الإمام ناصر محمد اليماني
13 - 09 - 1431 هـ
23 - 08 - 2010 مـ
09:58 صباحاً
ــــــــــــــــــــــــ
( رد المهديّ المنتظَر إلى خطيب المنبر )
لكن الله أراد أن يبيّن لعباده بأن ليس برهان الخلافة هو نوعيّة الخلق ..
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين النبيّ الأميّ الأمين وآله الطيبين الطاهرين والتابعين للحقّ إلى يوم الدين..
سلام الله عليكم حبيبي في الله أحد مشايخ المسلمين وخطيب المنبر في أحد بيوت الله ورحمة الله عليك وآل بيتك وجميع المسلمين، ويرحب بك المهديّ المنتظَر كضيفٍ مكرمٍ في طاولة الحوار ويصلي عليكم الإمام المهديّ والملأ الأعلى ليصلي عليكم ربّ العالمين أن يغفر الله لجميع المسلمين ويريكم الحقّ المستقيم ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيماً تصديقاً لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّـهَ ذِكْرًا كَثِيرًا ﴿٤١﴾ وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ﴿٤٢﴾ هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۚ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ﴿٤٣﴾} صدق الله العظيم [الأحزاب].
ويا حبيبي في الله خطيب المنبر الباحث عن الحقّ في طاولة الحوار العالميّة للمهديّ المنتظَر في عصر الحوار من قبل الظهور، رحَّب بك الله والمهديّ المنتظَر وجميع الأنصار السابقين الأخيار من أولي الألباب خير الدَّواب في محكم الكتاب هم الذين يعقلون فيستخدمون عقولهم التي أنعم بها الله عليهم ليتدبروا القول تدبر العقل بالمنطق الفكري فيستمعون القول من قبل أن يحكموا على الداعية حتى لا يظلموا أنفسهم إن كان يدعو إلى سبيل الله على بصيرةٍ من ربّه مُقنعةٍ للعقل والمنطق ومن ثمّ ينظروا هل ينطق بالحقّ ويهدي إلى صراطٍ مستقيمٍ؟ ومن ثم يتبعون القول الحسن الحقّ من ربّهم، أولئك هم الذين هدى الله من عباده في كلِّ زمانٍ ومكانٍ، وكذلك نُبشّر أولي الألباب من هذه الأمّة ممن أعثرهم الله على دعوة المهديّ المنتظَر في عصر الحوار من قبل الظهور فلم يحكموا من قبل أن يسمعوا منطق بيانه بأنهم سيهتدون إلى الحقّ من ربّهم، تصديقاً لقول الله تعالى: {فَبَشِّرْ عِبَادِ ﴿١٧﴾ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ۚ أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّـهُ ۖ وَأُولَـٰئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴿١٨﴾} صدق الله العظيم [الزمر].
وما دمتم وجدتم الفتوى من الله عن سرّ الذين هدى الله من عباده في كلِّ زمانٍ ومكانٍ وأفتاكم عن سرّ هداهم أنهم الذين يتفكّرون في القول فيستخدمون عقولهم، إذاً الذين لم يهتدوا إلى الحقّ في كلِّ زمانٍ ومكانٍ هم الذين لا يستخدمون عقولهم ويتّبعون الذين من قبلهم الاتِّباع الأعمى من غير تفكّر ولا تدبّر، ولذلك تجدون الفتوى منهم في علم الغيب عن سبب عدم هداهم إلى الحقّ فتجدون أنه عدم التَّفكّر بالعقل. وقال الله تعالى: {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴿١٠﴾} صدق الله العظيم [الملك].
ومن ثم ننظر لفتوى الله بالحقّ عن بعث النار وسبب دخولهم فيها بغير ظلمٍ من ربّهم فتجدون أنهم الذين لا يستخدمون عقولهم. وقال الله تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ ۖ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا ۚ أُولَـٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ۚ أُولَـٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴿١٧٩﴾} صدق الله العظيم [الأعراف].
إذاً أشرّ الدواب في الكتاب هم الذين لا يتفكّرون بعقولهم التي أنعم بها الله عليهم ليميّزوا بين الحقّ والباطل، وقال الله تعالى: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللَّـهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ ﴿٢٢﴾} صدق الله العظيم [الأنفال:22]، ولذلك قالوا: {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴿١٠﴾}.
ويا أيها الضيف الكريم، إنّني الإمام المهديّ المنتظَر الحقّ من ربّ العالمين، وأقسمُ بالله العظيم من يحيي العظام وهي رميم ربّ السماوات والأرض وما بينهما وربّ العرش العظيم أنك لن تتبع المهديّ المنتظَر الحقّ من ربِّك حتى تستخدم عقلك لكي تُميِّز بين الحقّ والباطل، فإذا تدبَّرت وتفكَّرت في بيانات الإمام ناصر محمد اليماني الذي يفتي أنه المهديّ المنتظَر خليفة الله في الأرض فلا بُدّ أنَّ الله الذي خلقه فاختاره ليكون خليفة ربّه فحتماً سوف يزيده بسطةً في العلم على من استخلفه الله عليهم كما زاد آدم خليفة الله بسطةً في العلم على الملائكة الذين كانوا يريدون أن يكون لهم الخيار في اختيار خليفة الله ويرون أنهم هم الأحقّ بهذا التكريم من غيرهم لكونهم يسبحون بحمد الله ويقدسون له الليل والنهار وهم لا يسأمون، وقال الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴿٣٠﴾} صدق الله العظيم [البقرة].
بمعنى لستم بأعلم من ربّكم حتى يكون لكم الخيار في اصطفاء خليفة الله؛ بل الله يخلق ما يشاء ويختار خليفته من خلقه ولا يُشرك في حُكمه أحداً. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ۗ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ۚ سُبْحَانَ اللَّـهِ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴿٦٨﴾} صدق الله العظيم [القصص].
وكان في نفس الله شيء على الملائكة المقربين لكونهم غرَّتهم مكانتهم عند ربّهم وأخذتهم الغيرة على أنفسهم من أن يصطفي الله خليفةً له من غير الملائكة فتجرأوا إلى ما لا يحقّ لهم وتعدّوا حدودهم فيما ليس لهم الخيرة فيه ولم يشاورهم الله في شأن اختيار خليفته في الأرض بل قال الله تعالى: {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ﴿٢٩﴾} صدق الله العظيم [الحجر]، وكان ردّهم على ربّهم: {قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴿٣٠﴾} صدق الله العظيم [البقرة].
وصار في نفس الله شيءٌ من ملائكته المقربين فهم ليسوا بأعلم من ربّهم، فأسرَّ الله ذلك في نفسه ولم يُبدِهِ لهم حتى أقام الحجّة عليهم أنهم ليسوا بأعلم من الله سبحانه؛ بل الله هو من يختار خليفته من خلقه ومن ثم يزيده بسطةً في العلم على من استخلفه عليهم، وقال الله تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَـٰؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴿٣١﴾} [البقرة]، حتى إذا سمع الملائكة القول الموجّه إليهم: {إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} ومن ثم أدرك الملائكة أنه صار في نفس ربّهم شيءٌ منهم وعلموا أنهم تجاوزوا حدودهم مع ربّهم فيما ليس لهم فيه من الأمر شيء، ومن ثم تابوا فأنابوا معترفين بخطئهم أنهم ليسوا بأعلم من ربّهم فسبحوا ربّهم عن نقص العلم، ولذلك: {قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴿٣٢﴾} [البقرة].
ومن ثم أراد الله من آدم أن يقيم برهان الخلافة عليهم بالحقّ أنه زاده بسطةً في العلم على من استخلفه عليهم: {قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ ۖ فَلَمَّا أَنبَأَهُم بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ ﴿٣٣﴾} صدق الله العظيم [البقرة].
بمعنى أنكم لستم بأعلم من الله الذي يخلق ما يشاء ويختار ويزيده بسطةً في العلم على من استخلفهم عليهم سبحانه، حتى إذا أقام خليفة الله آدم الحجّة على الملائكة أنّ الذي اصطفاه قد زاده بسطةً في علم الكتاب على من استخلفه عليهم لتكون بسطة العلم هي برهان الخليفة والإمام للناس في كلّ مكانٍ وزمانٍ، وحتى إذا أثبت خليفة الله آدم أنّه أعلم من الملائكة لأن الذي اصطفاه قد زاده بسطةً في العلم عليهم، وحتى إذا أقام خليفة الله الحجّة على الملائكة في بسطة العلم فمن ثم جاء الأمر من الله إلى ملائكته: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ﴿٣٤﴾} صدق الله العظيم [البقرة].
وكذلك إبليس سبب فتنته هو الكبر بسبب الغيرة على نفسه بغير الحقّ وعلى عالَمه من الجنّ؛ لِمَ لَمْ يختر الله خليفته من الجنّ؟ وأراد الله أن يبيّن لكم ما سبب عدم سجوده لآدم عليه الصلاة والسلام وأنه التفاخر في الخلق على آدم. وقال الله تعالى: {قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ۖ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ ﴿٧٥﴾ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ ۖ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ ﴿٧٦﴾} [ص].
ولكن الله أمره - بغض النظر ممَّ خلق الله آدم - فكان من المفروض أن يخضع ويطيع خليفة الله آدم سجوداً لأمر الله تعالى وإنما طاعة الخليفة هي سجودٌ لأمر الله. وقال الله تعالى: {قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ۖ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ ﴿١٢﴾} [الأعراف].
ولكن الله أراد أن يُبيّن لعباده أن برهان الخلافة ( ليس هو في نوعيّة الخلق ) فقد خلق الملائكة من النور والجان من النار ومن ثم خلق له خليفة من طين الذي تدوسه الأقدام؛ لكي يُعَلِّم عبادَه أنّ الدرجات وبرهان الخلافة هو في بسطة العلم؛ لكي يُعلِّم بذلك الأجيال في الجنّ والإنس أن برهان الخليفة والإمام للناس هو في بسطة العلم من أول خليفة آدم عليه الصلاة والسلام إلى خاتم خلفاء الله أجمعين الإمام المهديّ المنتظَر.
وكذلك الإمام طالوت عليه الصلاة والسلام، فقد أفتى بني إسرائيل نبيُّهم أنه ليس له من الأمر شيئاً في اصطفاء الإمام طالوت برغم أنّ نظريتهم أنهم يرون بأنَّ أحد الأغنياء منهم هو أحقّ أن يكون إماماً ومَلِكاً على بني إسرائيل. وقال الله تعالى: {وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّـهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا ۚ قَالُوا أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ ۚ قَالَ إِنَّ اللَّـهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ ۖ وَاللَّـهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّـهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴿٢٤٧﴾} صدق الله العظيم [البقرة].
إذاً؛ يا أيها الضيف الكريم أحد خطباء بيوت الله فهل ترى بعد هذا البرهان برهاناً في ناموس خليفة الله المصطفى للناس خليفة لله عليهم وإماماً للناس؟ إنّ الله هو الذي يتولّى اختيار الإمام للناس ويزيده بسطةً في العلم عليهم ليحكم بينهم فيما كانوا فيه يختلفون في الدين ويحكمُ بما أنزل الله ولا يخاف في الله لومة لائم ويقيم حدود الله في محكم كتابه التي تمنع ظلم الإنسان عن أخيه الإنسان ومن ثم يعيش الناس بسلامٍ آمنين. وتبيّن لك من خلال هذا البيان أن ليس لملائكة الرحمن المقربين والجنّ والإنس من الأمر شيء في اختيار خليفة الله من دونه؛ بل الأمر لله وحده يخلقُ ما يشاء ويختار. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ۗ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ۚ سُبْحَانَ اللَّـهِ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴿٦٨﴾} صدق الله العظيم [القصص].
ولكن الشيعة والسُّنة تجرأوا فيما لا يحقّ لهم وتجاوزوا حدودهم واختاروا خليفة الله من دونه وكأنّهم أعلم من الله! فأمّا الشيعة فاختاروه قبل أكثر من ألف عامٍ وآتوه الحُكم صبياً ولم نجد مما آتوه من العلم شيئاً ولم نجد له أي أثر؛ لأنهم ليسوا بأعلم من الله سبحانه الذي يخلق ما يشاء ويختار فيزيده ببرهان الخلافة والإمامة بسطةً في العلم على كافة علمائه في عصره.
وكذلك أهل السُّنة والجماعة فهم يعتقدون بغير الحقّ أنهم هم من يُعرِّفون الإمام المهديّ بشأنه فيهم فيقولون له يا فلان إنك أنت المهديّ المنتظَر، شرط أن ينكر أن الله بعثه واصطفاه خليفة له عليهم، فإذا أنكر بايعوه كرهاً وهو صاغرٌ! فهذه هي عقيدتهم في اختيار المهديّ المنتظَر مخالفة للناموس في الكتاب عن فتوى اختيار خليفة الله في الأرض الذي جعله الله للناس إماماً وإنا لصادقون فأقيم الحجّة عليكم بالبرهان المبين من محكم كتاب الله القرآن العظيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه في عصر تنزيله لتحريفه ولا من بعد موت رسوله هُدىً ورحمة لقوم يؤمنون، ولمن حاجَّني في ناموس اختيار خليفة الله من بعد ما علمني ربّي في محكم كتابه عن ناموس اختيار خليفة الله في الأرض ومن ثم أقول لمن حاجني في ذلك: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} صدق الله العظيم [البقرة:111]
وليس البرهان هو من عند أنفسكم اجتهاداً منكم حسب رأيكم ونظرياتكم؛ بل البرهان هو من الرحمن فتستنبطون لنا سلطان العلم من محكم كتابه. تصديقاً لقول الله تعالى: {قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا ۖ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ ﴿١٤٨﴾} صدق الله العظيم [الأنعام].
ولربّما يودّ أن يقاطعني علماء السُّنة والجماعة فيقولون: "لدينا علم نخرجه لك يا ناصر محمد اليماني وهي رواية عن الرسول - صلّى الله عليه وآله وسلّم - أن الإمام المهديّ لا يقول أنه الإمام المهديّ كونه لا يعلمُ أنه الإمام المهديّ خليفة الله المنتظَر؛ بل علماء الأمَّة سيعرفونه في قدره المقدور في الكتاب المسطور فيصطفونه من بين البشر ويقولون له إنك أنت المهديّ المنتظَر وهو ينكر كونه لا يعلمُ أنه هو المهديّ المنتظَر ومن ثم يجبرونه على البيعة كرهاً". ومن ثمّ يردّ عليكم الإمام ناصر محمد اليماني وأقول: فهل أنتم أعلمُ من الله سبحانه حتى تصطفوا خليفة الله من دونه؟ {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} صدق الله العظيم [البقرة:111]. ولذلك قال الله تعالى لملائكته المقربين خيراً منكم: {أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} صدق الله العظيم، أم أنكم لا تعلمون لماذا قال الله تعالى لملائكته المقربين: {إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}؟ والجواب تجدونه في محكم الكتاب في قلب وذات الموضوع: {قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴿٣٠﴾} صدق الله العظيم. ويا سبحان الله العظيم وكأنهم أعلمُ من الله حتى يردوا بهذا الرد على ربّهم. ولذلك قال الله تعالى: {قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ} صدق الله العظيم، أي لستم بأعلم من الله حتى تصفوا ربّكم بخطأ الاختيار سبحانه وتعالى علواً كبيراً. وقال الله تعالى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ۗ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ۚ سُبْحَانَ اللَّـهِ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴿٦٨﴾} صدق الله العظيم [القصص:68].
فليس للإنس ولا للجنّ ولا لملائكة الرحمن المُقربين من الأمر شيئاً في اختيار خليفة الله من دونه. ولذلك قال الله تعالى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ۗ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ۚ سُبْحَانَ اللَّـهِ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ} صدق الله العظيم.
ولربما الذين يبالغون بغير الحقّ في ملائكة الرحمن المقربين يودّ أحدهم لو يقاطع ناصر محمد اليماني، ويقول: "اتقِ الله أيها المهديّ المزعوم الذي يصف ملائكة الرحمن بالخطأ بل هم معصومون لا يخطئون أبداً"، ومن ثمّ يردّ عليهم الإمام المهديّ المنتظَر الحقّ من ربّهم وأقول: إذاً الله في نظركم هو الذي أصبح مُخطئاً في حقّ ملائكته بقوله تعالى: {أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} صدق الله العظيم، أفلا تسألون أنفسكم لماذا قال الله تعالى لملائكته: {إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}؟ وذلك يعني أن الملائكة عليهم الصلاة والسلام قد أخطأوا في شيءٍ فلم يكونوا صادقين بقولهم فيه. فما هو هذا الشيء؟ ومن ثم تجدوه أنه قولهم لربّهم: {قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُّفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ} صدق الله العظيم، وقد غفر الله لملائكته ما حدث منهم بغير قصدٍ منهم فهم يعلمون أنه لا يتصف بالعصمة المطلقة من الخطأ إلا الله ربّ العالمين فتذكّروا وأنابوا وسبَّحوا ربّهم: {قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴿٣٢﴾} [البقرة].
ولكن الذين لا يؤمنون بالله إلا وهم مشركون ستجدونهم يبالغون في ملائكة الرحمن والأنبياء والمرسلين والأئمة الصالحين فاعتقدوا أنهم جميعاً معصومون من الخطأ وبالغوا فيهم بغير الحقّ فجعلوا الله حصرياً لهم من دونهم فهم ينتظرون شفاعتهم لهم بين يدي الله، وقال الله تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُم بِاللَّـهِ إِلَّا وَهُم مُّشْرِكُونَ ﴿١٠٦﴾} صدق الله العظيم [يوسف].
ولكني أشهدُ الله أني الإمام المهديّ خليفة الله المصطفى بالحقّ أعترف أنه لربما كلَّت يد الملك عتيد لكثرة ما كتب من أخطائي البشرية كما تخطئون فأنبتُ إلى ربّي فتاب عليَّ وهداني فوهب لي حكماً وعلماً فألحقني بالصالحين، وأرجو من الله التثبيت لقلبي على الصراط المستقيم الذي بيّنه الله في محكم القرآن العظيم إلى يوم الدين فيجعل قلبي مُعتصماً بحبل الله القرآن العظيم الذي يحيي القلوب الميتة؛ الذين استجابوا للاحتكام إلى كتاب الله القرآن العظيم. تصديقاً لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّـهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴿٢٤﴾} صدق الله العظيم [الأنفال].
ويا علماء الإسلام وأمّتهم، اتقوا الله فاسمعوا وأطيعوا واستجيبوا لدعوة الاحتكام إلى الله وحده لا شريك له فيما كنتم فيه تختلفون في دينكم. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّـهِ ۚ ذَٰلِكُمُ اللَّـهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ﴿١٠﴾} صدق الله العظيم [الشورى].
وما على الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني إلا أن يستنبط لكم حُكم الله بينكم من مُحكم كتابه فتدرك الحكم الحقّ عقولُكم فتعلم أنه الحُكم الحقّ لا شك ولا ريب فلم يجعل الله الإمام المهديّ مثلكم يفتي في المسألة الدينية ومن ثم يقول: والله أعلم، فيزعم أنها قد برئت ذمته أن يفتي بالظنِّ الذي لا يغني من الحقّ شيئاً، ومن ثم يقول: والله أعلم فإن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن الشيطان! وأعوذُ بالله أن أكون من الجاهلين؛ بل أحكمُ بينهم بالحقّ من ربّ العالمين لا شكّ ولا ريب، فلا نسبيّة في الدين تحتمل الصح وتحتمل الخطأ، فلا تقولوا على الله ما لا تعلمون أنه الحقّ من ربّ العالمين لا شكّ ولا ريب كما ترون أحكام ناصر محمد اليماني في بعض ما قد بيّنتُ لكم الحكم فيه ومن ثم تجدون أنهُ الحكم الحقّ من ربّ العالمين فلن تستطيعوا أن تنكرونه أبداً إلا أن تعرضوا عن كتاب الله وذلك لأني آتيكم بالحكم الحقّ من محكم كتاب الله لتعلموا أنّ ناصر محمد اليماني ليس من الذين يتّبعون الظنّ ويفتون في الدين وهم لا يزالون مجتهدين ولم يتوصلوا إلى الحقّ المبين، فهذا محرم على العالِم في دين الله أن يقول على الله ما لا يعلم أنه الحقّ من الله لا شكّ ولا ريب.
وكيف تستطيعون أن توقنوا أنه الحقّ من ربّ العالمين ما لم يكن من مُحكم كتاب الله القرآن العظيم المحفوظ من التحريف والتزييف إلى يوم الدين حجة الله على العالِم وحجّة العالِم على طالب العلم؟ تصديقاً لقول الله تعالى: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ ۖ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ ﴿٤٤﴾} صدق الله العظيم [الزخرف].
وذلك حتى لا تكون لكم الحجّة يوم الدين يوم يقوم الناس لربّ العالمين أنزل الله إليكم كتابه القرآن العظيم لتتبعوه وحفظه من التحريف إلى يوم الدين، وقال الله تعالى: {وَهَـٰذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴿١٥٥﴾ أَن تَقُولُوا إِنَّمَا أُنزِلَ الْكِتَابُ عَلَىٰ طَائِفَتَيْنِ مِن قَبْلِنَا وَإِن كُنَّا عَن دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ ﴿١٥٦﴾ أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَىٰ مِنْهُمْ ۚ فَقَدْ جَاءَكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ ۚ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّـهِ وَصَدَفَ عَنْهَا ۗ سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ ﴿١٥٧﴾} صدق الله العظيم [الأنعام].
ألا والله لن يتّبع الذكر المحفوظ من التحريف ويكفر بما خالف لمحكمه سواءً يكون في التوراة أو في الإنجيل أو في السُّنة النَّبويّة إلا الذين اتقوا الله واتَّبعوا حديثه المحفوظ من التحريف فبأي حديثٍ بعده يؤمنون؟ وقال الله تعالى: {إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَـٰنَ بِالْغَيْبِ ۖ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ ﴿١١﴾} صدق الله العظيم [يس].
وليس معنى ذلك أني أكفر بالأحاديث والروايات عن النَّبيّ عليه الصلاة والسلام فلن أكفر إلا بما ورد إلينا مخالفاً لمحكم كتاب الله القرآن العظيم فكيف أتّبعه وأكذّب بالحقّ من ربّي المحفوظ من التحريف؟ إذاً الحديث المُفترى حتماً سنجد بينه وبين مُحكم الكتاب اختلافاً كثيراً، وما كان محمد رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - يقول بما ليس له به علم من الله فما ينطق عن الهوى بالظنِّ الذي لا يغني من الحقّ شيئاً، غير أنّ أحاديث البيان في السُّنة النَّبويّة ليست محفوظةً من التحريف ولذلك جعل الله حديثه المحفوظ من التحريف هو المرجع لأحاديث رسوله التي لم يعدكم الله بحفظها من التحريف فما اختلفتم فيه فاعرضوه على محكم الكتاب فإذا كان الحديث النَّبويّ في السُّنة مُفترى ليس من عند الله ورسوله فحتماً تجدون بينه وبين محكم القرآن اختلافاً كثيراً كون الحقّ والباطل نقيضان لا يتفقان، وبذلك الناموس تستطيعون أن تكشفوا الأحاديث المكذوبة عن النَّبيّ - صلّى الله عليه وآله وسلّم - كون أحاديث السُّنة النَّبويّة ليست محفوظة من التحريف. وقال الله تعالى: {وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ ۖ وَاللَّـهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ ۖ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّـهِ وَكِيلًا ﴿٨١﴾ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّـهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ﴿٨٢﴾ وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ۗوَلَوْلَا فَضْلُ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا ﴿٨٣﴾} [النساء].
وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله ربّ العالمين ..
أخو المسلمين في الدين الذليل على المؤمنين الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني .
_______________
13 - 09 - 1431 هـ
23 - 08 - 2010 مـ
09:58 صباحاً
ــــــــــــــــــــــــ
( رد المهديّ المنتظَر إلى خطيب المنبر )
لكن الله أراد أن يبيّن لعباده بأن ليس برهان الخلافة هو نوعيّة الخلق ..
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ولكن ليطمئن قلبي: ولدت مقلداً كغيري لمذهب رأته الدولة ولا تطبقه بحذافيره، والى امد ليس ببعيد فانا مالكي المذهب اشعري العقيدة اصلي بصلاة الناس وأاتم بأإمتهم الى ان بدت في الافق ان المسلمون ليسو كلهم على كلمة واحدة وهو نص حديث من لاينطق عن الهوى محمد الهادي البشير صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين ماتلازم الجديدان ونبوءته بأبي هو وأمي في اختلاف الامة من بعده وماوافقها من آي الذكر الحكيم فأصبح وكل شيء من حولي يحتاج الى تدقيق وعرض على القرءان والسنة ويحتاج الامر الي الدليل والحجة فتارة اجد ضالتي عند العالم الفلاني وأخرى عند المجدد الفلاني وتختلط الامور ويتشتت الفكر وتأخذني الحيرة الى مالايعلم قراره الا الله سبحانه وتعالى اريد منكم حفظكم الله تعالى ونصركم ان تجيبوني في حيرتي وأن تأخذوا بيدي لجادة الصواب مع العلم بأنني حطيب لمسجد ومحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم وعترته الطاهرين أفيدونا مأجورين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سلام الله عليكم حبيبي في الله أحد مشايخ المسلمين وخطيب المنبر في أحد بيوت الله ورحمة الله عليك وآل بيتك وجميع المسلمين، ويرحب بك المهديّ المنتظَر كضيفٍ مكرمٍ في طاولة الحوار ويصلي عليكم الإمام المهديّ والملأ الأعلى ليصلي عليكم ربّ العالمين أن يغفر الله لجميع المسلمين ويريكم الحقّ المستقيم ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيماً تصديقاً لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّـهَ ذِكْرًا كَثِيرًا ﴿٤١﴾ وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ﴿٤٢﴾ هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۚ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ﴿٤٣﴾} صدق الله العظيم [الأحزاب].
ويا حبيبي في الله خطيب المنبر الباحث عن الحقّ في طاولة الحوار العالميّة للمهديّ المنتظَر في عصر الحوار من قبل الظهور، رحَّب بك الله والمهديّ المنتظَر وجميع الأنصار السابقين الأخيار من أولي الألباب خير الدَّواب في محكم الكتاب هم الذين يعقلون فيستخدمون عقولهم التي أنعم بها الله عليهم ليتدبروا القول تدبر العقل بالمنطق الفكري فيستمعون القول من قبل أن يحكموا على الداعية حتى لا يظلموا أنفسهم إن كان يدعو إلى سبيل الله على بصيرةٍ من ربّه مُقنعةٍ للعقل والمنطق ومن ثمّ ينظروا هل ينطق بالحقّ ويهدي إلى صراطٍ مستقيمٍ؟ ومن ثم يتبعون القول الحسن الحقّ من ربّهم، أولئك هم الذين هدى الله من عباده في كلِّ زمانٍ ومكانٍ، وكذلك نُبشّر أولي الألباب من هذه الأمّة ممن أعثرهم الله على دعوة المهديّ المنتظَر في عصر الحوار من قبل الظهور فلم يحكموا من قبل أن يسمعوا منطق بيانه بأنهم سيهتدون إلى الحقّ من ربّهم، تصديقاً لقول الله تعالى: {فَبَشِّرْ عِبَادِ ﴿١٧﴾ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ۚ أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّـهُ ۖ وَأُولَـٰئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴿١٨﴾} صدق الله العظيم [الزمر].
وما دمتم وجدتم الفتوى من الله عن سرّ الذين هدى الله من عباده في كلِّ زمانٍ ومكانٍ وأفتاكم عن سرّ هداهم أنهم الذين يتفكّرون في القول فيستخدمون عقولهم، إذاً الذين لم يهتدوا إلى الحقّ في كلِّ زمانٍ ومكانٍ هم الذين لا يستخدمون عقولهم ويتّبعون الذين من قبلهم الاتِّباع الأعمى من غير تفكّر ولا تدبّر، ولذلك تجدون الفتوى منهم في علم الغيب عن سبب عدم هداهم إلى الحقّ فتجدون أنه عدم التَّفكّر بالعقل. وقال الله تعالى: {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴿١٠﴾} صدق الله العظيم [الملك].
ومن ثم ننظر لفتوى الله بالحقّ عن بعث النار وسبب دخولهم فيها بغير ظلمٍ من ربّهم فتجدون أنهم الذين لا يستخدمون عقولهم. وقال الله تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ ۖ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا ۚ أُولَـٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ۚ أُولَـٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴿١٧٩﴾} صدق الله العظيم [الأعراف].
إذاً أشرّ الدواب في الكتاب هم الذين لا يتفكّرون بعقولهم التي أنعم بها الله عليهم ليميّزوا بين الحقّ والباطل، وقال الله تعالى: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللَّـهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ ﴿٢٢﴾} صدق الله العظيم [الأنفال:22]، ولذلك قالوا: {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴿١٠﴾}.
ويا أيها الضيف الكريم، إنّني الإمام المهديّ المنتظَر الحقّ من ربّ العالمين، وأقسمُ بالله العظيم من يحيي العظام وهي رميم ربّ السماوات والأرض وما بينهما وربّ العرش العظيم أنك لن تتبع المهديّ المنتظَر الحقّ من ربِّك حتى تستخدم عقلك لكي تُميِّز بين الحقّ والباطل، فإذا تدبَّرت وتفكَّرت في بيانات الإمام ناصر محمد اليماني الذي يفتي أنه المهديّ المنتظَر خليفة الله في الأرض فلا بُدّ أنَّ الله الذي خلقه فاختاره ليكون خليفة ربّه فحتماً سوف يزيده بسطةً في العلم على من استخلفه الله عليهم كما زاد آدم خليفة الله بسطةً في العلم على الملائكة الذين كانوا يريدون أن يكون لهم الخيار في اختيار خليفة الله ويرون أنهم هم الأحقّ بهذا التكريم من غيرهم لكونهم يسبحون بحمد الله ويقدسون له الليل والنهار وهم لا يسأمون، وقال الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴿٣٠﴾} صدق الله العظيم [البقرة].
بمعنى لستم بأعلم من ربّكم حتى يكون لكم الخيار في اصطفاء خليفة الله؛ بل الله يخلق ما يشاء ويختار خليفته من خلقه ولا يُشرك في حُكمه أحداً. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ۗ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ۚ سُبْحَانَ اللَّـهِ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴿٦٨﴾} صدق الله العظيم [القصص].
وكان في نفس الله شيء على الملائكة المقربين لكونهم غرَّتهم مكانتهم عند ربّهم وأخذتهم الغيرة على أنفسهم من أن يصطفي الله خليفةً له من غير الملائكة فتجرأوا إلى ما لا يحقّ لهم وتعدّوا حدودهم فيما ليس لهم الخيرة فيه ولم يشاورهم الله في شأن اختيار خليفته في الأرض بل قال الله تعالى: {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ﴿٢٩﴾} صدق الله العظيم [الحجر]، وكان ردّهم على ربّهم: {قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴿٣٠﴾} صدق الله العظيم [البقرة].
وصار في نفس الله شيءٌ من ملائكته المقربين فهم ليسوا بأعلم من ربّهم، فأسرَّ الله ذلك في نفسه ولم يُبدِهِ لهم حتى أقام الحجّة عليهم أنهم ليسوا بأعلم من الله سبحانه؛ بل الله هو من يختار خليفته من خلقه ومن ثم يزيده بسطةً في العلم على من استخلفه عليهم، وقال الله تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَـٰؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴿٣١﴾} [البقرة]، حتى إذا سمع الملائكة القول الموجّه إليهم: {إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} ومن ثم أدرك الملائكة أنه صار في نفس ربّهم شيءٌ منهم وعلموا أنهم تجاوزوا حدودهم مع ربّهم فيما ليس لهم فيه من الأمر شيء، ومن ثم تابوا فأنابوا معترفين بخطئهم أنهم ليسوا بأعلم من ربّهم فسبحوا ربّهم عن نقص العلم، ولذلك: {قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴿٣٢﴾} [البقرة].
ومن ثم أراد الله من آدم أن يقيم برهان الخلافة عليهم بالحقّ أنه زاده بسطةً في العلم على من استخلفه عليهم: {قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ ۖ فَلَمَّا أَنبَأَهُم بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ ﴿٣٣﴾} صدق الله العظيم [البقرة].
بمعنى أنكم لستم بأعلم من الله الذي يخلق ما يشاء ويختار ويزيده بسطةً في العلم على من استخلفهم عليهم سبحانه، حتى إذا أقام خليفة الله آدم الحجّة على الملائكة أنّ الذي اصطفاه قد زاده بسطةً في علم الكتاب على من استخلفه عليهم لتكون بسطة العلم هي برهان الخليفة والإمام للناس في كلّ مكانٍ وزمانٍ، وحتى إذا أثبت خليفة الله آدم أنّه أعلم من الملائكة لأن الذي اصطفاه قد زاده بسطةً في العلم عليهم، وحتى إذا أقام خليفة الله الحجّة على الملائكة في بسطة العلم فمن ثم جاء الأمر من الله إلى ملائكته: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ﴿٣٤﴾} صدق الله العظيم [البقرة].
وكذلك إبليس سبب فتنته هو الكبر بسبب الغيرة على نفسه بغير الحقّ وعلى عالَمه من الجنّ؛ لِمَ لَمْ يختر الله خليفته من الجنّ؟ وأراد الله أن يبيّن لكم ما سبب عدم سجوده لآدم عليه الصلاة والسلام وأنه التفاخر في الخلق على آدم. وقال الله تعالى: {قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ۖ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ ﴿٧٥﴾ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ ۖ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ ﴿٧٦﴾} [ص].
ولكن الله أمره - بغض النظر ممَّ خلق الله آدم - فكان من المفروض أن يخضع ويطيع خليفة الله آدم سجوداً لأمر الله تعالى وإنما طاعة الخليفة هي سجودٌ لأمر الله. وقال الله تعالى: {قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ۖ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ ﴿١٢﴾} [الأعراف].
ولكن الله أراد أن يُبيّن لعباده أن برهان الخلافة ( ليس هو في نوعيّة الخلق ) فقد خلق الملائكة من النور والجان من النار ومن ثم خلق له خليفة من طين الذي تدوسه الأقدام؛ لكي يُعَلِّم عبادَه أنّ الدرجات وبرهان الخلافة هو في بسطة العلم؛ لكي يُعلِّم بذلك الأجيال في الجنّ والإنس أن برهان الخليفة والإمام للناس هو في بسطة العلم من أول خليفة آدم عليه الصلاة والسلام إلى خاتم خلفاء الله أجمعين الإمام المهديّ المنتظَر.
وكذلك الإمام طالوت عليه الصلاة والسلام، فقد أفتى بني إسرائيل نبيُّهم أنه ليس له من الأمر شيئاً في اصطفاء الإمام طالوت برغم أنّ نظريتهم أنهم يرون بأنَّ أحد الأغنياء منهم هو أحقّ أن يكون إماماً ومَلِكاً على بني إسرائيل. وقال الله تعالى: {وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّـهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا ۚ قَالُوا أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ ۚ قَالَ إِنَّ اللَّـهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ ۖ وَاللَّـهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّـهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴿٢٤٧﴾} صدق الله العظيم [البقرة].
إذاً؛ يا أيها الضيف الكريم أحد خطباء بيوت الله فهل ترى بعد هذا البرهان برهاناً في ناموس خليفة الله المصطفى للناس خليفة لله عليهم وإماماً للناس؟ إنّ الله هو الذي يتولّى اختيار الإمام للناس ويزيده بسطةً في العلم عليهم ليحكم بينهم فيما كانوا فيه يختلفون في الدين ويحكمُ بما أنزل الله ولا يخاف في الله لومة لائم ويقيم حدود الله في محكم كتابه التي تمنع ظلم الإنسان عن أخيه الإنسان ومن ثم يعيش الناس بسلامٍ آمنين. وتبيّن لك من خلال هذا البيان أن ليس لملائكة الرحمن المقربين والجنّ والإنس من الأمر شيء في اختيار خليفة الله من دونه؛ بل الأمر لله وحده يخلقُ ما يشاء ويختار. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ۗ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ۚ سُبْحَانَ اللَّـهِ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴿٦٨﴾} صدق الله العظيم [القصص].
ولكن الشيعة والسُّنة تجرأوا فيما لا يحقّ لهم وتجاوزوا حدودهم واختاروا خليفة الله من دونه وكأنّهم أعلم من الله! فأمّا الشيعة فاختاروه قبل أكثر من ألف عامٍ وآتوه الحُكم صبياً ولم نجد مما آتوه من العلم شيئاً ولم نجد له أي أثر؛ لأنهم ليسوا بأعلم من الله سبحانه الذي يخلق ما يشاء ويختار فيزيده ببرهان الخلافة والإمامة بسطةً في العلم على كافة علمائه في عصره.
وكذلك أهل السُّنة والجماعة فهم يعتقدون بغير الحقّ أنهم هم من يُعرِّفون الإمام المهديّ بشأنه فيهم فيقولون له يا فلان إنك أنت المهديّ المنتظَر، شرط أن ينكر أن الله بعثه واصطفاه خليفة له عليهم، فإذا أنكر بايعوه كرهاً وهو صاغرٌ! فهذه هي عقيدتهم في اختيار المهديّ المنتظَر مخالفة للناموس في الكتاب عن فتوى اختيار خليفة الله في الأرض الذي جعله الله للناس إماماً وإنا لصادقون فأقيم الحجّة عليكم بالبرهان المبين من محكم كتاب الله القرآن العظيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه في عصر تنزيله لتحريفه ولا من بعد موت رسوله هُدىً ورحمة لقوم يؤمنون، ولمن حاجَّني في ناموس اختيار خليفة الله من بعد ما علمني ربّي في محكم كتابه عن ناموس اختيار خليفة الله في الأرض ومن ثم أقول لمن حاجني في ذلك: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} صدق الله العظيم [البقرة:111]
وليس البرهان هو من عند أنفسكم اجتهاداً منكم حسب رأيكم ونظرياتكم؛ بل البرهان هو من الرحمن فتستنبطون لنا سلطان العلم من محكم كتابه. تصديقاً لقول الله تعالى: {قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا ۖ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ ﴿١٤٨﴾} صدق الله العظيم [الأنعام].
ولربّما يودّ أن يقاطعني علماء السُّنة والجماعة فيقولون: "لدينا علم نخرجه لك يا ناصر محمد اليماني وهي رواية عن الرسول - صلّى الله عليه وآله وسلّم - أن الإمام المهديّ لا يقول أنه الإمام المهديّ كونه لا يعلمُ أنه الإمام المهديّ خليفة الله المنتظَر؛ بل علماء الأمَّة سيعرفونه في قدره المقدور في الكتاب المسطور فيصطفونه من بين البشر ويقولون له إنك أنت المهديّ المنتظَر وهو ينكر كونه لا يعلمُ أنه هو المهديّ المنتظَر ومن ثم يجبرونه على البيعة كرهاً". ومن ثمّ يردّ عليكم الإمام ناصر محمد اليماني وأقول: فهل أنتم أعلمُ من الله سبحانه حتى تصطفوا خليفة الله من دونه؟ {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} صدق الله العظيم [البقرة:111]. ولذلك قال الله تعالى لملائكته المقربين خيراً منكم: {أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} صدق الله العظيم، أم أنكم لا تعلمون لماذا قال الله تعالى لملائكته المقربين: {إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}؟ والجواب تجدونه في محكم الكتاب في قلب وذات الموضوع: {قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴿٣٠﴾} صدق الله العظيم. ويا سبحان الله العظيم وكأنهم أعلمُ من الله حتى يردوا بهذا الرد على ربّهم. ولذلك قال الله تعالى: {قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ} صدق الله العظيم، أي لستم بأعلم من الله حتى تصفوا ربّكم بخطأ الاختيار سبحانه وتعالى علواً كبيراً. وقال الله تعالى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ۗ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ۚ سُبْحَانَ اللَّـهِ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴿٦٨﴾} صدق الله العظيم [القصص:68].
فليس للإنس ولا للجنّ ولا لملائكة الرحمن المُقربين من الأمر شيئاً في اختيار خليفة الله من دونه. ولذلك قال الله تعالى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ۗ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ۚ سُبْحَانَ اللَّـهِ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ} صدق الله العظيم.
ولربما الذين يبالغون بغير الحقّ في ملائكة الرحمن المقربين يودّ أحدهم لو يقاطع ناصر محمد اليماني، ويقول: "اتقِ الله أيها المهديّ المزعوم الذي يصف ملائكة الرحمن بالخطأ بل هم معصومون لا يخطئون أبداً"، ومن ثمّ يردّ عليهم الإمام المهديّ المنتظَر الحقّ من ربّهم وأقول: إذاً الله في نظركم هو الذي أصبح مُخطئاً في حقّ ملائكته بقوله تعالى: {أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} صدق الله العظيم، أفلا تسألون أنفسكم لماذا قال الله تعالى لملائكته: {إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}؟ وذلك يعني أن الملائكة عليهم الصلاة والسلام قد أخطأوا في شيءٍ فلم يكونوا صادقين بقولهم فيه. فما هو هذا الشيء؟ ومن ثم تجدوه أنه قولهم لربّهم: {قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُّفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ} صدق الله العظيم، وقد غفر الله لملائكته ما حدث منهم بغير قصدٍ منهم فهم يعلمون أنه لا يتصف بالعصمة المطلقة من الخطأ إلا الله ربّ العالمين فتذكّروا وأنابوا وسبَّحوا ربّهم: {قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴿٣٢﴾} [البقرة].
ولكن الذين لا يؤمنون بالله إلا وهم مشركون ستجدونهم يبالغون في ملائكة الرحمن والأنبياء والمرسلين والأئمة الصالحين فاعتقدوا أنهم جميعاً معصومون من الخطأ وبالغوا فيهم بغير الحقّ فجعلوا الله حصرياً لهم من دونهم فهم ينتظرون شفاعتهم لهم بين يدي الله، وقال الله تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُم بِاللَّـهِ إِلَّا وَهُم مُّشْرِكُونَ ﴿١٠٦﴾} صدق الله العظيم [يوسف].
ولكني أشهدُ الله أني الإمام المهديّ خليفة الله المصطفى بالحقّ أعترف أنه لربما كلَّت يد الملك عتيد لكثرة ما كتب من أخطائي البشرية كما تخطئون فأنبتُ إلى ربّي فتاب عليَّ وهداني فوهب لي حكماً وعلماً فألحقني بالصالحين، وأرجو من الله التثبيت لقلبي على الصراط المستقيم الذي بيّنه الله في محكم القرآن العظيم إلى يوم الدين فيجعل قلبي مُعتصماً بحبل الله القرآن العظيم الذي يحيي القلوب الميتة؛ الذين استجابوا للاحتكام إلى كتاب الله القرآن العظيم. تصديقاً لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّـهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴿٢٤﴾} صدق الله العظيم [الأنفال].
ويا علماء الإسلام وأمّتهم، اتقوا الله فاسمعوا وأطيعوا واستجيبوا لدعوة الاحتكام إلى الله وحده لا شريك له فيما كنتم فيه تختلفون في دينكم. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّـهِ ۚ ذَٰلِكُمُ اللَّـهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ﴿١٠﴾} صدق الله العظيم [الشورى].
وما على الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني إلا أن يستنبط لكم حُكم الله بينكم من مُحكم كتابه فتدرك الحكم الحقّ عقولُكم فتعلم أنه الحُكم الحقّ لا شك ولا ريب فلم يجعل الله الإمام المهديّ مثلكم يفتي في المسألة الدينية ومن ثم يقول: والله أعلم، فيزعم أنها قد برئت ذمته أن يفتي بالظنِّ الذي لا يغني من الحقّ شيئاً، ومن ثم يقول: والله أعلم فإن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن الشيطان! وأعوذُ بالله أن أكون من الجاهلين؛ بل أحكمُ بينهم بالحقّ من ربّ العالمين لا شكّ ولا ريب، فلا نسبيّة في الدين تحتمل الصح وتحتمل الخطأ، فلا تقولوا على الله ما لا تعلمون أنه الحقّ من ربّ العالمين لا شكّ ولا ريب كما ترون أحكام ناصر محمد اليماني في بعض ما قد بيّنتُ لكم الحكم فيه ومن ثم تجدون أنهُ الحكم الحقّ من ربّ العالمين فلن تستطيعوا أن تنكرونه أبداً إلا أن تعرضوا عن كتاب الله وذلك لأني آتيكم بالحكم الحقّ من محكم كتاب الله لتعلموا أنّ ناصر محمد اليماني ليس من الذين يتّبعون الظنّ ويفتون في الدين وهم لا يزالون مجتهدين ولم يتوصلوا إلى الحقّ المبين، فهذا محرم على العالِم في دين الله أن يقول على الله ما لا يعلم أنه الحقّ من الله لا شكّ ولا ريب.
وكيف تستطيعون أن توقنوا أنه الحقّ من ربّ العالمين ما لم يكن من مُحكم كتاب الله القرآن العظيم المحفوظ من التحريف والتزييف إلى يوم الدين حجة الله على العالِم وحجّة العالِم على طالب العلم؟ تصديقاً لقول الله تعالى: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ ۖ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ ﴿٤٤﴾} صدق الله العظيم [الزخرف].
وذلك حتى لا تكون لكم الحجّة يوم الدين يوم يقوم الناس لربّ العالمين أنزل الله إليكم كتابه القرآن العظيم لتتبعوه وحفظه من التحريف إلى يوم الدين، وقال الله تعالى: {وَهَـٰذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴿١٥٥﴾ أَن تَقُولُوا إِنَّمَا أُنزِلَ الْكِتَابُ عَلَىٰ طَائِفَتَيْنِ مِن قَبْلِنَا وَإِن كُنَّا عَن دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ ﴿١٥٦﴾ أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَىٰ مِنْهُمْ ۚ فَقَدْ جَاءَكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ ۚ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّـهِ وَصَدَفَ عَنْهَا ۗ سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ ﴿١٥٧﴾} صدق الله العظيم [الأنعام].
ألا والله لن يتّبع الذكر المحفوظ من التحريف ويكفر بما خالف لمحكمه سواءً يكون في التوراة أو في الإنجيل أو في السُّنة النَّبويّة إلا الذين اتقوا الله واتَّبعوا حديثه المحفوظ من التحريف فبأي حديثٍ بعده يؤمنون؟ وقال الله تعالى: {إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَـٰنَ بِالْغَيْبِ ۖ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ ﴿١١﴾} صدق الله العظيم [يس].
وليس معنى ذلك أني أكفر بالأحاديث والروايات عن النَّبيّ عليه الصلاة والسلام فلن أكفر إلا بما ورد إلينا مخالفاً لمحكم كتاب الله القرآن العظيم فكيف أتّبعه وأكذّب بالحقّ من ربّي المحفوظ من التحريف؟ إذاً الحديث المُفترى حتماً سنجد بينه وبين مُحكم الكتاب اختلافاً كثيراً، وما كان محمد رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - يقول بما ليس له به علم من الله فما ينطق عن الهوى بالظنِّ الذي لا يغني من الحقّ شيئاً، غير أنّ أحاديث البيان في السُّنة النَّبويّة ليست محفوظةً من التحريف ولذلك جعل الله حديثه المحفوظ من التحريف هو المرجع لأحاديث رسوله التي لم يعدكم الله بحفظها من التحريف فما اختلفتم فيه فاعرضوه على محكم الكتاب فإذا كان الحديث النَّبويّ في السُّنة مُفترى ليس من عند الله ورسوله فحتماً تجدون بينه وبين محكم القرآن اختلافاً كثيراً كون الحقّ والباطل نقيضان لا يتفقان، وبذلك الناموس تستطيعون أن تكشفوا الأحاديث المكذوبة عن النَّبيّ - صلّى الله عليه وآله وسلّم - كون أحاديث السُّنة النَّبويّة ليست محفوظة من التحريف. وقال الله تعالى: {وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ ۖ وَاللَّـهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ ۖ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّـهِ وَكِيلًا ﴿٨١﴾ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّـهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ﴿٨٢﴾ وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ۗوَلَوْلَا فَضْلُ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا ﴿٨٣﴾} [النساء].
وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله ربّ العالمين ..
أخو المسلمين في الدين الذليل على المؤمنين الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني .
_______________