الموضوع: السبب الحقيقي للإشراك بالله وسرّ الشفاعة

{ إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَـٰنَ بِالْغَيْبِ ۖ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ } صدق الله العظيم..

- 18 -
الإمام ناصر محمد اليماني
20 - 10 - 1430 ه
10 - 10 - 2009 م
09:34 مساءً

{ إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَٰنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ }
صدق الله العظيم .




المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو وهبي:
بسم الله الرحمن الرحيم. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لي سؤال واحد وقد حيرني حقيقة، وهو أنك تقول أن هناك بشراً من غير الأنبياء ينافسون الأنبياء في العبادة. والسؤال لماذا لم يُذكر أحد منهم في القرآن؟ ولم يحدث الله عنهم؟ هذا مجرد سؤال ولا تظنوا بي أني افتتنت من تساؤلات محمود المصري. فوالله الذي لا إله إلا هو أني على يقين تام أنك المهدي الموعود وأن الله الذي رزقك هذا العلم الذي لا ينبغي أن يكون بالاجتهاد من شخص عادي إلا وحياً. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته



بسم الله الرحمن الرحيم، وسلامٌ على المرسلين، والحمدُ لله ربّ العالمين.
قال الله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (35)} صدق الله العظيم [المائدة].
ويا أبو وهبي، وهذا كلام ربّي يأمر المؤمنين به أن يبتغوا إليه الوسيلة أيّهم أقرب، وأفتاكم أن عباده المُكرمين من الأنبياء والمرسلين والمقربين هم عبيدٌ أمثالكم يبتغون إليه الوسيلة أيّهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه. وقال الله تعالى:
{قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا (56) أُولَٰئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَىٰ ربّهم الْوَسِيلَةَ أيّهم أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} صدق الله العظيم [الإسراء:56-57].
ولكن الذين حصروا التنافس على الله للمُقرّبين من الأنبياء والمرسلين فهم يدعونهم من دون الله ليقربوهم إلى الله زُلفى ويرجون شفاعتهم لهم بين يدي ربّهم. وقال الله تعالى:
{أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَىٰ} صدق الله العظيم [الزمر:3].
ولذلك قال الله تعالى:
{قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا (56) أُولَٰئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَىٰ ربّهم الْوَسِيلَةَ أيّهم أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} صدق الله العظيم. ومن لم يُجِب دعوة المهديّ المنتظَر بتنافس العبيد إلى المعبود ويرون أنّهم لا يحقّ لهم أن ينافسوا رسله وأنبياءه في التقرّب إلى ربّهم فأولئك قد أشركوا بالله، ولذلك يرجون ويريدون الشفاعة لهم بين يديه من أنبيائه المقرّبين والمسيح عيسى بن مريم من عباد الله المُقرّبين. وقال الله تعالى: {إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (45)} صدق الله العظيم [آل عمران].
ولكن النّصارى بالغوا في شأنه بغير الحقّ حتى قالوا ولد الله؛ سبحانه ويدعونه من دون الله ويرجون شفاعته بين يدي الله! وذلك لأن النّصارى يرون أنّه لا يجوز لهم أن ينافسوا المسيح عيسى ابن مريم عبد الله ورسوله في القرب من ربّهم برغم أنّه عبدٌ لله مثلهم، وكذلك محمدٌ رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلّم - من المقربين ولذلك يرجو المسلمون شفاعته لهم بين يدي الله ويقولون إن الشفاعة هي له من دون الأنبياء، وذلك لأنهم يرون أنه لا يجوز لهم أن ينافسوا محمداً رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلّم - في القرب من ربّهم. ولكن المهدي المنتظَر ينفي هذه العقيدة الباطلة التي افتراها المبالغون في عبيد الله المقربين فجعلوا التنافس في التقرّب من الله حصرياً للأنبياء والمرسلين من دون الصالحين، فأشرك بالله كلُّ من يرجو شفاعة العبد بين يدي المعبود، سبحانه! تصديقاً لقول الله تعالى:
{وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُوا إِلَىٰ رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (51)} صدق الله العظيم [الأنعام].
ولو كانت عقيدة المؤمنين بأنه يحقّ لهم أن ينافسوا أنبياءهم ورسلهم إلى ربّهم لما أشركوا بالله ولنافسوهم على حبّ الله وقربه ويرجون رحمته ويخافون عذابه مثلهم دونما فرق شيئاً، وإلى ذلك يدعو كافة الرسل أقوامهم أن يعبدوا الله وحده لا شريك له وأن يتنافسوا على حبّه وقربه فيبتغون إليه الوسيلة أيّهم أقرب ويرجون رحمته وليس رحمة مَنْ دونه ليشفعوا لهم بين يدي من هو أرحم بهم من عباده الله أرحم الراحمين، أولئك ما عرفوا الله حقّ معرفته ولذلك تجدونهم يدعون عباده مِنْ دونه حتى بعد أن أدخلهم ناره، وكلما نضجت جلودهم بدلهم جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب ويكفروا بدعوة عبيده من دونه، ولكنهم كالأنعام بل هم أضلّ سبيلاً الذين يدعون عباده من دونه حتى بعد أن أدخلهم نار جهنّم وهم فيها يحترقون فإذا هم يدعون عبيد الله من الملائكة ليشفعوا لهم عند ربّهم حتى يخفف عليهم ولو يوماً واحداً من العذاب. وقالوا:
{وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِّنَ الْعَذَابِ (49)} [غافر].
ولكن ملائكة الرحمن المقربين من خزنة جهنّم الغلاظ الشداد الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون لم يتجرأوا أن يدعوا الله ليشفعوا لأهل النّار بين يديه حتى ليومٍ واحدٍ من العذاب؛ بل قال ملائكة الرحمن المقربون من خزنة جهنّم قالوا للكافرين:
{قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ} صدق الله العظيم [غافر:50]، أي فادعوا ربكم الذي هو أرحم بكم من عباده فما دعاء الكافرين لعباده من دونه إلا في ضلالٍ.
ولكن للأسف فإن الكافرين من رحمة الله مُبلسون يائسون ولا ييأس من رحمة الله إلا القوم الظالمين الذين لم يعرفوا ربّهم في الحياة الدنيا وكذلك يوم القيامة لم يعرفوا ربّهم فلا يزالون عُمياناً عن الحقّ كما كانوا في الدنيا. وقال الله تعالى:
{وَمَن كَانَ فِي هَٰذِهِ أَعْمَىٰ فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَىٰ وَأَضَلُّ سَبِيلًا (72)} صدق الله العظيم [الإسراء].
ولكن للأسف ها هو المهديّ المنتظَر قد بعثه الله ليدعوَ النّاسَ إلى رحمة الله فيعرِّفهم على أسماء ربّهم الحسنى وصفاته العُلى، ويدعوهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له كما ينبغي أن يُعبد، ويُحذِّرهم من الشرك بالله، ويفصّل لهم العقيدة الحقّ من الكتاب تفصيلاً، ويعلِّمهم ما لم يكونوا يعلمون، فإذا بالمؤمنين هم أوّل من كفر بالمهديّ المنتظر الحقّ من العالمين وهم المسلمون المؤمنون بالقرآن العظيم! فمن يُنجّيهم من عذاب الله الشديد والقريب على الأبواب للمكذبين بالبيان الحقّ للكتاب؟ أم أنّهم وجدوا أن ناصر محمد اليماني يفسر القرآن عن الهوى بالظنّ الذي لا يغني من الحقّ شيئاً كمثلهم؟ وأعوذ بالله من غضب الله أن أكون كمثل أيِّ عالِم من علماء المسلمين الذين أضلّوا أنفسهم وأمّتهم عن سواء السبيل كما ضلَّ من قبلهم أهل الكتاب. ولكنّي المهديّ المنتظر من أشدّ النّاس استنكارا أن يقول الإنسان على الرحمن ما لم يعلم، ولكنّي المهديّ المنتظر آتيكم بالبيان للقرآن من ذات القرآن وليس برأيٍ ولا اجتهادٍ فأقول مثلكم: "والله أعلم فقد أكون مخطأً وقد أكون مُصيباً". كلا ثم كلا. بل الحقّ والحقّ أقول والحقّ أحقّ أن يُتّبع، ولا أقول للناس إنّي رسولٌ من الله إليكم جديدٌ؛ بل أقول لهم إنّي الإمام المهديّ قد جعل الله في اسمي خبري وراية أمري (ناصر محمد) مُتبعاً للذكر المحفوظ من التحريف الذي جاءكم به محمدٌ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأُنذر الذين يتّبعون الذكر المحفوظ من ربّهم، ولا ولن يتبعني إلا المؤمنون به. تصديقاً لقول الله تعالى:
{إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَٰنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ (11)} صدق الله العظيم [يس].
ولكن للأسف صار عمر دعوة المهديّ المنتظَر في نهاية السنة الخامسة وهو يُحاجّ المؤمنين بالبيان الحقّ للقرآن العظيم ولم يئِن لهم إلى حدِّ الآن أن يؤمنوا بدعوة المهديّ المنتظر بالقرآن العظيم وأن لا يكونوا أول كافرٍ به. وقال الله تعالى:
{أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الحقّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ (16) اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (17)} صدق الله العظيم [الحديد].
ولكنهم لم يستجيبوا إلى ما يُحيي به الله قلوبَهم كما يُحيي الأرضَ من بعد موتها بالماء. وقال الله تعالى:
{يا أيّها الذين آمنوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24) وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (25)} صدق الله العظيم [الأنفال].
وسلامٌ على المرسلين والحمد لله ربّ العالمين .
أخو المسلمين الإمام المهديّ ناصر محمد اليمانيّ .
آخر تحديث: 02-08-2024 04:49 PM