديقًا لقول الله تعالى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴿١٥٧﴾} [الأعراف].
فلو كان يقرأ ويكتُب لارتابَ المُبطِلون منهم تصديقًا لقول الله تعالى: {وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ ۖ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ ﴿٤٨﴾ بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ۚ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ ﴿٤٩﴾} صدق الله العظيم [العنكبوت].
فبرغم أنّه أميٌّ ولكنّهم وجدوا الحُكم بينَهم فيما كانوا فيه يختلفون؛ بل الحُكم المُقنعُ لعُقولِهم أجمعين فعلِموا أنّه الحقّ مِن ربّهم تصديقًا لقول الله تعالى: {إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ﴿٧٦﴾} صدق الله العظيم [النمل].
وربّما يودُّ الباحثُ المُهندس ماهر أن يقول: "يا ناصر محمد اليماني قد غَشَّاني ما غَشَّاني مِن الشّك في أمرِك، أفلا تُخبرُنا مِمّا علَّمَك الله؟ وعليك أنّ تعلمَ أنّ المُهندس ماهر فطحولٌ فصيحُ اللّسان في البلاغة والبيان". فمِن ثمّ يردُّ عليك خليفة الرّحمن الذي لا يستطيع أن يغلبَه إنسٌ ولا جانٌ مِن القرآن ولو اجتمعوا له وأقول: إنّي أصدِّقُ الله أنّه لم يُنَزّل على محمد رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - كتابًا في قرطاسٍ، تصديقًا لقول الله تعالى: {وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ ﴿٧﴾ وَقَالُوا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ ۖ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكًا لَّقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لَا يُنظَرُونَ ﴿٨﴾} [الأنعام]، فكيف يقول له اقرأ؟!
بل كانت أوّل سورة أنزِلت على محمدٍ رسول الله هي السّورة التي تحمل دعوتَه التي يبدأ بها خطاب الناس إلى توحيد الله سبحانه عمّا يُشركون وتعالى عُلوًّا كبيرًا، تلكم السّورة التّعريفيّة بالله الذي يدعو الناس لعبادته وتحمِلُ التّعريفَ لصفاتِ الله الذّاتيّة، تلكم سورة الإخلاص: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴿١﴾ اللَّهُ الصَّمَدُ ﴿٢﴾ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ﴿٣﴾ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴿٤﴾} [الإخلاص].
وكانت ليلة النّصف مِن رمضان بعد أن تناول محمدٌ رسول الله وجبة العشاء صعِد إلى الغار الذي يعلوا قرية مكّة للتّفكّر في ملكوتِ السّماوات والأرض؛ يريدُ مِن الله أن يهديه إلى الحقّ كونه ليس مقتنعًا بعبادة ما وجدَ عليه آباءه بل وجد نفسه في مُفترَق عِدّة طُرُق؛ فطريقة قومه الذين يعبدون الأصنام، واليهود الذين يقولون عُزير ابن الله، والنّصارى الذين يقولون المسيح ابن الله، فتنزّلت الملائكة والرّوحُ فيها فتَمثَّل له الرّوح القُدُس - جبريلُ - رجُلًا سويًّا بين يَدي محمد رسول الله فتَقدّم إلى محمدٍ النّبيّ الأميّ، فنهض محمدٌ فزِعًا وكان يريد أن يَسُلَّ سيفَه فباشَرَه جبريل فأمسَك بيدِه اليُمنى على يمينِ محمدٍ ليُبقي السّيف في غِمده، وأمسَك بيده الأخرى بقميصِ محمدٍ رسول الله، ونَعم أجدُه حقًّا كان يَجرُّه إليه في مُحكَم القرآن العظيم فقال له: "قُل". فقال محمد: "ماذا أقول؟" فكرَّرَها مرّةً أخرى وقال: "قل". فقال النّبيّ: "ماذا أقول؟" قال: "{ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴿١﴾ اللَّهُ الصَّمَدُ ﴿٢﴾ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ﴿٣﴾ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴿٤﴾}" صدق الله العظيم [الإخلاص].
فمِن ثمّ اختفى الرّجل الذي تَمثَّل له بشرًا سَوِيًّا، فارتعدَ محمد رسول الله فهرعَ مِن الجبل نحو داره في مكّة، فوصل داره وقلبه يرتجفُ مِن الفزع فاستلقى على فراشه فقال لزوجته بنت خويلد: "دَثِّروني". فدثّرَته باللّحاف وضغطت على صدره لتُذهِبَ منه الرَّوعَ فقالت: "يا محمد هَدِّئ مِن رَوعِك فماذا أفزعَك روحي لك الفداء؟" فذهبَت فأحضرت له كأس ماءٍ حتى إذا بدأ يذهبُ الرَّوعُ عنه فمِن ثمّ قَصّ عليها ما حدث وأخبَرها بأنّه تَمثَّل بين يديه رجلًا سَويًّا يقول اسمه الرّوح القُدُس المَلَك جبريل فقال: قال الله تعالى: { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴿١﴾ اللَّهُ الصَّمَدُ ﴿٢﴾ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ﴿٣﴾ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴿٤﴾ } صدق الله العظيم.
فطلبَت منه أن يَقُصَّ عليها الخبَر مرّةً أخرى فقَصَّ عليها نفس القِصّة ثم طلبَت منه للمرّة الثّالثة وقال لها نفس القول دونما تختلف كلمة واحدة فمِن ثمّ غطّته كامِلًا باللّحاف، فأجدُها ذهبَت الى شخصٍ ما كونَها تركته لحاله في غرفة منامها قليلًا مِن الوقت لوحده فحضر جبريل عليه الصّلاة والسّلام فنادى قائلًا: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ﴿١﴾ قُمْ فَأَنذِرْ ﴿٢﴾ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ﴿٣﴾ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ﴿٤﴾ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ﴿٥﴾} صدق الله العظيم [المدثر].
فاختفى فعاد إليه الرَّوعّ فحضرت زوجته المباركة فأخبرها أنّ الرجل حضر إليه بعد خروجها فقال: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ﴿١﴾ قُمْ فَأَنذِرْ ﴿٢﴾ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ﴿٣﴾ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ﴿٤﴾ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ﴿٥﴾} صدق الله العظيم.
فقالت له: "هدِّىء مِن رَوعِك فلن يخزيكَ الله" وأخذَت ملابسه لتُطهِّرَها فغيَّرت له ملابس أخرى، فليس الموقفُ هيّنًا أحبّتي في الله، فلله حكمةٌ بالغةٌ مِن الرَّوع بادئ الأمر حتى يكون محفورًا في الذّاكرة لا ينسى ذلك الموقف أبدًا.
وعلى كلّ حالٍ يا حبيبي في الله ماهر أشهد لله أنَّك لستَ منافقًا، فلا ينبغي للأنصار أن يُؤذوك أو يلمِزوكَ فليتّقوا الله، وفقط عيبُك أنّك تظنّ أنّ لديك عقلًا كبيرًا، ولكنّك تُبصر مِن خُرم إبرةٍ وغرَّك ما لديك مِن الموروثِ.
ويا رجل إنّي أراك تُجادلني في سُلالات بعوضة الدّم الخفيّة ذاتِ الحرب العالميّة وتُجادلني في آيات التّصديق، ورغم أنفك أقول: إنّ الحيّ ميّت. فهيّا فلتُحيِي محمدًا بن سلمان إن كنت مِن الصّادقين، أم تريد أن يضرِبَك الله مَثَلًا جديدًا للآخرين؟! فلِمَ لا تضغط على أعصابك حتى يظهر فيُكلّم العالَمَ محمدٌ بن سلمان كما عَهِدوه - مَن يُتابعون خطاباته - فحينها تُحاجّني؟ وهيهات هيهات.. فلن يستطيع - بإذن الله - حتى يلِج الجَمَل في سَمِّ الخِياط وقُضيَ الأمر يا ماهر فاتَّق الله الواحد القهار، فالموت السّريري هو موتٌ حقيقيٌّ، بل ترى الرّؤساء الأشرار هُم أصدق مِن ناصر محمد اليماني! غير أنّي أعدُك بأنّي لا ولن أجادِلك لو ظهر محمد بن سلمان ليُلقيَ خِطابًا ما أو يعقِدَ مُؤتمرًا صحفيًّا جديدًا هيهات هيهات.. بل سوف تختفي وجوهٌ كثيرةٌ عن الشّاشات، ولستُ بآسِفِكَ أن تُصدّقني، وإذا أقسمتُ أقسمُ بالحقّ رغم أنفك، ويُحقّ الله الحقّ، فكيف يُخزي الله خليفته يا ماهر؟! فما ظنّك بمن كان الله معه؟ فهل تراهُ يَذِلُّ أو يَخزى؟ فلن يُخزي الله الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني فالحُكم لله خير الفاصِلين.
وسَلامٌ على المُرسَلِين والحمد لله ربّ العالَمين..
خليفة الله وعبده المهديّ؛ ناصر محمد اليماني.
____________