الإمام المهديّ ناصِر مُحَمَّد اليمانيّ
01 - رجب - 1447 هـ
21 - 12 - 2025 مـ
12:34 مساءً
(بحسب التَّقويم الرّسميّ لأم القُرى)
[لمتابعة رابط المشاركة الأصلية للبيان]
https://mahdialumma.xyz/showthread.php?p=489961
_________
فَمَن يَبحَثُ عن الهُدَى في غير البيان الحَقِّ للقرآنِ بالقرآنِ أضللهُ الله؛ فماذا بَعد الحَقّ إلَّا الضَّلال؟ فبأي حديثٍ بعد الله وآياته يُؤمنون؟! وجاء يَوم الفَتح، فويلٌ يَومئِذٍ للمُكَذِّبين ..
يا الله، فهل تنزَّل مع خليفتك الأول (آدم) كتاب شرائع الفِقه في الدَّين لتناسُل ذُريَّة آدم وغيرها مِمَّا شُرع في دين الله الإسلام في المسائل الفقهيَّة؟
والجواب: قال الله تعالى: {قَالَ ٱهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعَۢا ۖ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّى هُدًى فَمَنِ ٱتَّبَعَ هُدَاىَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ ﴿١٢٣﴾ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِى فَإِنَّ لَهُۥ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُۥ يَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ أَعْمَىٰ ﴿١٢٤﴾ قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِىٓ أَعْمَىٰ وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا ﴿١٢٥﴾ قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتْكَ ءَايَٰتُنَا فَنَسِيتَهَا ۖ وَكَذَٰلِكَ ٱلْيَوْمَ تُنسَىٰ ﴿١٢٦﴾ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِى مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنۢ بِـَٔايَٰتِ رَبِّهِۦ ۚ وَلَعَذَابُ ٱلْـَٔاخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَىٰٓ ﴿١٢٧﴾} صدق الله العظيم [سُورَةُ طه].
كون آدم وحواء وذريَّتهم في ظَهر آدم - الذريَّة المنويَّة المُخلَّقَة - كُلهم خلقهم الله على الفطرة مؤمنين بالله ربِّ العالَمين لا يشركون به شيئًا مِن غير رسولٍ إليهم من ربّهم؛ بل فطرة الله التي فَطر الناس عليها (لا إله إلا الله وحده لا شريك له) شاهدين على أنفسهم بأن الله وحده ربهم منذ يوم خلقهم من تراب؛ ذريات منويَّة مع أبيهم آدم كلهم من تراب، وكل كائنٍ منويّ له ذريَّة، ألا وإن ذرية الكائن المُخلَّق المنويّ له ذريَّة تختص به،ولم يكتشف العِلم ذلك بعد، وحتى الآن مبلغهم من العلم الكائنات المنويَّة، ولكن لم يكتشفوا بَعد ذُريَّة الكائن المنويّ لصغر حجمه وذريَّة ذريَّته، كون كُلّ كائنٍ منويّ له ذريَّة في ظهره، وكل ذريَّة هي أصغر من أختها في ذات الحجم وفي عُمر الكائن الافتراضي لو تعمَّر، وكانت الأُمم الأولى التي على مقربةٍ من آدم هي من أكبر الأُمم حجمًا وأطولهم عمرًا لِمَن تعمّر منهم؛ والبرهان المبين تجدونه في عمر نبي الله نوح وقومه؛ فزمن دعوته فيهم حتى أخذهم الطوفان ألف سنة إلا خمسين عامًا، ونستنبط من ذلك أحجام الأُمم الأولى من ذريَّة آدم في ضخامة طول خلقهم وطول أعمارهم، وقال الله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنۢ بَنِىٓ ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا۟ بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَآ ۛ أَن تَقُولُوا۟ يَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَٰفِلِينَ ﴿١٧٢﴾ أَوْ تَقُولُوٓا۟ إِنَّمَآ أَشْرَكَ ءَابَآؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّنۢ بَعْدِهِمْ ۖ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ ٱلْمُبْطِلُونَ ﴿١٧٣﴾}صدق الله العظيم. [سُورَةُ الأَعۡرَافِ]
ونقول: يا الله، فهل عَلَّمتهم بالشرائع الفقهيَّة في دينهم أم فقط ألهمتهم أنَّك خلقتهم ليعبدوك وحدك لا شريك لك ولم تؤتهم بعد كتاب الشرائع في الحلال والحرام؟
والجواب من محكم الكتاب القرآن العظيم: قال الله تعالى: {قَالَ ٱهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعَۢا ۖ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّى هُدًى فَمَنِ ٱتَّبَعَ هُدَاىَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ ﴿١٢٣﴾} صدق الله العظيم [سُورَةُ طه].
وقال الله تعالى: {قُلْنَا ٱهْبِطُوا۟ مِنْهَا جَمِيعًا ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّى هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَاىَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴿٣٨﴾ وَٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ وَكَذَّبُوا۟ بِـَٔايَٰتِنَآ أُو۟لَٰٓئِكَ أَصْحَٰبُ ٱلنَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَٰلِدُونَ ﴿٣٩﴾} صدق الله العظيم [سُورَةُ البَقَرَةِ].
إذًا السؤال الموجَّه لله ربِّ العالمين: فمَن أوَّل رسول أرسلته يا الله بكتاب ما شرعته لنا في الدين في المسائل الفقهيَّة فيما أُحِل لَنا وما حُرِّم علينا؟
والجواب من محكم الكتاب القرآن العظيم: قال الله تعالى: {۞ شَرَعَ لَكُم مِّنَ ٱلدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِۦ نُوحًا وَٱلَّذِىٓ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِۦٓ إِبْرَٰهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰٓ ۖ أَنْ أَقِيمُوا۟ ٱلدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا۟ فِيهِ ۚ كَبُرَ عَلَى ٱلْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ ۚ ٱللَّهُ يَجْتَبِىٓ إِلَيْهِ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِىٓ إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ ﴿١٣﴾ وَمَا تَفَرَّقُوٓا۟ إِلَّا مِنۢ بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلْعِلْمُ بَغْيَۢا بَيْنَهُمْ ۚ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ إِلَىٰٓ أَجَلٍ مُّسَمًّى لَّقُضِىَ بَيْنَهُمْ ۚ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ أُورِثُوا۟ ٱلْكِتَٰبَ مِنۢ بَعْدِهِمْ لَفِى شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ ﴿١٤﴾ فَلِذَٰلِكَ فَٱدْعُ ۖ وَٱسْتَقِمْ كَمَآ أُمِرْتَ ۖ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَآءَهُمْ ۖ وَقُلْ ءَامَنتُ بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ مِن كِتَٰبٍ ۖ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ ۖ ٱللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ ۖ لَنَآ أَعْمَٰلُنَا وَلَكُمْ أَعْمَٰلُكُمْ ۖ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ ۖ ٱللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا ۖ وَإِلَيْهِ ٱلْمَصِيرُ ﴿١٥﴾} صدق الله العظيم [سُورَةُ الشُّورَىٰ].
ثم نقول: يا الله، فهل مِن بعد التكاثر في ذريَّة آدم نزل التشريع الفقهيّ بتحريم الزواج مِن المحارم في أوَّل رسالة تشريعيَّة جاء بها أول رُسُل الكتاب أي منذ أوّل رسول بشرائع الدين في مسائل الحلال والحرام الفقهيَّة؟
والجواب: قال الله تعالى: {وَلَا تَنكِحُوا۟ مَا نَكَحَ ءَابَآؤُكُم مِّنَ ٱلنِّسَآءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ۚ إِنَّهُۥ كَانَ فَٰحِشَةً وَمَقْتًا وَسَآءَ سَبِيلًا ﴿٢٢﴾ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَٰتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَٰتُكُمْ وَعَمَّٰتُكُمْ وَخَٰلَٰتُكُمْ وَبَنَاتُ ٱلْأَخِ وَبَنَاتُ ٱلْأُخْتِ وَأُمَّهَٰتُكُمُ ٱلَّٰتِىٓ أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَٰتُكُم مِّنَ ٱلرَّضَٰعَةِ وَأُمَّهَٰتُ نِسَآئِكُمْ وَرَبَٰٓئِبُكُمُ ٱلَّٰتِى فِى حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ ٱلَّٰتِى دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُوا۟ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَٰٓئِلُ أَبْنَآئِكُمُ ٱلَّذِينَ مِنْ أَصْلَٰبِكُمْ وَأَن تَجْمَعُوا۟ بَيْنَ ٱلْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا ﴿٢٣﴾} صدق الله العظيم [سُورَةُ النِّسَاءِ].
إذًا يا الله، فهذا التشريع في الدين في القرآن العظيم هو نفس ما أنزلته على رسول الله نوح تصديقًا لقول الله تعالى: {۞ إِنَّآ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ كَمَآ أَوْحَيْنَآ إِلَىٰ نُوحٍ وَٱلنَّبِيِّـۧنَ مِنۢ بَعْدِهِۦ ۚ وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰٓ إِبْرَٰهِيمَ وَإِسْمَٰعِيلَ وَإِسْحَٰقَ وَيَعْقُوبَ وَٱلْأَسْبَاطِ وَعِيسَىٰ وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَٰرُونَ وَسُلَيْمَٰنَ ۚ وَءَاتَيْنَا دَاوُۥدَ زَبُورًا ﴿١٦٣﴾} صدق الله العظيم [سُورَةُ النِّسَاءِ]، وتصديقًا لقول الله تعالى: {۞ شَرَعَ لَكُم مِّنَ ٱلدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِۦ نُوحًا وَٱلَّذِىٓ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِۦٓ إِبْرَٰهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰٓ ۖ أَنْ أَقِيمُوا۟ ٱلدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا۟ فِيهِ ۚ كَبُرَ عَلَى ٱلْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ ۚ ٱللَّهُ يَجْتَبِىٓ إِلَيْهِ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِىٓ إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ ﴿١٣﴾} [سُورَةُ الشُّورَىٰ].
إذًا فهذا يعني أن ذريَّة آدم على أبوين اثنين؛ أبونا آدم وأمنا حواء تصديقًا لقول الله تعالى: {يَٰبَنِىٓ ءَادَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ ٱلشَّيْطَٰنُ كَمَآ أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ ٱلْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَٰتِهِمَآ ۗ إِنَّهُۥ يَرَىٰكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُۥ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ ۗ إِنَّا جَعَلْنَا ٱلشَّيَٰطِينَ أَوْلِيَآءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ﴿٢٧﴾}[سُورَةُ الأَعۡرَافِ].
وقال الله تعالى: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُوا۟ رَبَّكُمُ ٱلَّذِى خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَٰحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَآءً ۚ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ ٱلَّذِى تَسَآءَلُونَ بِهِۦ وَٱلْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴿١﴾} صدق الله العظيم [سُورَةُ النِّسَاءِ].
ويا أيها المُجادل، أقسم بالله الواحد القهَّار إنك لا ولن تستطيع أن تأتي لنا ببرهانٍ واحدٍ فقط من القرآن العظيم لا من مُحكمه ولا من مُتشابهه؛ فلا ولن تستطيع أن تأتي ببرهانٍ من الله في القرآن العظيم فتُثبت أن الله خلق زوجاتٍ لبني آدم لسن من نسل آدم وزوجته، فلن تستطيع حتى تخرق الأرض أو تبلغ الجبال طولًا، وما قلته لك قبل ما يزيد عن عشر سنوات أقوله لك اليوم أم تبحث عن الشهرة؟ فبئس الشهرة التعمّد في الجدل في دين الله بغير علمٍ ولا هُدًى ولا كتابٍ منير، فلا أجد أصلًا ذُريَّة آدم إلا من آدم (من نفسٍ واحدةٍ)، وخلق منها زوجها وبَثّ منهما رجالًا كثيرًا ونساءً تصديقًا لقول الله تعالى: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُوا۟ رَبَّكُمُ ٱلَّذِى خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَٰحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَآءً ۚ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ ٱلَّذِى تَسَآءَلُونَ بِهِۦ وَٱلْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴿١﴾} صدق الله العظيم [سُورَةُ النِّسَاءِ].
فهل زوجتك ليست من ذرية آدَم؟! وأتحداك أن تنكرها فتقول أنها ليست من ذرية آدم وحواء، كون أزواجنا نساء بشر مِن أنفسنا وليس من نسل جنسٍ آخر تصديقًا لقول الله تعالى: {وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَٰجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَٰجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ ۚ أَفَبِٱلْبَٰطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ ٱللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ ﴿٧٢﴾} صدق الله العظيم [سُورَةُ النَّحۡلِ].
فكيف تريد أن يثبّتك الله على الصراط المستقيم وأنت تريد أن يجعلك الله أعلَم من الإمام المهديّ ناصر محمد اليمانيّ؟ فلو تكون أعلم من خليفة الله الخاتم في شيءٍ فهنا يختلّ تحدي الله ببعث الإمام المهديّ ناصر محمد الذَّي يؤتيه الله عِلم الكتاب الذي تنزَّل على خاتم الأنبياء والمُرسَلين، فاعلم يا أيها المُجادل أن بعث خليفة الله (الإمام المهديّ ناصر محمد) هو وعد تحدي من ربِّ العالمين، فلا يجادلهُ أحدٌ من القرآن إلا غلبه خليفة الله (الإمام المهديّ ناصر محمد) الإنسان الذي مُعلمه الرَّحمن، علَّمهُ البيان الشامل للقرآن العظيم، فلا يجادلني أحدٌ من القرآن إلَّا غلبته؛ بل ألجم بسلطان علمٍ مُحكمٍ القرآن العظيم سواء المؤمنين أو المُكَذِّبين والمُلحدين، حتى ولو مَن يجادلني كافرٌ مُنكر وجود الرَّحمن وكافِر بقرآنه إلَّا غلبته مِن القرآن العظيم مَهما كان مُجحدًا به وملحدًا بالله العظيم ومُكذبًا بالقرآن الكريم إلَّا وألجمته من القرآن العظيم إلجامًا، كوني سوف ألجمهُ من الآيات التي تخص إقامة الحُجَّة السَّاحقة الدامغة على المُلحدين المُنكرين لوجود الله ربِّ العالمين، فمن ثم يتمُّ الاتفاق بيني وبينهم على قاعدةٍ فيزيائيَّةٍ: إن لِكُلِّ فِعل فاعل. فتلك قاعدةٌ فيزيائيَّةٌ لا جدال فيها بين اثنين سواء يكونوا علماء أم أُميِّين لا يقرأون ولا يكتبون؛ فلا جدال بين اثنين أنّ لكل فعل فاعل تصديقًا لقول الله تعالى: {أَمْ خُلِقُوا۟ مِنْ غَيْرِ شَىْءٍ أَمْ هُمُ ٱلْخَٰلِقُونَ ﴿٣٥﴾ أَمْ خَلَقُوا۟ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضَ ۚ بَل لَّا يُوقِنُونَ ﴿٣٦﴾ أَمْ عِندَهُمْ خَزَآئِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ ٱلْمُصَۣيْطِرُونَ ﴿٣٧﴾} صدق الله العظيم [سُورَةُ الطُّورِ].
ثم أُجبِر عقولهم أن تكون معي إلى جانِب الحقّ من ربّهم، كون الله جعل وجود الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره، كون وجود الإنسان من براهين وجود الرَّحمن، كون عقولهم حتمًا سوف ترفض أنَّهم خُلِقوا من غير شيءٍ ما خلقهم؛ بل عقولهم حتمًا سوف تعترف وتُقِر أنه لا بُد من وجود شيءٍ ما خلقهم، وكذلك تُنكِر عليهم أنَّهم الذين خَلَقوا أنفسهم، وكذلك عقولهم سوف تُنكِر أنَّهم الذين خلقوا السماوات والأرض، وكذلك تُنكر عقولهم أنَّهم المُسيطرون على السماوات والأرض أو المُسيطرون على حركة الشمس والقمر والأرض؛ تصديقًا لقول الله تعالى: {أَمْ خُلِقُوا۟ مِنْ غَيْرِ شَىْءٍ أَمْ هُمُ ٱلْخَٰلِقُونَ ﴿٣٥﴾ أَمْ خَلَقُوا۟ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضَ ۚ بَل لَّا يُوقِنُونَ ﴿٣٦﴾ أَمْ عِندَهُمْ خَزَآئِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ ٱلْمُصَۣيْطِرُونَ ﴿٣٧﴾} [سُورَةُ الطُّورِ].
وتصديقًا لقول الله تعالى: {خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ۖ وَأَلْقَىٰ فِى ٱلْأَرْضِ رَوَٰسِىَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ ۚ وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَنۢبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ ﴿١٠﴾ هَٰذَا خَلْقُ ٱللَّهِ فَأَرُونِى مَاذَا خَلَقَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِۦ ۚ بَلِ ٱلظَّٰلِمُونَ فِى ضَلَٰلٍ مُّبِينٍ ﴿١١﴾} صدق الله العظيم [سُورَةُ لُقۡمَانَ].
ثم نُعَلِّمهم بترتيب الخَلق بأن الأرض التي تعيشون عليها تكوّنت قبل السماوات، والسماوات تكوّنت قبل تكوّن زينتها (النجوم المُضيئة) تصديقًا لقول الله تعالى: {وَلَقَدْ زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا بِمَصَٰبِيحَ وَجَعَلْنَٰهَا رُجُومًا لِّلشَّيَٰطِينِ ۖ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ ٱلسَّعِيرِ ﴿٥﴾ وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا۟ بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ ۖ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ ﴿٦﴾} صدق الله العظيم [سُورَةُ المُلۡكِ].
فهل يعقل أن يُكوّن زينة السماوات بالنجوم قبل تُكوَّن السماوات ذاتها؟! والجواب في محكم الكتاب: قال الله تعالى:{إِنَّا زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا بِزِينَةٍ ٱلْكَوَاكِبِ ﴿٦﴾ وَحِفْظًا مِّن كُلِّ شَيْطَٰنٍ مَّارِدٍ ﴿٧﴾ لَّا يَسَّمَّعُونَ إِلَى ٱلْمَلَإِ ٱلْأَعْلَىٰ وَيُقْذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِبٍ ﴿٨﴾ دُحُورًا ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ ﴿٩﴾ إِلَّا مَنْ خَطِفَ ٱلْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُۥ شِهَابٌ ثَاقِبٌ ﴿١٠﴾ فَٱسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَم مَّنْ خَلَقْنَآ ۚ إِنَّا خَلَقْنَٰهُم مِّن طِينٍ لَّازِبِۭ ﴿١١﴾ بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ ﴿١٢﴾ وَإِذَا ذُكِّرُوا۟ لَا يَذْكُرُونَ ﴿١٣﴾} صدق الله العظيم [سُورَةُ الصَّافَّاتِ].
بل ونُعلَّم المُلحدون من آيات الله الكونيَّة بِما لم يكونوا يعلمون، ألا والله لأجعلنَّهم أمام خيارٍ واحدٍ لا ثاني له وهو أنَّهم سوف يجدون أن هذا القرآن العظيم حقًّا من لَدُن حكيمٍ عليمٍ، ونُعلّمهم بِحَلّ كافة الأسئلة الكونيَّة التي لم يجدوا لها جوابًا، ونُبَيِّن لهم كافة الحلقات المفقودة في علوم الكون والتَّكوين ونقول لهم: فأي آيات الله تُنكِرون؟ إلا جئناهم بسلطان العلم الفيزيائي المُبيِن من علوم الكتاب القرآن العظيم، كون بعث خليفة الله المهديّ ناصر محمد هو وعد الله لرسوله محمد أن يبعث خليفة الله المهديّ - وعد التَّحدي - بعلوم الفيزياء القرآنيَّة تصديقًا لقول الله تعالى:
{وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ لَسْتَ مُرْسَلًا ۚ قُلْ كَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيدَۢا بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُۥ عِلْمُ ٱلْكِتَٰبِ ﴿٤٣﴾} صدق الله العظيم [سُورَةُ الرَّعۡدِ].
وليس أنّي أُفسر القرآن كمثلكم بالظَّن من عند نفسي، كون الظَّن لا يغني من الحقّ شيئًا، بل نُبيّن القرآن بالقرآن فنجعل البيان كالبنيان المُحكَم المُصمَّم يشدُّ بعضه بعضًا، وأتحدى بالبيان لعقل كُلِّ إنسانٍ عاقلٍ يستخدم عقله بأنه حتمًا سوف يجد أن عقله تحيَّز إلى علم الإمام المهديّ ناصر محمد اليمانيّ، ويجد عقله أقتنع واستسلم وأسلم للحقّ تسليمًا - رغم أنف صاحبه - كون العقل خلقه الله مُبصِرًا إذا تمّ استخدامه؛ فإن العقل شديد المحال حتى ولو لم يؤيد الله القلب بنور البصيرة - بعد بنور هُدى الاتِّباع - فإن العقل بَصيرٌ لا يمكن أن يعمَى عن التَّمييز بين الحقّ والباطل، ولا يقبَل إلا ما كان منطقيًّا مقنعًا تصديقًا لقول الله تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا۟ فِى ٱلْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَآ أَوْ ءَاذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا ۖ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى ٱلْأَبْصَٰرُ وَلَٰكِن تَعْمَى ٱلْقُلُوبُ ٱلَّتِى فِى ٱلصُّدُورِ ﴿٤٦﴾} [سُورَةُ الحَجِّ].
أي: لا تعمى العقول إذا تمّ عرض المسألة عليها، ولكن العقل ليس له سلطان على صاحبه؛ بل مستشارٌ أمينٌ إذا ما استشرته، ثم يضع لك العقل فرضيات منطقيَّة، كون العقل لا يقبل غير المنطقيَّة، وأضرب لك على ذلك مثلًا:
تَفكير عقل صِهر عزيز مصر حين أخبرته زوجته أن يتدارك الفضيحة، كون أخته امرأة العزيز (رئيس مجلس الوزراء) حبست فتاها يوسف في الحبس الخاص بفتيان قصر عزيز مصر بحُجَّة أن فتاها يوسف راودها عن نفسها، وقالت: "فلو أن أختك طردت فتاها مِن القصر، وقالت لا بقاء له في قصر عزيز مصر وليذهب في حال سبيله فلا بقاء له في القصر لكان أقوَم وكانت برَّأت نفسها من الفضيحة كونه غير موثوقٍ فيه - حسب قولها أنه راودها عن نفسها - وينتهي الأمر بدلًا من الإصرار على حبسه؛ بل حبست يوسف بقميصه ليبقى بُرهانًا على أنه راودها عن نفسها وأنَّها دافعت عن اغتصابها - حسب ما سمعت - فتدارك تصرف أختك"، ثم قالت لزوجها:"فاقنع أختك تُطلِق يوسف يذهب في حال سبيله بدلًا من الفضايح، فماذا تستفيد من إبقاء يوسف في حبس قصر عزيز مصر؟" فقال لها زوجها الذي يستخدم عقله: "فهل قميص يوسف قُدَّ من قُبُلٍ أم مِن دُبُرٍ؟" فقالت: "لا أعلَم وفقط سمعت أنَّها حبست يوسف وأبقته بقميصه كإدانةٍ عليه ولم تتركه يُغَيِّر قميصه بقميصٍ آخَر"، ثم أطرق زوجها في التفكير قليلًا ليعرض المسألة على عقله، فأجاب عليه عقله فقال لصاحبه: "فهل يقبل المنطق أن قميص يوسف قُدَّ من دُبُرٍ من وراء ظهره لو كان يوسف يحاول أن يغتصب أختك امرأة عزيز مصر؟ وحتمًا يرفض العقل هذا الإتهام كونه غير منطقيّ، فلو كان يحاول اغتصابها لقدَّت قميصه من قُبُلٍ كونها تدافع عن نفسها، وأما أن يكون قميص يوسف قُدَّ من دُبُرٍ فهذا يعنى أن يوسف كان يجري هاربًا من امرأة العزيز التي راودته عن نفسه وأغلقت الأبواب وقالت: "هيت لك" فكاد يضعف أمام إغرائها وجمالها ثم قَرَّر يوسف الهرب لفتح الباب فانطلقت وراءه جريًا فمسكته؛ فقدّت قميصه (فشدت قميصه) من الخلف لتمسكه قبل أن يفتح الباب فيهرب، وحتمًا لن يُقَدّ القميص إلا بسبب معركةِ اغتصابٍ أو هروبٍ جريًا ومطاردة".
فهكذا أجاب عقل الرجل؛ فوضع لصاحبه فرضيتين لا ثالث لهما، ولذلك حكم الرجل بشهادة الغيب بالعقل والمنطق، كون هذا الشاهد من أهلها غير موجود أثناء المعركة؛ فهو غير موجود لدى أخته وإنَّما بشهادة العقل والمنطق، ثم حَكَم من غير ظلم بوضع فرضيتين فقال: {إِن كَانَ قَمِيصُهُۥ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ ٱلْكَٰذِبِينَ ﴿٢٦﴾ وَإِن كَانَ قَمِيصُهُۥ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ ٱلصَّٰدِقِينَ ﴿٢٧﴾}. صدق الله العظيم [سورة يوسف].
ولكن الفرضيَّات المنطقيَّة التي استنتجها العقل يلزمها التطبيق على الواقع الحقيقي لتصديق ما حكم به العقل المُبصِر للحقّ حتى ينطق بشهادته العلميَّة العقليَّة المنطقيَّة، فمن ثم لينظر أيهما راود الآخر عن نفسه، فوصل إلى قصر صهره عزيز مصر، وانطلق نحو السجن الخاص بالقَصر لينظر إلى يوسف وقميصه، فشاهَد أن قميص يوسف قُدَّ من دُبُرٍ، ثُم عَلِمَ عِلْمَ اليقين أن يوسف بريءٌ؛ بل أخته امرأة عزيز مصر هي من راودت يوسف عن نفسه، فأخَذ يوسف بصمتٍ، فأرجَعه الجِناح المَلَكيّ عند أخته كونه وثَق في يوسف ثِقة مُطلَقة، فقال لأخته: "على غيري، فليس أخاك كمثل زوجك الذي لم يستخدم عقله، فلو كان يوسف راودك عن نفسك لَما قُدَّ قميصه من دُبُرٍ، إذًا لو كنتِ من الصادقين لقُدَّ قميصه من قُبُلٍ، فاستغفري لذنبك إنَّكِ كنتِ من الخاطئين" فصمتت المرأة ونكست برأسها إلى الأرض من الحياء مِن أخيها، ثم قال ليوسف: "عُد إلى جناحك كما كنت تسكن فيه مِن قبل، وأعرِض عن ذِكر ما حدث فلا تجادل عن نفسك؛ فإذا سألك أحدٌ فلا تُجبه فقد أرجعتك لجناحك لدى أختي وهو إثبات لبرائتك، فأعرِض عن هذا فلا تَخُض فيما حدث، وأعرض عن الكلام فيما صار"، وقال لأخته: "استغفري لذنبك إنَّك كنتِ من الخاطئين"، ثم ذهب لصهره عزيز مصر فأخبره أن يوسف بريءٌ وألقى بشهادة العقل والمنطق المُصَدِّق على الواقع الحقيقي وأن البُرهان الذي كانت تظنه إدانةً على يوسف أصبح بُرهانًا لبراءة يوسف، فصَبَر الوزير على افتراء زوجته وغَفَر.
فانظروا للعقل الذي لا يعمَى عن الحقّ إذا تمّ عرض المسألة على العقل للتفكُّر، ولكن العقل يضع فرضيَّات منطقيَّة ثم يتمُّ التَّأكد؛ أي: الفرضيات جاءت موافقة حقًّا على الواقع الحقيقي.
فلا ولن يُفَصَّل البيان الحقّ للقرآن كمثل تَفصيل مَن علَّمهُ الله البيان الحقّ للقرآن العظيم، فمَن يبحث عن الهُدَى في غير البيان للقرآن بالقرآن فيتوه وراء الخُزعبلات التي ما أنزل الله بها من سلطان وأضله الله؛ فبأي حديثٍ بعده يؤمنون؟! فالحكم لله خيرُ الفاصلين.
وسلامٌ على المُرسَلين والحَمدُ لله ربِّ العالَمين..
خليفة الله على العالَمين الإمام المهديّ
ناصِر مُحَمَّد اليَمانيّ.
_______
01 - رجب - 1447 هـ
21 - 12 - 2025 مـ
12:34 مساءً
(بحسب التَّقويم الرّسميّ لأم القُرى)
[لمتابعة رابط المشاركة الأصلية للبيان]
https://mahdialumma.xyz/showthread.php?p=489961
_________
فَمَن يَبحَثُ عن الهُدَى في غير البيان الحَقِّ للقرآنِ بالقرآنِ أضللهُ الله؛ فماذا بَعد الحَقّ إلَّا الضَّلال؟ فبأي حديثٍ بعد الله وآياته يُؤمنون؟! وجاء يَوم الفَتح، فويلٌ يَومئِذٍ للمُكَذِّبين ..
يا الله، فهل تنزَّل مع خليفتك الأول (آدم) كتاب شرائع الفِقه في الدَّين لتناسُل ذُريَّة آدم وغيرها مِمَّا شُرع في دين الله الإسلام في المسائل الفقهيَّة؟
والجواب: قال الله تعالى: {قَالَ ٱهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعَۢا ۖ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّى هُدًى فَمَنِ ٱتَّبَعَ هُدَاىَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ ﴿١٢٣﴾ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِى فَإِنَّ لَهُۥ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُۥ يَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ أَعْمَىٰ ﴿١٢٤﴾ قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِىٓ أَعْمَىٰ وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا ﴿١٢٥﴾ قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتْكَ ءَايَٰتُنَا فَنَسِيتَهَا ۖ وَكَذَٰلِكَ ٱلْيَوْمَ تُنسَىٰ ﴿١٢٦﴾ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِى مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنۢ بِـَٔايَٰتِ رَبِّهِۦ ۚ وَلَعَذَابُ ٱلْـَٔاخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَىٰٓ ﴿١٢٧﴾} صدق الله العظيم [سُورَةُ طه].
كون آدم وحواء وذريَّتهم في ظَهر آدم - الذريَّة المنويَّة المُخلَّقَة - كُلهم خلقهم الله على الفطرة مؤمنين بالله ربِّ العالَمين لا يشركون به شيئًا مِن غير رسولٍ إليهم من ربّهم؛ بل فطرة الله التي فَطر الناس عليها (لا إله إلا الله وحده لا شريك له) شاهدين على أنفسهم بأن الله وحده ربهم منذ يوم خلقهم من تراب؛ ذريات منويَّة مع أبيهم آدم كلهم من تراب، وكل كائنٍ منويّ له ذريَّة، ألا وإن ذرية الكائن المُخلَّق المنويّ له ذريَّة تختص به،ولم يكتشف العِلم ذلك بعد، وحتى الآن مبلغهم من العلم الكائنات المنويَّة، ولكن لم يكتشفوا بَعد ذُريَّة الكائن المنويّ لصغر حجمه وذريَّة ذريَّته، كون كُلّ كائنٍ منويّ له ذريَّة في ظهره، وكل ذريَّة هي أصغر من أختها في ذات الحجم وفي عُمر الكائن الافتراضي لو تعمَّر، وكانت الأُمم الأولى التي على مقربةٍ من آدم هي من أكبر الأُمم حجمًا وأطولهم عمرًا لِمَن تعمّر منهم؛ والبرهان المبين تجدونه في عمر نبي الله نوح وقومه؛ فزمن دعوته فيهم حتى أخذهم الطوفان ألف سنة إلا خمسين عامًا، ونستنبط من ذلك أحجام الأُمم الأولى من ذريَّة آدم في ضخامة طول خلقهم وطول أعمارهم، وقال الله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنۢ بَنِىٓ ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا۟ بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَآ ۛ أَن تَقُولُوا۟ يَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَٰفِلِينَ ﴿١٧٢﴾ أَوْ تَقُولُوٓا۟ إِنَّمَآ أَشْرَكَ ءَابَآؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّنۢ بَعْدِهِمْ ۖ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ ٱلْمُبْطِلُونَ ﴿١٧٣﴾}صدق الله العظيم. [سُورَةُ الأَعۡرَافِ]
ونقول: يا الله، فهل عَلَّمتهم بالشرائع الفقهيَّة في دينهم أم فقط ألهمتهم أنَّك خلقتهم ليعبدوك وحدك لا شريك لك ولم تؤتهم بعد كتاب الشرائع في الحلال والحرام؟
والجواب من محكم الكتاب القرآن العظيم: قال الله تعالى: {قَالَ ٱهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعَۢا ۖ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّى هُدًى فَمَنِ ٱتَّبَعَ هُدَاىَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ ﴿١٢٣﴾} صدق الله العظيم [سُورَةُ طه].
وقال الله تعالى: {قُلْنَا ٱهْبِطُوا۟ مِنْهَا جَمِيعًا ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّى هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَاىَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴿٣٨﴾ وَٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ وَكَذَّبُوا۟ بِـَٔايَٰتِنَآ أُو۟لَٰٓئِكَ أَصْحَٰبُ ٱلنَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَٰلِدُونَ ﴿٣٩﴾} صدق الله العظيم [سُورَةُ البَقَرَةِ].
إذًا السؤال الموجَّه لله ربِّ العالمين: فمَن أوَّل رسول أرسلته يا الله بكتاب ما شرعته لنا في الدين في المسائل الفقهيَّة فيما أُحِل لَنا وما حُرِّم علينا؟
والجواب من محكم الكتاب القرآن العظيم: قال الله تعالى: {۞ شَرَعَ لَكُم مِّنَ ٱلدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِۦ نُوحًا وَٱلَّذِىٓ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِۦٓ إِبْرَٰهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰٓ ۖ أَنْ أَقِيمُوا۟ ٱلدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا۟ فِيهِ ۚ كَبُرَ عَلَى ٱلْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ ۚ ٱللَّهُ يَجْتَبِىٓ إِلَيْهِ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِىٓ إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ ﴿١٣﴾ وَمَا تَفَرَّقُوٓا۟ إِلَّا مِنۢ بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلْعِلْمُ بَغْيَۢا بَيْنَهُمْ ۚ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ إِلَىٰٓ أَجَلٍ مُّسَمًّى لَّقُضِىَ بَيْنَهُمْ ۚ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ أُورِثُوا۟ ٱلْكِتَٰبَ مِنۢ بَعْدِهِمْ لَفِى شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ ﴿١٤﴾ فَلِذَٰلِكَ فَٱدْعُ ۖ وَٱسْتَقِمْ كَمَآ أُمِرْتَ ۖ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَآءَهُمْ ۖ وَقُلْ ءَامَنتُ بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ مِن كِتَٰبٍ ۖ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ ۖ ٱللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ ۖ لَنَآ أَعْمَٰلُنَا وَلَكُمْ أَعْمَٰلُكُمْ ۖ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ ۖ ٱللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا ۖ وَإِلَيْهِ ٱلْمَصِيرُ ﴿١٥﴾} صدق الله العظيم [سُورَةُ الشُّورَىٰ].
ثم نقول: يا الله، فهل مِن بعد التكاثر في ذريَّة آدم نزل التشريع الفقهيّ بتحريم الزواج مِن المحارم في أوَّل رسالة تشريعيَّة جاء بها أول رُسُل الكتاب أي منذ أوّل رسول بشرائع الدين في مسائل الحلال والحرام الفقهيَّة؟
والجواب: قال الله تعالى: {وَلَا تَنكِحُوا۟ مَا نَكَحَ ءَابَآؤُكُم مِّنَ ٱلنِّسَآءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ۚ إِنَّهُۥ كَانَ فَٰحِشَةً وَمَقْتًا وَسَآءَ سَبِيلًا ﴿٢٢﴾ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَٰتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَٰتُكُمْ وَعَمَّٰتُكُمْ وَخَٰلَٰتُكُمْ وَبَنَاتُ ٱلْأَخِ وَبَنَاتُ ٱلْأُخْتِ وَأُمَّهَٰتُكُمُ ٱلَّٰتِىٓ أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَٰتُكُم مِّنَ ٱلرَّضَٰعَةِ وَأُمَّهَٰتُ نِسَآئِكُمْ وَرَبَٰٓئِبُكُمُ ٱلَّٰتِى فِى حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ ٱلَّٰتِى دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُوا۟ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَٰٓئِلُ أَبْنَآئِكُمُ ٱلَّذِينَ مِنْ أَصْلَٰبِكُمْ وَأَن تَجْمَعُوا۟ بَيْنَ ٱلْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا ﴿٢٣﴾} صدق الله العظيم [سُورَةُ النِّسَاءِ].
إذًا يا الله، فهذا التشريع في الدين في القرآن العظيم هو نفس ما أنزلته على رسول الله نوح تصديقًا لقول الله تعالى: {۞ إِنَّآ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ كَمَآ أَوْحَيْنَآ إِلَىٰ نُوحٍ وَٱلنَّبِيِّـۧنَ مِنۢ بَعْدِهِۦ ۚ وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰٓ إِبْرَٰهِيمَ وَإِسْمَٰعِيلَ وَإِسْحَٰقَ وَيَعْقُوبَ وَٱلْأَسْبَاطِ وَعِيسَىٰ وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَٰرُونَ وَسُلَيْمَٰنَ ۚ وَءَاتَيْنَا دَاوُۥدَ زَبُورًا ﴿١٦٣﴾} صدق الله العظيم [سُورَةُ النِّسَاءِ]، وتصديقًا لقول الله تعالى: {۞ شَرَعَ لَكُم مِّنَ ٱلدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِۦ نُوحًا وَٱلَّذِىٓ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِۦٓ إِبْرَٰهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰٓ ۖ أَنْ أَقِيمُوا۟ ٱلدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا۟ فِيهِ ۚ كَبُرَ عَلَى ٱلْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ ۚ ٱللَّهُ يَجْتَبِىٓ إِلَيْهِ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِىٓ إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ ﴿١٣﴾} [سُورَةُ الشُّورَىٰ].
إذًا فهذا يعني أن ذريَّة آدم على أبوين اثنين؛ أبونا آدم وأمنا حواء تصديقًا لقول الله تعالى: {يَٰبَنِىٓ ءَادَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ ٱلشَّيْطَٰنُ كَمَآ أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ ٱلْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَٰتِهِمَآ ۗ إِنَّهُۥ يَرَىٰكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُۥ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ ۗ إِنَّا جَعَلْنَا ٱلشَّيَٰطِينَ أَوْلِيَآءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ﴿٢٧﴾}[سُورَةُ الأَعۡرَافِ].
وقال الله تعالى: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُوا۟ رَبَّكُمُ ٱلَّذِى خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَٰحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَآءً ۚ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ ٱلَّذِى تَسَآءَلُونَ بِهِۦ وَٱلْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴿١﴾} صدق الله العظيم [سُورَةُ النِّسَاءِ].
ويا أيها المُجادل، أقسم بالله الواحد القهَّار إنك لا ولن تستطيع أن تأتي لنا ببرهانٍ واحدٍ فقط من القرآن العظيم لا من مُحكمه ولا من مُتشابهه؛ فلا ولن تستطيع أن تأتي ببرهانٍ من الله في القرآن العظيم فتُثبت أن الله خلق زوجاتٍ لبني آدم لسن من نسل آدم وزوجته، فلن تستطيع حتى تخرق الأرض أو تبلغ الجبال طولًا، وما قلته لك قبل ما يزيد عن عشر سنوات أقوله لك اليوم أم تبحث عن الشهرة؟ فبئس الشهرة التعمّد في الجدل في دين الله بغير علمٍ ولا هُدًى ولا كتابٍ منير، فلا أجد أصلًا ذُريَّة آدم إلا من آدم (من نفسٍ واحدةٍ)، وخلق منها زوجها وبَثّ منهما رجالًا كثيرًا ونساءً تصديقًا لقول الله تعالى: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُوا۟ رَبَّكُمُ ٱلَّذِى خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَٰحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَآءً ۚ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ ٱلَّذِى تَسَآءَلُونَ بِهِۦ وَٱلْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴿١﴾} صدق الله العظيم [سُورَةُ النِّسَاءِ].
فهل زوجتك ليست من ذرية آدَم؟! وأتحداك أن تنكرها فتقول أنها ليست من ذرية آدم وحواء، كون أزواجنا نساء بشر مِن أنفسنا وليس من نسل جنسٍ آخر تصديقًا لقول الله تعالى: {وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَٰجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَٰجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ ۚ أَفَبِٱلْبَٰطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ ٱللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ ﴿٧٢﴾} صدق الله العظيم [سُورَةُ النَّحۡلِ].
فكيف تريد أن يثبّتك الله على الصراط المستقيم وأنت تريد أن يجعلك الله أعلَم من الإمام المهديّ ناصر محمد اليمانيّ؟ فلو تكون أعلم من خليفة الله الخاتم في شيءٍ فهنا يختلّ تحدي الله ببعث الإمام المهديّ ناصر محمد الذَّي يؤتيه الله عِلم الكتاب الذي تنزَّل على خاتم الأنبياء والمُرسَلين، فاعلم يا أيها المُجادل أن بعث خليفة الله (الإمام المهديّ ناصر محمد) هو وعد تحدي من ربِّ العالمين، فلا يجادلهُ أحدٌ من القرآن إلا غلبه خليفة الله (الإمام المهديّ ناصر محمد) الإنسان الذي مُعلمه الرَّحمن، علَّمهُ البيان الشامل للقرآن العظيم، فلا يجادلني أحدٌ من القرآن إلَّا غلبته؛ بل ألجم بسلطان علمٍ مُحكمٍ القرآن العظيم سواء المؤمنين أو المُكَذِّبين والمُلحدين، حتى ولو مَن يجادلني كافرٌ مُنكر وجود الرَّحمن وكافِر بقرآنه إلَّا غلبته مِن القرآن العظيم مَهما كان مُجحدًا به وملحدًا بالله العظيم ومُكذبًا بالقرآن الكريم إلَّا وألجمته من القرآن العظيم إلجامًا، كوني سوف ألجمهُ من الآيات التي تخص إقامة الحُجَّة السَّاحقة الدامغة على المُلحدين المُنكرين لوجود الله ربِّ العالمين، فمن ثم يتمُّ الاتفاق بيني وبينهم على قاعدةٍ فيزيائيَّةٍ: إن لِكُلِّ فِعل فاعل. فتلك قاعدةٌ فيزيائيَّةٌ لا جدال فيها بين اثنين سواء يكونوا علماء أم أُميِّين لا يقرأون ولا يكتبون؛ فلا جدال بين اثنين أنّ لكل فعل فاعل تصديقًا لقول الله تعالى: {أَمْ خُلِقُوا۟ مِنْ غَيْرِ شَىْءٍ أَمْ هُمُ ٱلْخَٰلِقُونَ ﴿٣٥﴾ أَمْ خَلَقُوا۟ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضَ ۚ بَل لَّا يُوقِنُونَ ﴿٣٦﴾ أَمْ عِندَهُمْ خَزَآئِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ ٱلْمُصَۣيْطِرُونَ ﴿٣٧﴾} صدق الله العظيم [سُورَةُ الطُّورِ].
ثم أُجبِر عقولهم أن تكون معي إلى جانِب الحقّ من ربّهم، كون الله جعل وجود الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره، كون وجود الإنسان من براهين وجود الرَّحمن، كون عقولهم حتمًا سوف ترفض أنَّهم خُلِقوا من غير شيءٍ ما خلقهم؛ بل عقولهم حتمًا سوف تعترف وتُقِر أنه لا بُد من وجود شيءٍ ما خلقهم، وكذلك تُنكِر عليهم أنَّهم الذين خَلَقوا أنفسهم، وكذلك عقولهم سوف تُنكِر أنَّهم الذين خلقوا السماوات والأرض، وكذلك تُنكر عقولهم أنَّهم المُسيطرون على السماوات والأرض أو المُسيطرون على حركة الشمس والقمر والأرض؛ تصديقًا لقول الله تعالى: {أَمْ خُلِقُوا۟ مِنْ غَيْرِ شَىْءٍ أَمْ هُمُ ٱلْخَٰلِقُونَ ﴿٣٥﴾ أَمْ خَلَقُوا۟ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضَ ۚ بَل لَّا يُوقِنُونَ ﴿٣٦﴾ أَمْ عِندَهُمْ خَزَآئِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ ٱلْمُصَۣيْطِرُونَ ﴿٣٧﴾} [سُورَةُ الطُّورِ].
وتصديقًا لقول الله تعالى: {خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ۖ وَأَلْقَىٰ فِى ٱلْأَرْضِ رَوَٰسِىَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ ۚ وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَنۢبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ ﴿١٠﴾ هَٰذَا خَلْقُ ٱللَّهِ فَأَرُونِى مَاذَا خَلَقَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِۦ ۚ بَلِ ٱلظَّٰلِمُونَ فِى ضَلَٰلٍ مُّبِينٍ ﴿١١﴾} صدق الله العظيم [سُورَةُ لُقۡمَانَ].
ثم نُعَلِّمهم بترتيب الخَلق بأن الأرض التي تعيشون عليها تكوّنت قبل السماوات، والسماوات تكوّنت قبل تكوّن زينتها (النجوم المُضيئة) تصديقًا لقول الله تعالى: {وَلَقَدْ زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا بِمَصَٰبِيحَ وَجَعَلْنَٰهَا رُجُومًا لِّلشَّيَٰطِينِ ۖ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ ٱلسَّعِيرِ ﴿٥﴾ وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا۟ بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ ۖ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ ﴿٦﴾} صدق الله العظيم [سُورَةُ المُلۡكِ].
فهل يعقل أن يُكوّن زينة السماوات بالنجوم قبل تُكوَّن السماوات ذاتها؟! والجواب في محكم الكتاب: قال الله تعالى:{إِنَّا زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا بِزِينَةٍ ٱلْكَوَاكِبِ ﴿٦﴾ وَحِفْظًا مِّن كُلِّ شَيْطَٰنٍ مَّارِدٍ ﴿٧﴾ لَّا يَسَّمَّعُونَ إِلَى ٱلْمَلَإِ ٱلْأَعْلَىٰ وَيُقْذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِبٍ ﴿٨﴾ دُحُورًا ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ ﴿٩﴾ إِلَّا مَنْ خَطِفَ ٱلْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُۥ شِهَابٌ ثَاقِبٌ ﴿١٠﴾ فَٱسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَم مَّنْ خَلَقْنَآ ۚ إِنَّا خَلَقْنَٰهُم مِّن طِينٍ لَّازِبِۭ ﴿١١﴾ بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ ﴿١٢﴾ وَإِذَا ذُكِّرُوا۟ لَا يَذْكُرُونَ ﴿١٣﴾} صدق الله العظيم [سُورَةُ الصَّافَّاتِ].
بل ونُعلَّم المُلحدون من آيات الله الكونيَّة بِما لم يكونوا يعلمون، ألا والله لأجعلنَّهم أمام خيارٍ واحدٍ لا ثاني له وهو أنَّهم سوف يجدون أن هذا القرآن العظيم حقًّا من لَدُن حكيمٍ عليمٍ، ونُعلّمهم بِحَلّ كافة الأسئلة الكونيَّة التي لم يجدوا لها جوابًا، ونُبَيِّن لهم كافة الحلقات المفقودة في علوم الكون والتَّكوين ونقول لهم: فأي آيات الله تُنكِرون؟ إلا جئناهم بسلطان العلم الفيزيائي المُبيِن من علوم الكتاب القرآن العظيم، كون بعث خليفة الله المهديّ ناصر محمد هو وعد الله لرسوله محمد أن يبعث خليفة الله المهديّ - وعد التَّحدي - بعلوم الفيزياء القرآنيَّة تصديقًا لقول الله تعالى:
{وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ لَسْتَ مُرْسَلًا ۚ قُلْ كَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيدَۢا بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُۥ عِلْمُ ٱلْكِتَٰبِ ﴿٤٣﴾} صدق الله العظيم [سُورَةُ الرَّعۡدِ].
وليس أنّي أُفسر القرآن كمثلكم بالظَّن من عند نفسي، كون الظَّن لا يغني من الحقّ شيئًا، بل نُبيّن القرآن بالقرآن فنجعل البيان كالبنيان المُحكَم المُصمَّم يشدُّ بعضه بعضًا، وأتحدى بالبيان لعقل كُلِّ إنسانٍ عاقلٍ يستخدم عقله بأنه حتمًا سوف يجد أن عقله تحيَّز إلى علم الإمام المهديّ ناصر محمد اليمانيّ، ويجد عقله أقتنع واستسلم وأسلم للحقّ تسليمًا - رغم أنف صاحبه - كون العقل خلقه الله مُبصِرًا إذا تمّ استخدامه؛ فإن العقل شديد المحال حتى ولو لم يؤيد الله القلب بنور البصيرة - بعد بنور هُدى الاتِّباع - فإن العقل بَصيرٌ لا يمكن أن يعمَى عن التَّمييز بين الحقّ والباطل، ولا يقبَل إلا ما كان منطقيًّا مقنعًا تصديقًا لقول الله تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا۟ فِى ٱلْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَآ أَوْ ءَاذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا ۖ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى ٱلْأَبْصَٰرُ وَلَٰكِن تَعْمَى ٱلْقُلُوبُ ٱلَّتِى فِى ٱلصُّدُورِ ﴿٤٦﴾} [سُورَةُ الحَجِّ].
أي: لا تعمى العقول إذا تمّ عرض المسألة عليها، ولكن العقل ليس له سلطان على صاحبه؛ بل مستشارٌ أمينٌ إذا ما استشرته، ثم يضع لك العقل فرضيات منطقيَّة، كون العقل لا يقبل غير المنطقيَّة، وأضرب لك على ذلك مثلًا:
تَفكير عقل صِهر عزيز مصر حين أخبرته زوجته أن يتدارك الفضيحة، كون أخته امرأة العزيز (رئيس مجلس الوزراء) حبست فتاها يوسف في الحبس الخاص بفتيان قصر عزيز مصر بحُجَّة أن فتاها يوسف راودها عن نفسها، وقالت: "فلو أن أختك طردت فتاها مِن القصر، وقالت لا بقاء له في قصر عزيز مصر وليذهب في حال سبيله فلا بقاء له في القصر لكان أقوَم وكانت برَّأت نفسها من الفضيحة كونه غير موثوقٍ فيه - حسب قولها أنه راودها عن نفسها - وينتهي الأمر بدلًا من الإصرار على حبسه؛ بل حبست يوسف بقميصه ليبقى بُرهانًا على أنه راودها عن نفسها وأنَّها دافعت عن اغتصابها - حسب ما سمعت - فتدارك تصرف أختك"، ثم قالت لزوجها:"فاقنع أختك تُطلِق يوسف يذهب في حال سبيله بدلًا من الفضايح، فماذا تستفيد من إبقاء يوسف في حبس قصر عزيز مصر؟" فقال لها زوجها الذي يستخدم عقله: "فهل قميص يوسف قُدَّ من قُبُلٍ أم مِن دُبُرٍ؟" فقالت: "لا أعلَم وفقط سمعت أنَّها حبست يوسف وأبقته بقميصه كإدانةٍ عليه ولم تتركه يُغَيِّر قميصه بقميصٍ آخَر"، ثم أطرق زوجها في التفكير قليلًا ليعرض المسألة على عقله، فأجاب عليه عقله فقال لصاحبه: "فهل يقبل المنطق أن قميص يوسف قُدَّ من دُبُرٍ من وراء ظهره لو كان يوسف يحاول أن يغتصب أختك امرأة عزيز مصر؟ وحتمًا يرفض العقل هذا الإتهام كونه غير منطقيّ، فلو كان يحاول اغتصابها لقدَّت قميصه من قُبُلٍ كونها تدافع عن نفسها، وأما أن يكون قميص يوسف قُدَّ من دُبُرٍ فهذا يعنى أن يوسف كان يجري هاربًا من امرأة العزيز التي راودته عن نفسه وأغلقت الأبواب وقالت: "هيت لك" فكاد يضعف أمام إغرائها وجمالها ثم قَرَّر يوسف الهرب لفتح الباب فانطلقت وراءه جريًا فمسكته؛ فقدّت قميصه (فشدت قميصه) من الخلف لتمسكه قبل أن يفتح الباب فيهرب، وحتمًا لن يُقَدّ القميص إلا بسبب معركةِ اغتصابٍ أو هروبٍ جريًا ومطاردة".
فهكذا أجاب عقل الرجل؛ فوضع لصاحبه فرضيتين لا ثالث لهما، ولذلك حكم الرجل بشهادة الغيب بالعقل والمنطق، كون هذا الشاهد من أهلها غير موجود أثناء المعركة؛ فهو غير موجود لدى أخته وإنَّما بشهادة العقل والمنطق، ثم حَكَم من غير ظلم بوضع فرضيتين فقال: {إِن كَانَ قَمِيصُهُۥ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ ٱلْكَٰذِبِينَ ﴿٢٦﴾ وَإِن كَانَ قَمِيصُهُۥ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ ٱلصَّٰدِقِينَ ﴿٢٧﴾}. صدق الله العظيم [سورة يوسف].
ولكن الفرضيَّات المنطقيَّة التي استنتجها العقل يلزمها التطبيق على الواقع الحقيقي لتصديق ما حكم به العقل المُبصِر للحقّ حتى ينطق بشهادته العلميَّة العقليَّة المنطقيَّة، فمن ثم لينظر أيهما راود الآخر عن نفسه، فوصل إلى قصر صهره عزيز مصر، وانطلق نحو السجن الخاص بالقَصر لينظر إلى يوسف وقميصه، فشاهَد أن قميص يوسف قُدَّ من دُبُرٍ، ثُم عَلِمَ عِلْمَ اليقين أن يوسف بريءٌ؛ بل أخته امرأة عزيز مصر هي من راودت يوسف عن نفسه، فأخَذ يوسف بصمتٍ، فأرجَعه الجِناح المَلَكيّ عند أخته كونه وثَق في يوسف ثِقة مُطلَقة، فقال لأخته: "على غيري، فليس أخاك كمثل زوجك الذي لم يستخدم عقله، فلو كان يوسف راودك عن نفسك لَما قُدَّ قميصه من دُبُرٍ، إذًا لو كنتِ من الصادقين لقُدَّ قميصه من قُبُلٍ، فاستغفري لذنبك إنَّكِ كنتِ من الخاطئين" فصمتت المرأة ونكست برأسها إلى الأرض من الحياء مِن أخيها، ثم قال ليوسف: "عُد إلى جناحك كما كنت تسكن فيه مِن قبل، وأعرِض عن ذِكر ما حدث فلا تجادل عن نفسك؛ فإذا سألك أحدٌ فلا تُجبه فقد أرجعتك لجناحك لدى أختي وهو إثبات لبرائتك، فأعرِض عن هذا فلا تَخُض فيما حدث، وأعرض عن الكلام فيما صار"، وقال لأخته: "استغفري لذنبك إنَّك كنتِ من الخاطئين"، ثم ذهب لصهره عزيز مصر فأخبره أن يوسف بريءٌ وألقى بشهادة العقل والمنطق المُصَدِّق على الواقع الحقيقي وأن البُرهان الذي كانت تظنه إدانةً على يوسف أصبح بُرهانًا لبراءة يوسف، فصَبَر الوزير على افتراء زوجته وغَفَر.
فانظروا للعقل الذي لا يعمَى عن الحقّ إذا تمّ عرض المسألة على العقل للتفكُّر، ولكن العقل يضع فرضيَّات منطقيَّة ثم يتمُّ التَّأكد؛ أي: الفرضيات جاءت موافقة حقًّا على الواقع الحقيقي.
فلا ولن يُفَصَّل البيان الحقّ للقرآن كمثل تَفصيل مَن علَّمهُ الله البيان الحقّ للقرآن العظيم، فمَن يبحث عن الهُدَى في غير البيان للقرآن بالقرآن فيتوه وراء الخُزعبلات التي ما أنزل الله بها من سلطان وأضله الله؛ فبأي حديثٍ بعده يؤمنون؟! فالحكم لله خيرُ الفاصلين.
وسلامٌ على المُرسَلين والحَمدُ لله ربِّ العالَمين..
خليفة الله على العالَمين الإمام المهديّ
ناصِر مُحَمَّد اليَمانيّ.
_______